الفصل السابع

27.1K 578 11
                                    

لأول مرة منذ زواجهما تجد فارس يجلس على طاولة الافطار ..نظرت اليه تتفحص وجهه فوجدته يقول:
انا كويس متقلقيش.

تلاقت عيناها الدهشة بعينيه الهادئتان فاستطرد قائلا:
ملامحك شفافة اوى..ممكن اقراها بسهولة

أطرقت رأسها بسرعة قائلة فى خجل:
أجيبلك الشاى ؟

نهض قائلا:
لأ..انا فطرت خلاص ومستعجل ..بس حبيت اشكرك على اللى عملتيه معايا انبارح.

نظرت اليه قائلة:
ده واجب علية.

نظر اليها مطولا ثم قال:
الحقيقة انتى حيرتينى..كان ممكن تسيبينى اتألم وخصوصا بعد اللى بعمله فيكى.

اطرقت برأسها مجددا تخشى ان يرى مشاعرها واضحة فى تلك النظرات وهى تقول:
مقدرش اشوف حد بيتألم..وبعدين انا بدأت أعذرك فى انتقامك..لو انا مكانك كنت عملت كدة واكتر.

احست بفارس يشرد وهو يقول:
مستحيل..قلبك الطيب كان هيمنعك.

نظرت اليه فى دهشة فاطرق برأسه وبدا وكأنه أحس بأن كلماته خرجت منه دون وعى ليتنحنح قائلا وهو ينظر اليها:
انا..انا همشى عشان اتأخرت.

ثم اتجه مغادرا المنزل فى هدوء تتابعه نظرات شهد المتحيرة من تغير اسلوبه معها..هل بدأ يلين؟ام انها تتوهم ذلك؟هى حقا لا تعرف.

******************************

تأملت ياسمين طفلها النائم كالملاك بعيون ممتلئة بالدموع..مدت يدها تلمس خده بحنان وهى تقول بحزن:
خلاص ياعمر لازم أمشى ..بس المرة دى مش هاخدك معايا..هسيبك لعادل..هو هيربيك احسن منى..انا مكنتش زوجة كويسة قادرة تحافظ على بيتها وجوزها..هربت مع اول مشكلة قابلتنى وأدينى بهرب تانى..ازاى بس هكون أم كويسة..ضميرى مش قادر يسمحلى آخدك معايا وأربيك على انك متواجهش مشاكلك وتهرب منها..زى ما بعمل انا بالظبط ..ما انا اتربيت على كدة ..كانت ماما دايما تهرب من مشاكلها مع بابا..يابتسافر..يا بتشغل نفسها فى جمعيتها الخيرية..أنا مش عايزاك تبقى زيى ..انا عايزاك تبقى زى باباك..كان نعمة كبيرة أوى فى حياتى محافظتش عليها..وللأسف ضاع منى خلاص..اشوفك بخير ياحبيبى.

تأملته بحنان حزين.. بينما اغمض عادل عينيه من الألم وهو يقف خارجا بجوار باب الحجرة يستمع الى كلماتها..يعلم انها تحبه ولكن يبدو ان حبها أضعف من أن تدافع عنه ..هى أضعف من ان تظل وتجبره على مسامحتها..انه لا يريد عشقها ان كان ضعيفا هكذا..فالحياة مليئة بالصعاب ..ان كانت ستظل معه ثم تتخلى عنه فى كل مشكلة تقابلهم..اذا كانت ستجعله يواجه العذاب مجددا وحده..اذا فمن الأفضل أن يدعها الآن ترحل..نعم من الأفضل ان يفعل ذلك.

كاد ان يغادر مكانه متجها الى حجرته عندما استمع الى صوتها يقول بنبرة ملتاعة:
لأ ..مش هقدر ابعد عنكم..مش هقدر اسيبكم..لو سيبتكم ابقى بحكم على نفسى بالموت..انتوا اغلى عندى من الدنيا دى كلها..انتوا اجمل ما فى حياتى..وعشان تفضلوا فيها لازم أكون أقوى من كدة..لازم مبقاش ضعيفة.

ابتسم عادل وقد اغروقت عيناه بالدموع بينما تستطرد ياسمين قائلة فى قوة:
مش هتنازل عن حقى فيكم..ومش هسيبكم وأمشى..حتى لو عادل كرهنى وكره ضعفى..هفضل هنا وهوريه انى اتغيرت..هو حبنى قبل كدة وأكيد هقدر اخليه يرجع يحبنى تانى.

فتح عمر عينيه فى تلك اللحظة وابتسم لها لتبتسم ياسمين من وسط دموعها وهى تقول فى حنان:
انت معايا ياعمر..مش كدة؟..هنرجع مع بعض اللى خسرناه..هنقاوم كره بابا عادل لية بكل قوتنا..مهما عمل فية هستحمل..حبى ليه وحبى ليك هيخلونى اقدر أستحمل ..هيخلونى اقوى..أنا وانت هنرجع بابا لحياتنا بعد ما ضيعته بغبائى .

انتفضت ياسمين على صوت عادل وهو يقول بحنان:
انتى مخسرتنيش اصلا عشان ترجعينى..

التفتت اليه تنظر الى عيونه الدامعة لاتصدق كلماته..اقترب منها وهو يقول:
وانا مكرهتكيش او بطلت أحبك عشان تخلينى احبك من جديد.

ليقف أمامها تماما يمسك بيدها يضعها على قلبه وهو ينظر الى عينيها قائلا :
من اول لحظة شفتك فيها وانتى مكانك هنا فى قلبى..مفارقتهوش ولا لحظة..حتى لما هربتى وحسيت انى بكرهك لإنى فكرت انى بالنسبة لك ولا حاجة..كنت من جوايا عارف انى بضحك على نفسى وانى مبطلتش احبك..ولما شفتك تانى..من نظراتك ورعشة ايديكى حسيت انك لسة بتحبينى ومن كلامك حسيت بسر مخبياه عنى صممت اكشفه..كنت كل يوم بستناكى تيجى تصارحينى بس انتى فضلتى ساكتة..كنت بتعذب وانا جنبك ..ذكرياتى معاكى كانت حية أدامى فى كل مرة اشوفك فيها..ضعفت بس قويت قلبى
ولما اعترفتيلى زعلت عشان ثقتك كانت فية معدومة وحبك كان أضعف من انك تواجهينى بس من جوايا سامحتك..سامحتك لانى عارف انه غصب عنك..دى طبيعتك..وقلت انك أدامى مسبتنيش من تانى ..ومع الأيام هقويكى..بس مع الأسف..شفتك وانتى ماشية بشنطتك..مشيت وراكى ولما سمعتك بتكلمى عمر وبتقوليله انك هتهربى تانى..قلت مفيش فايدة ..حبك لية لسة ضعيف..كنت خلاص فقدت الأمل فيكى وهسيبك تمشى وتخرجى من حياتى..لكن كلامك من شوية ادانى أمل..أمل فى ان حبك لية قوى مش ضعيف زى ما كنت فاكر..ومع الأيام وانتى جنبى هخليكى تواجهى كل حاجة بتخافى منها ياياسمين.

ابتسمت ياسمين فى عشق قائلة:
يعنى سامحتنى بجد ياعادل ولسة بتحبنى بعد كل اللى حصل بينا.

اومأ برأسه ايجابا فى حنان لتقول هي فى فرحة:
وهنبدأ مع بعض من جديد.

رفع يده يمسح دموعها قائلا فى عشق:
هنبدأ مع بعض صفحة مفيهاش دموع..صفحة أساسها الحب والصراحة..اتفقنا؟

ابتسمت وهى تومئ برأسها فى سعادة ليتناهى الى مسامعهم صوت طفلهم الضاحك نظرا اليه فى حنان..ثم التقطته ياسمين تضمه بحنان وهى تقبل وجنته ليحيطهما عادل بين ذراعيه وهو يغمض عينيه لأول مرة منذ أن فارقته حبيبته بارتياح.

إنتقام عاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن