مرت الأيام على شهد بطيئة منذ تلك الليلة وفارس يخرج أول النهار ليتركها تقوم بكل أعمال المنزل فى قائمة يتركها لها فى ورقة على طاولة المطبخ قبل أن يخرج، وتقوم هى بكل الأعمال فى صمت..تظل تعمل جاهدة وتأكل القليل حتى أصابها الهزال والتعب.. فالمجهود الذى تبذله فى رعاية هذا المنزل الكبير وذنب والدها الذى تحمله فى أعماقها لا يجعلانها تشعر بأى رغبة فى الطعام..ثم تنام مبكرا قبل ان يعود فارس ليتكرر روتينها يوميا..
كانت تقوم بعملها كالمعتاد وهى تفكر بمشاعرها تجاه فارس..لم تعد تشعر تجاهه بالكره بل تشعر نحوه بالشفقة وتساءلت فى نفسها هل الشفقة هى الشعور الوحيد الذى تشعره نحوه ..فداخلها ينمو شعور غريب تجاهه..ذلك المزيج من الاعجاب والانجذاب والذى كانا قد نبتت بذرتهما قبل أن يعرض عليها الزواج لتمر بها مرحلة ضبابية امتزجت فيه تلك المشاعر بالخوف منه لتعود مجددا تشعر بتلك الأحاسيس بعد أن عرفت قصته وسبب ما يفعله بها .. تتسارع دقات قلبها كل يوم وهى ترتب غرفته وتتنقل بين أشيائه..ترى عناوين الكتب بجوار سريره وتلك الصور له ولأخته..لتشعر بأنه شخص آخر غير ذلك الشخص المنتقم الذى يحاول اذلالها..تشعر بأن داخله شخص آخر يقاوم فى الظهور ..شخص حان محب..ان فارس يجذبها نحوه ..يجذب شعورها الانسانى فى محاولة محو احزانه التى رأتها فى عينيه ليلة زفافهما ..ورغم محاولته سجنها وتعذيبها واذلالها وقسوته عليها وتجريحها بكلماته ..الا انها تشعر أنه مرغم عليها والدليل على ذلك انه لا يجلس بالمنزل ليحاول ان يزيد من اذلالها..بل يتجنب تماما المكوث به ..عليها فقط ان تحاول اقتحام حصونه التى بناها حوله لتعيد اليه ابتسامته وحبه للحياة والذين رأتهم على ملامحه فى ألبوم الصور الخاص به ..ستحاول ان تكفر عن ذنب والدها مهما قاومها ..نعم تلك هى خطتها الجديدة ولا مزيد من الهروب.******************************
قالت ياسمين بفرح:
بجد ياشهد؟..يعنى نجاح هتتخطب ..انا مش مصدقة ودانى ..أخيرا فيه حد قدر يقنع عدوة الرجال الأولى بإن الرجالة مش كلهم وحشين..فيه حد قدر يخلى المتمردة الأولى تخضع لسلطانه..ده اجمل خبر سمعته من زمان.ابتسمت شهد قائلة:
انا اول ما سمعت الخبر قلت اقولك علطول ..انا كمان مكنتش مصدقة..لأ ولما تعرفى التفاصيل هتندهشى اكتر.قالت ياسمين فى لهفة:
قولى ياشهد بسرعة..قولى وفرحينى.قالت شهد وهى تستند بظهرها الى الوسادة تريحه بعد عناء اليوم :
الموضوع ياستى..ان الأستاذ وليد خبط فيها فى النادى زيك تمام..بس نجاح طبعا مش زيك و مسكتتلوش..خطبة طويلة من انه اعمى ومبيشوفش او انه اكيد قاصد وساعتها يبقى مامته داعية عليه ..هو كمان مسكتلهاش خبط فيها جامد وسابها ومشى.. بعد كدة طلعت مامته صاحبة مامتها ونفسها تناسبها ..نجاح كالعادة رفضت بس قعدت مع العريس عشان متحرجش مامتها ولما عرف العريس ان عروسته نجاح..قرر يكمل الخطوبة عشان ينتقم منها وهى كمان فكرت زيه وفى مدة قليلة مقالبهم فى بعض اتقلبت لحب وقرروا يكملوا مع بعض..هى دى كل الحكاية..وحفلة خطوبتهم ياستى الشهر اللى جاي ولانها كلمتك كتير ومردتيش عليها ..أكدت علية اعزمك..لازم تيجى ياياسمين.قالت ياسمين بهيام:
هيييح..طبعا هاجى، وانابرده افوت فرصة اشوف فيها نجاح عروسة وفى الكوشة..جاية أكيد ياشهد..هقول بس لعادل وهاجى علطول.قالت شهد :
صحيح اخبارك ايه معاه؟تنهدت ياسمين قائلة :
زى ما احنا مفيش جديد..انتى كمان عاملة ايه مع فارس؟قالت شهد ساهمة:
فارس..فارس ده حكاية معقدة لوحدها مش عارفة ابتديهالك منين؟قالت ياسمين وقد شعرت بنبرات شهد التى تحمل الكثير:
ابتديها من الناحية اللى تحبيها بس بالراحة كدة وواحدة واحدة عشان افهم.تنهدت شهد قبل ان تقول:
هحكيهالك م البداية خالص ياياسمين..من أول ليلة فرحنا.******************************
حاولت شهد تلك الليلة ان تنام ولكنها لم تستطع..كادت ان تخرج من الغرفة لتتجه الى المطبخ لتشرب كوب لبن يساعدها على النوم، ولكنها ما ان تحركت باتجاه الباب حتى سمعت صوت أنين يأتى من حجرة فارس فأسرعت الخطى تجاه الباب المتصل بحجرته ..وحاولت الانصات فتكرر الأنين الخافت ..تمالكت شهد نفسها وتشجعت وهى تفتح الباب لتراه جالسا على السرير يضع يده على عينيه ووجهه..شاحبا للغاية وبنظرة واحدة متفحصة ادركت ما به.. أسرعت الى خزانة الأدوية الخاصة بها وأحضرت الدواء ثم دلفت الى حجرته وأطفأت النور فسمعته يقول مزمجرا:
بتعملى ايه؟قالت شهد بصوت خفيض:
انا طفيت النور يافارس ..انت عندك صداع نصفى والاضاءة هتضايقك اكتر..خد الدوا ده هيريحك.ومدت يدها بالدواء وكوب الماء لفارس الذى قال فى حدة:
ابعدى عنى ..مش عايز حاجة منكقالت شهد فى حزن:
خلى انتقامك على جنب دلوقتى وسيبنى أساعدك..وحياة اغلى حاجة عندك.أحست بتردده فأعطته الدواء الذى أخذه منها وشربه فاستطردت قائلة :
دلوقتى بقى هدلك راسك وهيبقى كل شئ تمام.أحسته يتصلب لتشعر برفضه الذى كاد ان يعلنه فأسرعت قائلة:
من فضلك خلينى أساعدك.ارتخت عضلاته قليلا وهو يتركها تدلك رأسه بأيد خبيرة وبالفعل شعرت به شهد يرتاح ويغمض عينيه يستسلم للنوم فأبعدت شهد يديها عنه ثم دثرته بالغطاء واتجهت لغرفتها ولكنها مالبثت ان توقف عندما سمعته يقول بهمس:
شهد.التفتت اليه فوجدت عيناه تنظران مباشرة اليها رغم الظلام وهو يقول:
انتى عرفتى منين انى عندى صداع نصفى؟قالت شهد بهدوء:
ماما الله يرحمها كانت بتعانى هى كمان منه.أومأ برأسه فى هدوء وهو يقول:
الله يرحمها.ارتسمت ابتسامة مترددة على فمها وهى تقول :
تصبح على خير.لم يرد عليها لتدرك استغراقه فى النوم لتتجه الى غرفتها تشعر بدقات قلبها المتسارعة والتى تخبرها انه رغم كراهيته لها الا انها احبته ..لم تكن تلك المشاعر التى تنتابها تجاهه سوى الحب فنظرة واحدة منه تكفى لأن تطيرها فوق السحاب ..ربما لا أمل لعلاقتهما ولا أمل لأن يحبها ولكنها ستساعده على ان يجد نفسه مرة اخرى ..ستساعده ليكون سعيدا ثم ستخرج من حياته للأبد.
أنت تقرأ
إنتقام عاشق
Roman d'amourقصة وجدتها فى أرشيف اوراقى..أول قصة كتبتها على الإطلاق..نوفيلا قصيرة بقلمى ..بتمنى تعجبكم المقدمة كل منهما سعى للانتقام..أحدهما ينتقم ممن أحبته ثم تخلت عنه والآخر ينتقم من ابنة الرجل الذى لم يكره احدا فى حياته مثله..ليتخلل الانتقام عشقا يعذب كليهما...