(3)

11.6K 350 44
                                    

بقلم:نهال عبد الواحد

ظل زين مكانه بعض الوقت محاولًا استيعاب ما حدث، لكن لم يستمر الأمر طويلًا فسرعان ما صعد خلفها و وصل لباب الغرفة الموجودة فيها وطرق الباب مناديًا عليها.

- جميلة!

- اتركني وحدي!

- أرجوكِ جميلة! أنا آسف! إقبلي أسفي!

- قلت اتركني وحدي!

- سامحيني! فأنا منذ زمن وأنا أعيش بمفردي هنا وكأني قد نسيت كيفية التعامل مع البشر، فهي حقيقة كيف لمسخ أن يتعامل مع بشر عاديين؟

وقعت تلك الكلمات على قلبها قبل أذنها وقد آلمتها بشدة وما كانت لحظات إلا ومسحت دموعها وفتحت الباب.

ثم قالت: لا تقل كلمة مسخ هذه!

فابتسم بسخرية ثم قال: إذن فمن أكون إذن؟!

فابتسمت بحنان وقالت: أنت ابن العم.

فابتسم هو الآخر قائلًا بقلة حيلة : إذن فاقبلي أسف ابن عمك!

فأردفت بغضب مصطنع: بشرط.

فتسآل بدهشة: ماذا؟

- سأقبل إعتذارك بشرط.

- ترى ما هو؟! إستر يا ستار!

- أن تعتبرني ابنة عمك وتحكي لي عنك، أود معرفة الكثير، بل كل شيء.

- لأي شيءٍ تخططين؟

فعلقت ذراعها بذراعه ثم سارت تتأبطه تتجه لأسفل وهي تقول: أخطط لعودتك للحياة من جديد.

فأهدر وكأنه مسلوب الإرادة: هل تعلمي ماذا تفعلي بي عندما تعامليني هكذا؟

فتسآلت برقة زلزلت كيانه: ماذا؟

- تعطيني أمل كبير أخشى حتى تصديقه.

- لا تخشى وصدق.

وكانا قد وصلا وجلسا ثم قال لها: هل صحيح أني أشبه عمي؟

فاتسعت ابتسامتها لدرجة أشرق وجهها: أجل! تشبهه كثيرًا في الملامح وأتمنى أن تكون مثله في طباعه حتى لا أتركك.
ثم انتبهت وأكملت ببعض الإرتباك: هيا احكيلي ما قصتك؟ ماذا درست؟ كل شيء.

فابتسم قليلًا مما رآه في عينيها ثم حاول أن يصرف ما حاك في صدره ثم قال: كانت حياتي رائعة و أكثر حتى ماتت أمي، هنا بدأ مؤشر حياتي في الإنحدار، صحيح أني لم أكن طفلًا رضيعًا بل شابًّا يدرس القانون.

فأومأت برأسها تهزها: إمممممم ! إذن فأنت محامي!

فتابع: كنت، وكان لديّ مكتب محاماة لكني أغلقته منذ أعوام.

- لماذا؟

- بعد وفاة أمي تركني أبي، لا أعلم من صدمته لوفاتها أم ماذا؟ لكن كل ما أعلمه أني صرت وحيدًا وكلما طلبت مجيئه اتهمني بالطفولة، كنت أشعر بوحدة غريبة، صرت أشرب الخمر حتى أثمل تمامًا، وذات يوم كنت مخمورًا وعائدًا ليلًا وأقود سيارتي فحدث ذلك الحادث كما ترين، ومنذ يومها وأنا حبيس هذا البيت لا أقابل أحد ولا أحدًا يقابلني سوى رجالي ليلبوا احتياجاتي من مشتريات وغيرها، أما أبي فقليل ما يجئ يزورني، فهيئتي كما ترين لا تدعو لأي ألفة.

(الجميلة والدميم)  By: Noonazad حيث تعيش القصص. اكتشف الآن