من الالم ستصنع الحلم

550 44 7
                                    

العنوان : من الالم ستصنع الحلم .

في تمام ساعة ما من الليل الذي نمت فيه مرغما ، كاتما اصوات شهقاتك من الصدوح ، ملتزما الصمت القاتل كي لا يسمع الاخرون صوت ضعفك و تحطم آمالك و انهيار اسقف احلامك ، انا أسألك ... فعد بمشاعرك لتعيش مر تلك اللحظة لتجيبني ، الى متى ستضل منتحبا ، منكسرا ، باكيا كل مرة ينقبض فيها خافقك لتذكر ما فشلت فيه بالأمس ؟ الى متى ستضل تتذكر تلك التفاصيل الدقيقة عن حديث ، عن سخرية ، عن نميمة و عن صراخ كان موجها لك ؟ الى متى تنوي التمسك بدور الضحية و الجثة العفنة ؟ أ حتى ينفذ الوقت من بين يديك و يفوتك قطار الإنجازات ؟! في الحقيقة هذا ما سيحصل حتما إن لم تنتبه لدوران عقارب الساعة و تساقط اوراق التقويم السريع كشجرة في خريف مصفصف ... ناسيا متناسيا نفسك غارقا في دوامة الاكتئاب ، متى لن يمد احد يده إليك لنجدتك بل و ستعاقبك الحياة لتشبثك بالحزن فتزيدك حزنا و ألما ... لذلك أنا أسألك ، الى متى ؟!

كذلك ، انا واثق تماما انك لن تجيبني بل ستتمسك بألمك حق تمسك ، ستعتصر تلك الدمعة المتمردة فتهب عاصفة هوجاء في قلبك لتصفق كل نوافذه و تكسر زجاجه على صدرك ، ستتألم ! و تجعلني انا الآخر على رأس قائمة اعدائك ، لماذا ؟! ذلك لأنك تعتقد اني لا اقدر ألمك حق قدره ، مبررا إجابتك بأني لم اعش وضعيتك الفريدة ، بل و إنك تعتبر كلماتي المنمقة شيئا من التحقير و التدنيس المروع لحقيقة الألم الذي يدمي جسدك منكلا صندوق اسرارك الصغير ... مقطعا طامسا مطفأ لشعلة صغيرة فيك تدعى الشغف ، الآمل و الحلم .

إذن هل تتساءل الان كيف لي أن ادرك ذلك ؟ كيف لي أن اصف تماما ما تشعر به تجاهي ؟ لست بقارئ للأفكار إنما الاجابة هي ايماني بأن ألمك حقيقي ، و هو كذلك لكل البشر، بل و من حق كل شخص الدفاع عن ألمه لأن الالم حقيقة ... هذه طبيعتنا كبشر، و خلافا للكل و ربما لن تجد شخصا اخر سيقول لك هذا ، انا لن آمرك بالتوقف عن الشعور بالألم و لن اتلوا عليك قصة نجاحي لتكون مثلي ، فمن قال اننا متشابهان بالضرورة ؟ نحن مختلفون كل الاختلاف عن بعضنا البعض ، نحن متفردون حتما بمشاعرنا و قلوبنا و قدرة تحملنا ، و كذلك كل ألم هو مختلف عن ألم ... انا ألم و أنت الم و الاخرون ألم ، بلدنا ألم و سبعة مليار إنسان هو ألم .

فلذلك ليس حلا ان اهديك مفتاح نجاحي فأهدافنا مختلفة ، و ظروفنا متنوعة ... و احلامنا كثيرة ، و على الرغم من اختلافها الواسع فما يربطنا حقيقة هو الرغبة الملحة للوصول إلى ذلك الحلم ، اجل ، تلك الشعلة ... ذلك الطريق ، ذلك الاحساس ، تلك الحرية الحقيقية ، هل تقول الان و لكن ألمي حقيقي كذلك ؟! و هل ستبرر ضعفك بشدة ألمك ؟! و في كل تفكير بالأمر فأنت تصل إلى قمة يأسك و حقدك على نكرة نفسك ، و مع ذلك و على الرغم من كل آلامك فأنت لا تزال تشعر أنك تستحق حلما ما ... عجبا لهذا التناقض !!

دعني اخبرك شيئا مهما ، اولا انت لست نكرة ... انت بشر حقيقي ، ثانيا انت حقا تريد الوصول الى تلك الرغبة لأنك تستحقها إن عملت لأجلها ، الالم حقيقي ! و هذه ليست بمشكلة إن نظرت في الأمر بل الخلاص ، فإن كنت عاجزا عن تحقيق النجاح بالأمل الزائف و الكلمات المفخمة فتحلى بالألم الحقيقي ، استغل ألمك بالوقوف شامخا و للصراخ بأعلى صوت ...

" انا اؤمن بألمي "

قد لا ندرك الأمر و لكن الألم هو سبيل نجاحنا ، و مع كل ألم نشعر به ينشق طريق ما للمجد ... و لكن اذا استمررنا بالانغماس في جراحنا و وتلذذ دموعنا بدل مسحها فالألم سيقضي علينا حتما ، ان لم نحسن استغلال ألمنا فالألم سيستغلنا ، و لذلك اجعل من ألمك يعلمك كيف تتجاوز العقبات ، تذكر ألمك الموجع ليهبك الشجاعة لتصرخ في وجوههم و ابني به سندا ليدفعك للدفاع عن نفسك ... ألمك سيعلمك كيف لك ان لا تتألم مرة اخرى ، انظر من خلف دموع الألم و امضي بخطوات عرجة من شدة الالم بدل البكاء و النوم متعبا ... يجب عليك ان تؤمن بالألم ، اتخذ من الألم طريقا لا عقبة و احتضنه ليس بجعله عذرا للتخلي عن حلمك ، بل تبناه منهجا جديدا... فالتصرخ انا اؤمن بألمي .

و من جهة اخرى ، ماذا اذا كنت تهرب من الالم ؟ تتجنب المحاولة للهروب من الالم ... تتجنب الحياة فرارا من حقيقة الالم ، تتخذ الطرق الملتوية و تعمد الى التأجيل فقط من اجل الهروب من الالم ، سيكون من الخسارة ان تفوت سبلا من الفوز العظيم فقط لأنها طرق مؤلمة ، مهما هربت و سلكت المختصرات فعليك ان تعلم ان ما يأتي سريعا سيختفي سريعا ، ان لم تتشجع لمواجهة الالم فلن تصل ابدا الى نهاية النفق ... و كلما هربت من التوغل في النفق فستشعر انه يطول ، و الالم الذي تتهرب منه فيوما ما سيعود لملاحقتك راكضا و سيطيح بك ، لذلك فمن الافضل ان تتقبل ما ستسمعه مني الان ، يقولون ان الالم مؤقت و الندم خالد ، ألم الاعتذار ثانية و ندم الفراق أشهر ، ألم السهر ليلة و ندم الرسوب سنة ، الم الادوية شهران و ندم انهيار صحتك سيرافق الى الابد ، واجه ألمك ... ان لم تستطع استغلال ألمك و كان لك عدوا فعليك بهزيمته اذن ، و حتى لو شعرت ان الالم ليس مؤقتا بل طويل المدى فانا اقول لك ان الألم يطول و يطول حقا ، و لكنه سيزول بمجرد الوصول ... إنه كذلك حتما إذا فكرت في عقباتك الماضية ، بم شعرت لتحقيق نجاحك الماضي ؟! خطواتك الأولى هي نجاح ، شهادة التعليم نجاح و استماعك لما اقول الان هو نجاح لخروجك من شرنقة الهروب ، بم شعرت وقتها ؟! شعرت بالألم عند نجاحك ؟ لا ! بالتأكيد لم تشعر بالألم انما شعرت بنشوة النجاح و فرحة النجاح و الرغبة في نجاحات اكبر ... و التوق الى الحلم ، صدقني ، طالما أنك تتألم فهذا يعني أنك حي ، و طالما انك حي فهذا يعني انك ستتألم ، و تأكد أنه مهما سيطول ، بل آمن أنه مهما سيطول فإنه سيزول بمجرد الوصول .

شيء آخر في الواقع علينا ان لا ننسى اعتباره ... ماذا عن الفشل ؟! أجل ، كذلك الفشل موجود بقدر ما هو النجاح كجزء منه لا نقيضه ، فالفشل حقيقة ايضا ... لكن سواء كنت تتمسك بألمك او تتهرب منه فالنجاح في الاستفادة من الفشل كدرس هام ، تقبلت ألمك او واجهته بقوة فدع من الالم دافعا لتحسين مستقبلك ، اصرخ مرة اخرى انا اؤمن بالألم ... سندا او عدوا فهو سبيلي ، اذن ستمضي الى حلمك و ستحاول ... فشلت ؟ الفشل هو بداية النجاح و جزء منه ، و كذلك المحاولة هو بداية التمكن و الالم هو بداية لكل شيء ستصل اليه .

تمسك بألمك و اصنع منه دافعا كي تتجاوزه هو نفسه ... قاتل ألمك لتتجاوزه هو نفسه ، الى اين ؟ الى النجاح ، الى ذلك الحلم .

فمن الالم ستصنع الحلم .

خواطر مريض نفسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن