الفصل الثاني

1.5K 56 2
                                    

الفصل الثاني

**********

الموت حق..
هو نهاية الحياة..
هو النهاية الحتمية لكل ما يسير حولنا..
والفقد هو أحد أسرار الصبر مهما بلغت من الحزن..
كن  واثقاً أن الله لم يفعل شئ عبثا.. .

**********

مر أسبوع وهو على حالته ينظر للفراغ ، للاشئ يده وساقه مجبرة ، أسفل عينه كدمة زرقاء وخدوش متفرقة على سائر جسده .
طرق على الباب ولكنه لا يهتم ، هو لم يشعر بتلك الطرقات من الأساس ، أطل عليه صديقه أيهم من خلف الباب ليجده علي نفس الحال ليقترب منه ويناديه عله يرد :
- كنان ؟ .

لم ينتبه له وكأنه غير موجود ليكرر ندائه مرة أخري :
- كنان انت تسمعني أليس كذلك ؟! .

لم يرد أيضا ليكمل أيهم :
- أعلم أنك حزين ولكن عليك العودة يا صديقى .

وأخير خرج كنان من صومعة صمته وحزنه ورد عليه بصوت متحشرج :
- حزين... ! ، بل أنا مكسور ، مُهشم الروح  ، أشعر بأن قلبي ينزف ، كلمة حزن ابدًا لن تفي وصفي ، أجزم أنه إن رآني الحزن لفر هاربًا من أمامي .

اغمض ايهم عينيه بألم وقال :
- أعلم وأشعر بك ، ولكن هل تظنهم سعداء الآن وهم يرونك هكذا  أقسم أنهم يتألموا أضعافًا على حالتك .

صمت كنان قليلاً ثم قال بإرهاق :
- انا متعب يا صديقي ، أشعر بألم في صدري اقوى من أن أتحمله .

ربت ايهم على كتفه وقال :
- فلتبكِ يا صديقي ، عسى أن تبرد كل آلامك ، أخرج كل ما يهيج بداخلك ، فقط ابكي .

كأنه أهداه تذكرة أو فرصة للبكاء ، ليبكي ويصرخ ، أقترب منه أيهم واحتضنه وربت على كتفيه وهو يشاركه نوبة بكائه .
مرت ساعة أو أكثر وهو علي حالته  تارة يبكي ، وتارة يصرخ ، وتارة يكسر ما تقع عليه يداه  ، حتي هدأ نسبيًا عدا صوت
شهقاته الذي بدا كطفل صغير ابتعد عن أحضان والدته .
ساعده أيهم ووضعه  في فراشه ودثره جيداً  ثم خرج من الغرفة ليتركه يرتاح .

**********

انتهى الأسبوع ليتبعه آخر وآخر ، فأكتمل شهر  برأت فيه جروحه الظاهرة ، وصار يتحرك كالسابق ، ألا أن شيئًا فيه تغير ، صار يغضب سريعًا ينفعل من أقل موقف ، ترك الغناء وأصبح لا يهتم بشيء ، لم يعد هناك ما يجعله يتشبث بالحياة ، هو فقط يشعر باللاشيء ، يتحرك مثل الآلة ، عيناه جامدة
وقلبه مات مع أحبابه ، حتى فى ذلك اليوم قرر زيارة قبر عائلته ، أخذ باقة ورد  وضعها علي قبر أبيه وأخذ منها زهرتين إحداهما علي قبر والدته وأخري علي قبر شقيقته .
جلس أمام قبر شقيقته وما لبث أن انفجر بالبكاء وعلا صوت نحيبه وهو يذكرها بأيامهما  معاً وأمنياتهم ،  يحدثها أنها
رحلت سريعاً ، سريعاً جداً .

وعلى القرب منه  كانت هي موجودة تفعل شئ ما ، ليجذب انتباهها صوت آخر غيرها
، اقتربت لتري من هو فزحفت البسمة على ثغرها ، هنيئًا عليها صيدها الثمين .
وقفت أمامه ليرفع نظره إليها ليجد فتاة جميلة برداء أحمر اللون وشعر اصفر متدرج وعينان تقطر منهما الفضة اللامعة .
ابتسمت له قائلة :
- هون عليك .

ذات الرداء الأحمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن