تمهيــد

22.7K 396 35
                                    


- ابنتك طـــــــــــــــــــالق يا سيد عمار

((طـــالق)) نزل وقع هذه الكلمة كالصـــــــــــاعقة على مسامع جميـــــــــع افراد أسرتها الذين كانوا يقفون عند باب المنزل...
في حين باشر السيد عمار بالارتجاف وهو مستند الى عكازه الذي ضغط عليه بقوة حتى لا ينهار امام زوج ابنته المغرور ثم قال له وهو يشعر بالدوار :" طالق؟....لم تريد ان تطلقها يا أمير؟....حسنا أيا تكن المشكلة بينكما تعال لندخل الى البيت ونحلها بروية بعيدا عن نظرات الناس الفضولية وعابري السبيل "
ابتسم أمير بغرور كاشفا عن أسنانه البيضاء اللؤلؤية وقال للرجل العجوز :"ليس هناك ما نناقشه يا سيد عمار...ابنتك طالق وانتهى الأمر..."
مد عمار يده الى جبينه ليمسح العرق الذي راح يتصبب منه وقال بصوت مرتفع ومرتجف في آن واحد :" هل تدرك معنى ما تقــــول ايها الشاب؟....لا يمكنك فعل هذا بالمسكينة؟...كيف لك ان تتزوجها البارحة وتطلقها اليوم ؟ هذا لا يجوز قطعا...ماذا سيقول عنها الناس؟ "

قطب أمير جبينه ورد على الرجل الواقف امامه بسخرية :"اذا كان الكلام الذي سيقوله الناس عن ابنتك هو ما يشغل بالك ويقلق راحتك فيسعدني ان اريحك من هذا العبئ و اقول للناس انني لن ارضى مطلقا بان تكون فتاة حقيرة عديمة الشرف والمستوى....زوجة لي...لقد خدعت بمنظرها البريء لأفاجئ في ليلة زفافي انني لست اول رجل يقترب منها وربمــــــــا لست الثاني ايضا "
وكـــــــــــانت الكلمات التي قالها بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير اذ تعالت
همسات الجيران وراح الجميع يرددون ما سمعوه من "أمير" بنبرات مختلفة تتراوح بين الاحتقار والاشمئزاز تارة...وبين عدم التصديق والاستغراب تارة اخرى...
وانهــــــــى حديثه بقوله :" ما هو لكم يظل لكم يا آل ياسين ....تفضلوا قمامتكم لا يحق لكم ان ترموها في بيوت الآخرين "
ثم استدار مبتعدا عنهم حيث اتجه الى سيارته التي ركنها عند زاوية الشارع فظلت مرام تتبعه بنظراتها مصدومة اذ انها لم تستطع قول أي شيء....ظلت تستمع اليه وهو يرمي خناجر حادة مزقت شرفها وحطمت براءتها , لا العين بكت توسلا و لا اللسان تحدث مدافعا , كانت منتصبة في مكانها مثل الصنم الأصم الأخرس...تستمع اليه مدهوشة وكأن الشخص الذي كان يتحدث عنه قبل لحظات لا يقربها ولا يعني لها شيئا...وكأنه يتحدث عن شخص غريب عنها...شخص ليست نفسها ذاتها...
اقتربت منها والدتها وامسكتها من كتفها بقوة ثم ادارتها نحوها وقالت لها :" مرام والدك يحدثك فلم لا ترديـــــــــــــن؟؟"
والدي كان يحدثني...لم اسمع شيئا كما انني لم استطع الرد على أمي ايضا بقيت عاجزة أراقب ....اراقب شفتيها وهي تتحرك دون ان افهم أي كلمة تخرج من بينهما كل ما كان عقلي يستقبله في تلك اللحظات هو صوت طنيــــــــــــــن مؤلم...ثم باشرت الدنيا من حولي تلف وتدور....أصبحت الرؤية ضبابية وغير واضحة أمامي وانتهى بي الأمر فاقدة الوعي على الأرض ,وآخر شيء لمحته قبل غيابي كليا عن هذا العالم هو اسراع باقي افراد اسرتي نحوي وهم يصرخون باسمي وسمعت شتائم من الناس حولي ((تدعي الشرف والعفة واتضح انها حقيرة))...

وسمعت ايضا بعضهم يقولون(( يا للعار لقد لوثت شرف اسرتها....

والناس بعد اليوم لن ينظروا لبنات هذا الحي بسببها ))...
وسمعت احدهم ينادي ويقول ((انها تستحق الرجم بالحجارة ))
وقبل ان اغلق عيني ابتسمت اذ انني لمحت والدي يحمل عكازه ويرميه على ذلك الرجل ويصرخ في وجهه قائلا :" ليتهم كل احمق بشؤونه الخاصة...انصرفوا من أمام منزلي " تصرفه هذا جعلني ادرك ان ابي قرر ان يقف في صفي والا يتخلى عني, لقد وقعت ضحية انتقــــام فضيع لا تصفه العبارات...كنت مغفلة الى حد لا يمكن لاحد ان يتصوره ولكن ما عساي افعل غير الرضوخ للأمر الواقع والرضى بقدري الأسود

.......يتبع....

قدري الأسود * قيد التعديل *حيث تعيش القصص. اكتشف الآن