الفصل الثالث

125 20 23
                                    

حضر مكنن إلى مركز التحقيق بعد أن ورده اتصال من سيهات يعلمه بقدوم قائد القوات الأمنية الشاملة؛ القائد ميبل. فكان لزاماً عليهم الحضور و المثول أمامه لأيفائه بالمستجدات.

لم يكن في جعبة مكنن و لا سيهات المستجدات المطلوبة، فكل شيء كان عند ارفلون و المغرور جان حسب قول سيهات. و لا زالا في طريق العودة حتى الآن.

نهض الرئيس من مكانه يفسح مقعده للقائد ميبل، بشعره القصير و عيونه الحادة، شارب ابيض مشذب بعناية فوق شفتيه، ذو بشرة بيضاء، و هندام مرتب و انيق مع بذلة كحلية، و قميص ابيض تحتها.

توسمت سيمائه بالتجلي و الرفعة، جلس بكل إعتزاز و تعالٍ في مقعد الرئيس كِرام، حارسان ذوا بنية جسمانية لا بأس بها يقفان بجانبه، عدا الآخرين الذين إصطفوا خارج المركز للحارسة، مصطحبين أربع أو خمس رجال آلييين.

بدا الرئيس صغير أمام مركز القائد، لذا كان في حالة تملق زائفة، رفع ذو الهيبة يده في الأعلى رافضاً كل محاولات الرئيس كرام، و طلب حضور المحققين المعنيين بالقضية.

ثوان و كان سيهات و مكنن يقفان أمامه، أبلغاه بالنتائج الأخيرة، و بأمر الفتاة التي سيحضرانها إلى المركز،  كان موجز قصير للغاية.

نظر بمكرٍ نحو الاثنين، ثم أغمض عينيه و هو يعود بضهرهِ إلى الوراء، طلب من الجميع أن يخلوا الغرفة، حتى من حارسيه الشخصصين، عدا مكنن و سيهات كان لزاماً عليهما البقاء.

أغلق آخر مغادر باب الغرفة، تُرك الثلاثة على إنفراد تام،  تأكد حراسه  بأن لا أحد سيجرأ على التنصت، رمق القائد المحققين بنظرة تحمل ألف معنى، إلا أنها كانت في نفس الوقت، لا يمكن تفسيرها، قرر أن ينطق أخيراً بدل الجو المشحون هذا:

- هل يمكنني الإعتماد عليكما ، أم يا ترى أجد بديلاً عنكما، إستغلا رحتمي هذه في هذه الوقت، فلا مجال للتراجع بعد ذلك، و لا مجال للفكاك من العقوبة إذا ما قوبلتم بالفشل.

أجاب مكنن مدافعاً عن فريقه:

- لقد سحبنا القضية من بين يديه لكن الدلائل لم تكشف نفسها إلا له.

بنبرة صارمة رد القائد:

- لا يهمني ما حاولتم فعله، أنا أريد نتائج ملموسة... لا أريد له أن يتولى هذه القضية.

لازال مكنن في وضعية دفاعية:

- إختياره لجان لم يكن عبثاً، لابد أنه سيوصلنا إلى أمر أخر، ربما حقاً المدينة في خطر، و المفتاح هو قابع بيد المحقق.

ندت عن القائد ابتسامة ساخرة و نهض من مكانه بروية، يثقل مشيته الجبروت و العجرفة، حدج بخيلاء، نطق بنبرة باردة:

- لأن جان ابني هذا هو السبب.

صعق مكنن لوقع الخبر في مسامعه، عقد لسانه لبرهة، كان سيهات ينظر بصمت من بعيد، إلا أنه لم يخفي إندهاشه، أستطرد القائد ميبل و كأنه لم يتوقف حتى:

الرباب و الخيمة الزرقاء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن