31

3.7K 352 72
                                    


{{ سأرحل بهدوء }}

غرفة شديدة البياض بلا نوافذ ، على احدى جدرانها اصطفت الاجهزه الطبيه المتصله بأسلاك بارده للراقد فوق السرير ، اللحاف شديد البياض قد امتص الدم القاني حتى تقاطر على الارض ، جهاز تخطيط القلب كان يصدر صوتا ضئيلا .. حتى اطلق صفيرا مزعجا حين امتد خطه الاخضر بشكل افقي ..
.،.،.،.،..،
شهق مستيقظا بذعر وعرق بارد يغطي جسده ..
فراشه قد تجعد تحته بينما لحافه على الارض ووسادته بين قدميه ..
تنفس بأنفاس متلاحقه ونيليتيه المذعورتين تجوبان الغرفه بدون ان يتحرك ..
تلاحقت عقارب الساعه ، وضوء الشمس الذي تخلل نسيج الستاره وزقزقه العصافير الخافته قد نشرت السكينه في قلبه ..
اخذ نفسا مهتزا وهو يجلس ، دس اصابعه في خصلات غرته متذكرا حلمه .. اكان مجرد حلم ؟.. تلك الغرفه ... اكانت مستشفى؟ الشخص الذي في السرير.. هل مات؟...
انتفض حين دوى صوت الجرس بشكل مفاجئ ثم سكن الصوت..
بحلق بالجدار للحظات ثم انتفض ثانيه حين عاد الرنين بإلحاح فقال وهو يدفع بساقيه خارج السرير: حسنا حسنا انا قادم ..
خرج من الغرفه ساخطا: من يأتي في مثل هذه الساعه؟
نظر الى هيميكاوا النائم بسلام فوق الأريكة بدون ان يتأثر بصوت الجرس..
تنهد ثم اتجه للباب : قادم قادم، توقف عن الرن انت تزعج الجيران ..
فتح الباب ليقابل وجه ليو العابس..
سأله: ما..ما المشكله؟
دفعه ليو قليلا ودخل قائلا : سأدخل
اغلق سيريو الباب ولحق بليو الذي وقف فوق رأس هيمي يهزه مناديا: استيقظ ، استيقظ هيمي
ابعد يده حين عبس هيميكاوا بانزعاج ، فتح عسلتيه وحدق بليو للحظات ثم انقلب يعطيه ظهره وعاد للنوم..
انفجرت عروق ليو بغضب : استيقظ ايها الشجره النائمه
تمسك به وحاول سحبه إلا ان هيميكاوا تمسك بالأريكه بعناد ..
ارتبك سيريو وارجح يديه مهدئا: اهدأ قليلا ليو
افلت ليو الاخر بعبوس فاسرع هيمي يندس خلف سيريو ، رفع اصبعه بتهديد: انا.... لن اعود
اندس اكثر خلف سيريو حين اقترب ليو منه فقال الأول مهدئا: حسنا اهدئا، لنتناول الفطور اولا
عقد ليو ذراعيه مجيبا: لا ، سنعود للبيت
خرج صوته الناعس من خلف سي وهو يحيط خصر الاخير: لن اعود
حملق ليو بوجه سي الذي ارغم نفسه على ابتسامه مرعوبه ..
تنهد ليو واضعا كفه فوق جبينه مقررا استخدام حيلته الاخيره..
قال: آه جدي المسكين ، لقد كان حزينا للغايه
لقرب العلاقه بين الاثنين التي دامت منذ الطفوله، ليو ينادي جد هيميكاوا بجدي ايضا..
اجفل هيمي ، اطل برأسه من خلف سي سائلا بتردد:ح- حزين؟
هز ليو رأسه بأسى: هو لم يتمكن من الأكل او النوم لتفكيره بشأنك
رفع سي حاجبه ، حتى الاطفال لن يقعو ضحيه لتمثيله..
التفت ينظر الى هيمي الذي انخفض حاجبيه بحزن .. لقد وقع ..
.، ،.،.،.،.،
توقفت الليموزين السوداء أمام منزل محاط بسور حجري رمادي...
نزل السائق وفتح الباب لينزل ليو اولا يتبعه هيمي واخيرا سيريو ..
فتح باب المنزل آليا بشكل مفاجئ ليظهر من خلفه سيد الخدم العجوز الذي بكى ما ان رأى هيمي:سيدي الصغير!
وضع يده فوق كتف هيمي بينما كفه الاخرى تمسح انفه بمنديل قماشي: هذا العجوز لم يستطع النوم او الاكل-
تجشا فجأه فتغيرت ملامح وجهه للجمود: اسف..
عادت ملامحه الباكيه وهو يكمل:...ليلة البارحه من قلقه بشأنك!
احس هيمي بالذنب فقال بحزن: اسف تشي
تجاهلهما ليو ودخل بينما سي يحدق بهما بغير تصديق. .. لا.. من الواضح ان هذا العجوز يكذب! لقد تجشأ للتو!
دخل الاثنان بعدها وخلفهما يسير العجوز وذراعيه خلف ظهره ..
فتح سيريو فمه بانبهار .. لم يكن قصرا ضخما كما توقع ، لكنه متأكد ان تكلفته تساوي تكلفه اضخم القصور!..
كان بيتا مربع الشكل ، يشبه المكعب .. لم يكن متوسط الحجم الا انه ليس كبيرا جدا ..
من 4 طوابق ، واغلب جدرانه من زجاج ..
الارض كساها ثلج قد ذاب في اغلب البقع، وممر حجري قصير يقود الى بوابة المنزل ..
تفاخر العجوز من خلفهم: ان المنزل مجهز بأحدث الالكترونيات ، انه مربوط ببرنامج الكتروني ونتحكم بأصغر الاشياء عبر الجهاز .. حتى الطابقين الاخيرين يستطيعان الدوران تبعا لحركه الشمس!
انبثقت عينا سي بانبهار : هذا مدهش!
دخلو عبر الباب المجهز بجهاز امن آلي تعرف على صوت ليو ، الطابق الأول كان كله للضيوف ، بغرفتين نوم منعزلتين ومطبخ تحضيري مطل على صاله ضخمه بجدار زجاجي يمكن فتحه مطل على الحديقه الصغيره للمنزل وغرفه ضيافه اخرى للضيوف الكبار مع غرفه طعام ضخمه ..
بينما الطابق الثاني والثالث خاص للعائله، والاخير للخدم الذين يبلغ عددهم 5 بالاضافه للعجوز..
اتجهوا مباشره الى غرفه الطعام التي كانت بطراز حديث ، بثلاثة جدران زجاجيه بالكامل والرابع كان حوض اسماك ضخم ، الارضيه كانت من خشب لامع وانوار خافته انتشرت على السقف ، طاوله بإطار خشبي صلب حول زجاج اكثر صلابه انتصفت الغرفه ، يحيطها 18 كرسيا عصري الشكل دمج اللونين الاخضر والاصفر ..
في رأس الطاولة التي انتشرت فوقها اطباق متنوعه الألوان والاشكال كان يجلس رجل يبدو عليه الوقار وهو يرتدي ملابس رسميه سوداء ، حنطي البشره مشدود الجسد ، بوجه غزته تجاعيد الزمن ، عسلي العينين وبشعر رمادي يرجعه للخلف ، يمسك بيسراه عصا خشبيه برأس مرصع بجوهره زرقاء بينما بيمناه كوب ابيض مزخرف بذهبي ونقوش على شكل ازهار ورديه يرتشف منه الشاي ..
ارتبك سيريو حين فحصه الرجل بعسليتيه من خلف بخار كوب شايه ببطئ..
وضع كوبه ثم قال بصوت ثقيل : تفضلو
جلس مباشرة بأقرب كرسي من هيميكاوا يحاول الا ينظر للرجل ذو الحظور الساحق..
بدأ الثلاثه بالأكل بينما المسكين يحدق بضياع لأدوات المائده الفضية ، قرر تجاهل الشوكه والسكين وبحث عن بعض الخبز ليجده يتوسط الطاوله في سله خشبيه انيقه ..
سال لعابه لمنظر الخبز اللين والدافئ ، وحين وقف ومد يده ليأخذ منه قال الرجل فجأه: اذا هيميكاوا
تعلقت ذراع سي بالهواء بتوتر بينما اكمل الرجل بنبره ثقيله: سمعت انك قضيت ليلتك عند صديقك هذا بعد ان هربت ، بدون ان تعلمنا بشيء حتى اضطر ليو للعوده من جدته لقلقه عليك
اطلق هيمي ( همه) عنيده وهو يحشر قطعه من لفائف البيض في فمه مهمهما: انا لن اتحدث معك
قرر سيريو عدم البقاء متجمدا في الهواء والتقط خبزته اخيرا ، الا انه تجمد ثانيه حين ضرب الجد الطاولة بقبضته صارخا بملامح مخيفه: ماذا قلت؟!
ملامحه المخيفه التي يضرب بها المثل كجد مهيب تحولت في ثانيه الى اخرى باكيه وهو ينتحب: لقد قلقت عليك كثيرا ...!
سقطت الخبزه من يد سيريو بصدمه: هاه؟!
عاد العجوز يبكي : ارسلت الحراس يجوبون المدينه بحثا عنك ولم اجدك!
كان من الواضح ان هيمي يتظاهر بأنه لم يتأثر وهو يبعد عينيه عنه: انا لا اهتم بك
شهق الجد ووضع يده فوق صدره: كيف تقول هذا لجدك المسكين !
مد هيمي شفتيه بعبوس: هذا خطؤك لأنك اردت ارسالي بعيدا!
تنهد ليو حينما انخرط الاثنان في الجدال ..
نظر الى سيريو المتصلب وقال: اجلس وحسب
جلس سي وهو ينظر للاثنين بغير تصديق، مال على الطاوله وهو يسأل هامسا لليو المقابل له: هل هما هكذا دائما؟
اتكأ بذقنه على يده اليسرى :جدي شخص صارم وجاد، إلا ان هذا لا ينطبق على هيمي ..
تنهد واكمل : تطلق والدا هيمي مباشره بعد انجابه ، وكلاهما اراد بدء حياته من جديد فأخذه الجد ورعاه منذ كان في الاشهر الاولى .. ولكنه دللـه اكثر من اللازم .. هو حتى لم يجعله يبدل ملابسه بنفسه بل احضر الخدم له حتى .. حسنا ..
أشار بعينيه الى الخادم الذي قرب صحن الجبن الى هيميكاوا الذي لم يتمكن من الوصول إليه: تحول الى شخص كهذا ..
رمش سيريو بتفكير، تحوله الى كوالا كسوله بسبب تدليل جده له؟
نظر الى ليو : وماذا عن شجره التفاح؟
ضحكه ساخره خرجت من ليو حين عادت له ذكرياته: ستضحك من سخافه الامر ، حين كان في الخامسه احضر العجوز تشي بذور تفاح وساعده هيمي على زراعتها ، ولأن هيمي كان يواجه صعوبة في النمو حين كان صغيرا قد تأثر بنمو الشجره حتى اصبحت اطول منه ..
اغمض عينيه وهز كتفيه منهيا كلامه بطريقه مسرحية : هو قرر اتخاذها قدوة له...
فتح عينه اليمنى حين لم يسمع ردة فعل من سي ليجده يبحلق به بصدمة..
عقد حاجبيه: لهذا فقط؟
ضحك ليو : لهذا فقط .. أليس مضحكا؟
جمع سي كفيه يغطي وجهه باكتئاب: وانا الذي ظننته قد واجه صدمة نفسيه جعلته يفضل الأشجار على البشر
انفجر ليو ضاحكا حتى آلمه بطنه: صدمة نفسية ؟! هيمي؟ أبدا أبدا
مسح دموعه التي سالت وهو يقول: لا اظن ان هناك شخصا عاش حياة مريحه كهيمي
احاط وسطه وهو يلتقط انفاسه: اه يا الهي ، انا لم اضحك بهذا القدر منذ زمن

سيريوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن