الفصل الأول: الجزء السابع عشر

908 76 18
                                    


كانت العتمة تحيط بكورو من كل الجهات، ورغم قدرة عينه على اخترق الظلام نفسه، ورؤية كل شيء داخله، إلا أنه لم يستطع، كل ما أحاط به كان فراغا، فأدرك كورو سبب هاته العتمة والسواد، فهو لم يستطع أن يرى ما حوله ليس لأن شيء ما قد حجب رؤيته، بل لأنه كان يطفو داخل فضاء فارغ، لا سماء قد غطته، ولا أرض قد دعمته، فقط فراغ.

في البداية، لم يعرف كورو ما عليه فعله، ولكن فجأة، بدأت السماء بالتكون، وظهرت الأرض شيء فشيء، وتحول الفضاء الفارغ إلى مشهد متحرك تملئه الحياة.

فنظر كورو حوله مجددا، فوجد نفسه داخل قرية غريبة، إلا أنه من مظهر السكان، قد أدرك كورو أنه داخل قرية بشر، ولكن فجأة لمح كورو شخصين بدت عليهم ملامح الشهامة، وقد لبس رداءا أبيضا، وأحاطت بعنقيهما وشاحين أحمرين كلون الدم، وقد حملا حول حزاميهما سيفين.

إلا أن ما جلب انتبه كورو هو هالتيهما الجامحتين التي شعر بها، فاقترب منهما ليلقي التحية، إلا أنهما قد عبرا من خلاله كما لو كان مجرد شبح، وواصل أحدهما التحدث بحماس شديد:

- ووههه! كان حضرت علي يا حمد، وجبدت أكا الشيطان لي داز فاها راجل، ولفتو بسيفت كاف، ياخي وجهو دار، وباعد جبدتو مرة أخرى، وهبط عليه بوحيد آخر... أدي ذوقتو تراب... هاهاها...

- تعرف لي هذا كل زايد ماهو؟ الشوطنة مايجبو كان الفساد معهم، لواش مقتلتوش؟

- خليت الزعيم جربوع يستجوب فيه.
- أي بارا نمشيو مالا.
- أيا.

ولكن ما إن سمع كورو حوارهم، حتى اعترت ملامحه الصدمة، فهو تعرف على هاته اللغة، كانت أمه، كاغورا، تستعمل بعض الكلمات منها في صغره، لذلك قد نفخت أقوال المحاربين بعض من الشعور بالحنين داخل روح كورو التي كانت تتجمد ببطئ.

هاته اللغة لم تكن سوى العربية القديمة، أو ما يعرف أيضا 'بالدارجة' وهي اللغة التي اعتمدها كامل البشر منذ قديم الزمان، إلا أنها كانت على وشك الانقراض في هذا الزمان.

من هذا استطاع كورو أن يستنتج أنه قد أرسل نحو الماضي، أو أنه كان يشاهد ذكريات شخص ما، ربما هو أحد هذان الشخصان.

كان هذان المحاربان يتحدثان عن شيطان ما، إلا أن وجود الشياطين داخل قرية بشر اعتبر أمرا كارثيا في الزمان القديم، وخاصة في فترة الحرب، فتبعهما كورو نحو مقر عسكري موجود في معزل عن باقي القرية.

وخلال طريقه، شعر كورو أنه بالفعل يعرف هذا المكان نوعا ما. إلى أن وصل نحو المقر، فأدرك هذا الموقع، فهذه الأرض المنبسطة والواسعة، وهذا البناء الذي يأدي إلى نفق داخل الأرض، هذا المكان قد أصبح مقر كنيسة الشيطان في المستقبل، ثم تحول إلى هوة بعد صراع كورو والوحوش.

فبدأ كورو في إدراك ما يحصل، إلا أنه واصل التقدم وراء المحاربين، وقد كان المكان مليء بمختلف المحاربين، الذي ارتدوا نفس اللباس، وحملوا نفس السلاح، وتحدثوا نفس اللغة، فألقى حمد التحية على الجميع، فردوا التحية، ثم واصل حمد وصديقه لزهر التقدم نحو الأمام، وتبعهما كورو.

Kuro's tragic fate: Return to the holy landحيث تعيش القصص. اكتشف الآن