معزوفة حزينة، تُشبه روح الفتى الصغير.

778 96 34
                                    


بعد صفٍ طويل، وثرثرة لا نِهائية عن الكيمياء كابوسُ لوي الأبديّ، كل ما أراده هو أن يستمِع لملاكه وهو يعزِف مقطوعةً تُنافس جماله.

إتجه بخطواتٍ سريعة إلى مكانِهما المُعتاد، قلبه ينتفِض حماسًا في كُل خطوة.

علاقتهُ بِهاري بدأت تصبح أقوى، يشعر بِجراحه تُشفى في كل مرةٍ يراه أو يتحدث إليه فيها.

أحاديثُهما لم تكن بِتلك العمق والأهمية، غالبًا عن الموسيقى والكُتب، أحيانًا عن الطعام أو السفر في دولٍ مُختلفة، كان كل شيءٍ عشوائيًا.

سَمِع صوت البيانو يصدُر من نهاية الممر الطويل، يستطيع الشعور بأصابِع العازِف الجميل تضغطُ على كل مفتاحٍ وكأنها تضغط على قلبه، دِفء العزف يملأ جسده. 

دَفع الباب لِيدخُل، لكن بهدوءٍ جدًا حتى لايقطع الملاك في مُنتصِف عزفه.

كان يعزفُ مقطوعةً لم يسمعها من قبل، بدَت حزينة جدًا بالنِسبة لشيءٍ يختاره هاري، لكن لسببٍ ما هو يبتسم بِوسع يجعل غمازتيّه تظهر.

ظلّ لوي واقفًا بِضع دقائق شفاهه مُتفرِقه عن بعضها يتأمل كل حركةٍ يقوم بها هاري، حتى توقف عن العزف وإبتسامته لم تختِفي، أعيُّنه معلّقة على المفاتيح أسفل أصابعه.

- ما رأيُك؟

قال هاري بشكلٍ مُفاجئ جعل الفتى الصغير يقفِز في مكانه.

- كُنت تعرِف أنني هنا طوال الوقت؟

تحدّث بصوتٍ لايكاد يُسمع، لكن هاري قد إعتاد عليه بالفعل.

- بالطبع، أستطيع سماع خُطواتِك وأنت قادم، إذًا ما رأيُك؟

- آه، كان جميلًا ولكِن..

تردّد لوي قليلًا في إجابته، ماذا لو لم يقصِد أن يجعل المقطوعة حزينة؟ سوف يُحبِطه، لوي لايريد أن يكون سبب عُبوس ملاكه.

- قُل ما تريده، لا بأس

لوي تنفس بُعمقٍ بعد ماقال هاري، رُبما لن يكون الأمر بذلِك السوء لِذا حاوَل أن يستجمع نفسه، رفع رأسه إلى هاري المُبتسم أمامه.

- كانت المقطوعة حزينة.. قليلًا.

قال أخيرًا وهو يهمِس آخر كلمتين، ينظر للأرضِ ويعبثُ بنهاية قميصه الأسود.

- جيّدٌ أنكَ تُدرِك ذلك.

رفَع نظره مُجددًا، قطّب حاجبيّه قليلًا بِإستفهام، حدّق في هاري ينتظر إجابة.

- أتعرِف فيلم 'جُثة العروس'؟

قالَ بعد أن وقف وجلَس على الأرضية الخشبيّة يسنِد ظهره على الجدار، وأشار للوي بأن يجلِس بجانبه الذي تمتم بِلا وجلس بِصمت يضُم ساقيّه إلى صدره، وينظر مباشرة إلى هاري.

- إنه فيلم رُسوم متحركة للمخرِج تيم بورتن، الفيلم يُجسّد كثيرًا من المشاعِر لذلِك أحببته، ولكن أجمل مافي الفيلم كانت مقطوعة عزفها شابٌ خجول يُدعى ڤيكتور حينَ ذهب لِمنزل فتاةٍ ستكون زوجته المُستقبلية. عزَف هذهِ المقطوعة في منزلها مُحاولًا التغلّب على خجله، أو رُبما الهرب من الحياة الحقيقية لدقائق.

قالَ وهو شغوفٌ بكُل كلمةٍ قالها، من الواضِح أنه أحبّ الفيلم جدًا، إكتفى لوي بإبتسامةٍ كَرد عليه.

- أيضًا ڤيكتور بطريقةٍ ما يُذكرني فيك كثيرًا يا لُو، نحيلٌ بشكل يثير القلَق، جيوبٌ سوداء تجتمِع حول عيّنيه، بشرته شاحِبه بيضاء، وأخيرًا روحه التعيسة تظهر على وجهه وإن حاوَل تزييف سعادته.

توسَعت عينا لوي حتى كادت تقعُ من مكانها، هل ماسِمعه للتوّ حقيقي؟ هل طرأ لوي ببالِ هاري حقًا؟ هل هو قلقٌ على وزنه حقًا؟ هل يُلاحِظ حُزنه حقًا؟.

كان لوي مذهولًا، شعَر بقلبهِ يعتصِر في صدره ويذوبُ سعادة، إبتسم بِوسع، إبتسامةً حقيقية بوجنتين مُتوردتين.

هوَ لم يرُد، كان كُل شيءٍ سريعًا، ولِسانه عُقد فجأة، مع ذلِك لم يشعر بالسوء لأنه يعلم بأن هاري يفهمه دون أن يقول كلِمة.

أراحَ هاري رأسه على كتِف لوي وأغمَض عينيّه وهو يتثاوَب بِسلام، لايعلم الفوضى الجميلة التي يُسببها لقلب الفتى.   

لوي لم يلحِظ كم كان يقعُ أكثر فأكثر، لأنه مُنشغلٍ بتقديس وجه ملاكه الفاتِن.


——

آسف لاني ما احدث كثير، واعرف ان التشابتر مو مُرضي أبدًا، بس شُكرًا جدًا لكل شخص يقرا حرفيًا يعني لي الكثير💓.

Two ghosts. | L.sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن