" الفصل الرابع "

18.1K 484 19
                                    

جالس  في حديقة منزله وهو ينظر للفراغ أمامه بشرود حينما بدأ يتذكر تلك التي تركته وحيدا مع إبنته لا تتجاوز السنة ونصف بدون شعور بالذنب أو حتى عاطفة الأمومة التي تطغى على أي أم ولكن تلك القاسية لم تشعر بالحنية تجاه ابنتها الصغيرة التي كانت رضيعة في ذلك الوقت ...
والحجة أنها قد ملت من حياتها تلك في هذه البلاد وتود العودة للعيش إلى جانب أهلها في فرنسا ..

وكأن الزواج لعبة نسأم منه وقتما نريد ونذهب ..
ألم يصفه الله بأنه ( ميثاق غليظ )
ولكن أين النفوس المريضة التي تفهم ذلك ..

كم طلب منها البقاء ليس من أجله هو ولكن من أجل تلك الصغيرة التي لم تكن تعي شيئا من الذي يحصل حولها .. ولكنها رفضت بكل قسوة شديدة وهي تطلب منه أن يطلقها حتى تأخذ حريتها هناك في بلد الغرب فرنسا ...

لم يتأخر في تلبية طلبها ذلك حينما وجد اصرارها الشديد لتتم إجراءات الطلاق في أسرع وقت تحت دهشة عائلة الشرقاوي بأكملها فالكل كان يعلم كم كانت "خديجة" تعشق زوجها هاشم حد الموت ، لقد جمعتهم قصة حب كبيرة وجميلة تكللت بالزواج وانجاب تلك الطفلة الصغيرة  " عزه "  ولكن بعد انجابها بسنة وأكثر بدأت المشاكل بينهما التي كانت هي سببا فيها ...

رحلت خديجة تاركة خلفها فتاة رضيعة في كنف ورعاية والدها " هاشم " الذي أقسم بأنه لن يتزوج من أخرى بعد زوجته حتى لا يزيد مأساة ابنته عندما تكبر أكثر ...

مرت السنوات وكبرت " عزه " لتصبح فتاة جميلة مسؤلة تعلقت بوالدها حد الموت وعشقته حد النخاع ولم تسأل عن والدتها التي هجرتهم إلا مرات قليلة فهي قد اقتنعت بأن الأم التي تترك زوجها وطفلة صغيرة بدون سبب لا تستحق لقب الأم ...

استيقظ من شروده وذكرياته تلك على رنين هاتفه النقال لينظر للشاشة بإستغراب فهذا الرقم يبدو رقم دولي غريب ...

رفع الهاتف قائلا :
" السلام عليكم "

لحظات صمت من الجهة الأخرى وقد أقسم بأنه سمع صوت نحيب خفيف يأتي من خلف السماعة ..

أعاد كلماته تلك ولكن لم يلقى إجابة ليغلق الهاتف وهو يتنهد بقلة حيلة ...

*************************
أوقف محرك السيارة ووجه نظره إلى صديقه التي كانت عينيه تطلق لهيب حارق فربما سيخرج كافة كبته وغضبه في ذلك السائق المسكين ... كما يظن

تحدث جاسر بهدوء قائلا :
" هتعمل ايه ؟ بص احنا مش ناقصين مشاكل "

رفع نظره لصديقه ببرود قائلا :
" أنزل من السيارة والحقني .... "

أنهى كلماته تلك وهو يفتح باب السيارة ليتبعه جاسر بخوف من غضب صديقه الذي يمكن أن يؤدي إلى كارثة الأن ..

في حين نظرت عزه من مرأة السيارة لترى شابين يتقدمون ناحيتهما لتوجه نظرها لحبيبه قائلة :
" تعالي نشوف في ايه .. "

من رحم العشق ( كاااملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن