لقد إرتبطت الزينة بكل الأديان و ذلك من حيث
وحدانية المصدر، فجل ما أمر به الإسلام قد ورد
في سابقه من الأديان، و لكن هنا بالظبط يأتي
قائل و يقول ما تفسير الاختلاف الحاصل بين
المسلمين و غيرهم من حيث الزينة؟
إن الجواب عن هذا السؤال كامن في الاختلاف
الحاصل بين المسلمين في الحاضر و المسلمين في
الماضي، فمن حيث أن الثوراة و الإنجيل هما قبل
القرآن يمكننا القيام بإسقاط عبر الزمن فنجعل بذلك
مسلمي اليوم مكان المسلمين الأولين و اليهود
والنصارى كمسلمي اليوم، و بالتالي فإن تفسير
اﻻختلاف بين المسلمين و غيرهم هو نفسه تفسير
الختلاف الحاصل بين المسلمين أنفسهم ، الأولين
و الآخرين، أي أن كل هذا التفاوت راجع بالأساس
إلى الفارق الزمني بين الديانات، و ذلك من حيث أن
كل أهل دين يأخذون في الابتعاد عنه جيلا بعد جيل،
و بما أن الدين الإسلامي الحنيف هو آخر الديانات
السماوية فقد كان إذن أمام غير المسلمين وقت أطول
لتغيير أكثر، وليس المقصود بكل هذا أن حال اليهود والنصارى اليوم هو ما سيؤول إليه حال المسلمين
مستقبلاً، و ذلك بناء على اختلاف آخر يعود بالأساس
إلى تحريف الكتب الدينية، فأي أمة تم تحريف كتابها
هي أكثر عرضة لظياع شامل لكل الواجبات الدنية،
فيحلل الحرام ويحرم الحلال حسب أهواء رجال الدين
و بالتالي فقد زاغت اليهود والنصارى بسرعة عن
الطريق و نسأل الله العلي القدير أن يحفظنا في ديننا
الذي هو عصمة أمرنا و منبع أخلاقنا، و لذلك تعالوا
بنا لنعود بالزمن قليلا إلى الوراء في التسعينات و
مطلع القرن الواحد والعشرين و ننظر قليلا إلى حال
اليهود، فقد كان جزء من نسائهم يغطين شعرهن،
ولكنهن يتركن الشعر الأمامي عاريا و جزء آخر ممن
لا يغطينه، و إذا نظرنا جيدا إلى حال المسلمين الآن
مثلا في المغرب فإننا نجد ما وجد عند اليهود غير أنه
و لله الحمد ما تزال الكثير من بناتنا يغطين شعرهن
سواء بالفولار أو بالحجاب، و هذا من فضل الله علينا
فلم يحرف كتابنا رغم المحاولات و بذلك فرغم انحراف
البعض فباب التوبة قريب عكس الدين هم في ظلال
ويحسبون أنهم يحسنون عملا، و أسأل الله العلي
القدير أن يرد بي و بكم إلى طريقه المستقيم وإنا
لنضيع كثيرا.
إن حكم الزينة في الدين أنها واجبة مصداق لقوله
عز و جل "يا بني آدم خدوا زينتكم عند كل مسجد" و كذلك من حيث أن الزينة هي ما يجعل الإنسان
يبدو في أحسن صورة، و إن الله جميل يحب الجمال،
غير أن الشرع وضع قواعد محددة للتزين فحرم كل
لباس غير ساتر للعورة...و ككل ما أمر به الله
تعالى فقد جعل للمستجبين جزاء حسنا و للتاركين
عقابا. إنه استنادًا على هذا الجانب الديني في حياة
الإنسان يبدو أن المنطق هو أن تتبع زينة الأشخاص
للكيفية التي حددها الدين رغبة في حسن الجزاء،
ولكن الأمر يظهر بشكل مختلف فكما سلف الذكر
إننا اليوم نرى أشكالا متعددة في الحلاقة و اللباس،
و التي لا تطابق الوصف الديني في شيء بل إنها
تعارضه و هنا يختل المنطق، و بالتالي فمنطق
الزينة لا يتحدد فقط استنادا إلى الدين، و لكن لندع
هذا جانبا ولنرى كيف يؤثر الجانب الديني في هذا
المنطق، و من تم فلابد لنا من دراسة لباس و
تزين الأشخاص الأكثر تدينا والأكثر مطابقة للوصف
الديني، وبالتالي نحدد مدى تأثير الدين في زينتهم،
و ذلك ﻷن الأمر المنطقي عند هؤلاء هو مطابقتهم
لدينهم، و بما أن هذا لا يتحقق إلا عند البعض فإننا
مرة أخرى نجد أنفسنا في حاجة إلى البحث عن
مؤثرات أخرى، و في نفس الوقت يتأكد لنا مدى
تعقيد هذا الأمر، إذن فما الذي يحدد منطق الزينة
إلى جانب الدين؟
أنت تقرأ
منطق الزينة
No Ficciónلطالما تساءلت عن الجمال و كيفية تحقيقه أو بصيغة أخرى الزينة، ولطالما لاحظت فرقا بين أناس قد مر عليهم الدهر و آخرومن يعيشون اليوم.فأردت أن أشارك في الموضوع برأيي من خلال هذا الكتاب و هو بالمناسبة كتابي الأول. فيه سأتطرق إن شاء الله إلى محاولة شرح هذا...