اللواط التقني
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فاعلم سلمك الله أنه يجب علينا تحصين أنفسنا وأبنائنا مما تتقيؤه علينا هذه الشبكة العنكبوتية، فما من ساقطة إلا تجدها في مواقع اباحية ومجموعات خبيثة ومنتديات فاجرة، ولكل منها ساقطون.
وما يشاهد من هذه الصور والأفلام المخزية لأطفال ورجال يعملون عمل قوم نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، والتمتع بالنظر لتلك القاذورات، فمن أطلق بصره وتلذذ بتلك المناظر المخزية وما يعبث بالأطفال فيها، والنظر للوجوه الحسان وقع في لواط العين.
وكذلك مصادقة المردان عبر مواقع التواصل ومحادثتهم، والتمتع بالسمر معهم لأوقات طويلة ومتأخرة من الليل، فما هذا إلا نوع من أنواع اللواط.
وهذا قياسا على ما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)).
أخرجه البخاري ومسلم.
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله في ((المدخل)): ((وقال بعض التابعين رضي الله عنهم اللوطية على ثلاثة أصناف:
صنف ينظرون.
وصنف يصافحون.
وصنف يعملون ذلك العمل)) اهـ.
وقال رحمه الله في موضع آخر من ((المدخل)): ((وقد قال بعضهم اللوطية على ثلاث مراتب:
طائفة تتمتع بالنظر وهو محرم لأن النظرة إلى الأمرد بشهوة حرام إجماعا بل صحح بعض العلماء أنه محرم وإن كان بغير شهوة.
والطائفة الثانية يتمتعون بالملاعبة والمباسطة والمعانقة وغير ذلك عدا فعل الفاحشة الكبرى ولا يظن ظان أن ما تقدم ذكره من النظر والملاعبة والمباسطة والمعانقة أقل رتبة من فعل الفاحشة بل الدوام عليه يلحقه بها لأنهم قالوا لا صغيرة مع الإصرار وإذا داوم على الصغائر صارت كبائر هذا الكلام فيمن داوم على الصغائر وصارت بدوامه عليها كبائر والحكم في ذلك معلوم عند أهل العلم.
والمرتبة الثالثة فعل الفاحشة الكبرى)) اهـ.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تفسير سورة الفرقان)): ((واعلم أن الزنا كما قسمه الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك اللواط أنواع:
زنا الفرج، ولواط الفرج، وفيه أيضا زنا العين ولواط العين، وفيه أيضا زنا الأذن ولواط الأذن، وزنا اليد ولواط اليد، وزنا الرجل ولواط الرجل، يعني لا تظن أن اللواط خاص بفعل الفرج، بل حتى العين لو أن أحدا تلذذ بالنظر إلى أمرد، قلنا: هذا الرجل تلوط به، لكن تلوط به فعلا أو نظرا؟ نظرا، ولذلك يجب الحذر من هذا الأمر، حتى إن النووي وجماعة من أهل العلم قالوا: إنه لا يجوز النظر مطلقا إلى الأمرد الحسن إلحاقا له بالمرأة، ولكن الصواب أنه يجوز إلا مع التلذذ بذلك، فهذا حرام)) اهـ.
فمن حمى حول هذه الجرائم التقنية، يوشك أن يقع على أدبار الصبيان وحشوش الشباب في الحياة الدنيوية.
[فالمجرمون أطلقوا لحواسهم العنان فغرقوا في تلك القاذورات.
وأولياء الله حفظوا تلك الحواس واستعملوها في رضي الرحمن وعملوا الطاعات وتركوا المحرمات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه)).
أخرجه البخاري.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح الأربعون النووية)): ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به - أي: سددته في كل ما يسمع فلا يسمع إلا ما فيه الخير له وليس المعنى أن الله يكون سمع الإنسان لأن سمع الإنسان صفه من صفاته أي: صفات الإنسان محدث بعد أن لم يكن، وهو صفة فيه أي: في الإنسان وكذلك يقال في بصره الذي يبصر به أي: أن الله فيما يرى إلا ما كان فيه خير ولا ينظر إلا إلى ما كان فيه خير)) اهـ.
هذا وأسأل الله أن يحفظ علينا أبصارنا وأسماعنا وأقوالنا، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن] [1].
هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 9 صفر سنة 1440 هـ
الموافق 18 اكتوبر 2018 ف- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
[1] ما بين المعكوفتين أخذته من مقالي الزنا التقني
أنت تقرأ
ياباغي الخير أقبل
No Ficción✍ قال ابن السّماك رحمه الله : إن الموتى لم يبكوا من الموت ؛ ولكنهم يبكون من حسرة الفوت! فاتتهم واللهِ دارٌ لم يتزودوا منها، ودخلوا دارًا لم يتزودوا لها ! فأيّةُ ساعةٍ مرّت على من مضى ؟! وأية ساعة بقيت علينا ؟! والله إن المتفكر في هذا لجدير أن يترك...