دخلت قلعتي اخيراً وقد تغيرت جدرانها وازقتها لكنني سأعتاد على هذه التغيرات ، اخذتُ قلماً وبعض الاوراق لأسجل ملاحظاتٍ حول المرضى ثم خرجت قاصدةً بارثا، انا اعمل معها منذ سبعةِ سنين، انا اؤمن ان هذا المشفى قائمٌ على ابتسامتها اللطيفة ، حتى المرضى انفسهم يشعرون بالأمان عندما يرونها ، على عكسي..
طوال الطريق كنتُ اسمع اصواتاً قادمة من كل غرفةٍ مررت بها الا انني لم اسمع شيئ من هذه الغرفة، اثار هذا الشيئ فضولي وتبادرت لي افكارٌ مظلمة وطرق انتحار شنيعة فسارعتُ بفتح الباب لأرى غرفةً قد اصبحت جدرانها لوحة كبيرة والرسام يجلس وسطها وهو يتأمل عيوني المتوسعة من الصدمة ، فغريبٌ حقاً ان ترى هذا الشيئ،في هذا المكان تحديداً !!
لم انبت بكلمة اثر تعجبي الا انه قال وعيناه تنظر الى الاعلى:
- "لكي ترسم يجب أن تكون مجنونا.
- خرجت من عنده واغلقتُ الباب وانا مسرعةٌ نحو بارثا وكُلي حماس. ، سيكون من الشيق الحديث معه
دخلتُ وصوتي يملأ المكان
- بارثا، بارثاا !!
- مابكِ ؟؟
- اريد التقرير الكامل عن ذلك المريض الجديد
- ايُ مريض ؟ استقبلنا الكثيرين في الفترة المنصرمة.
تقدمتُ نحو الملفات وانا ابحث عن صورته في طياتها، لكني لم اجد شيئاً،
يبدو انه قد وصل حديثاً.
- انا سأتكفل به اياً كان اسمه
- حسناً افعلي ما يحلو لكِ ، من الجيد رؤيتكِ نشطة من جديد
ابتسمتُ والامتنان في عيني.
خرجتُ من مكتبها متجهةً نحوه، فتحت الباب، كانت غرفتهُ هادئةً من جديد وكأنها فراشة وسط خلية نحل ، تجمعت افكاري من تلقاء نفسها واصطفت ملايين الاسئلة على قفا لساني ، عادت في الشخصية الفضولية التي تعشق مهنتها المتطلبة تطفلي على حياة الناس الخاصة ولكن بمجرد رؤيتي لعينيه الجاحظتين تطايرت افكاري ، اقتربتُ منهُ بحذر وهو ينظرُ لي بتمعن وكأنه مدركٌ لنواياي وكأن عينيه تنظر الى افكاري لا الى وجهي.
أنت تقرأ
حين انكساري"
Short Storyعينيه الجاحظتين كفيلتان باهلاكي، كنت اظن انه مريضي ولكنني اصبحت مريضته، لا اعلم كيف ولما؟!! انه يسيطر على عقلي شيئا فشيئا.