البارت 3 : صديقي الجديد

148K 895 281
                                    



مع بداية آخر سنواتي قبل التخرج، قررت أن أركز على دراستي ولحسن حظي لا أدرس معها في نفس الفصل. سنة جديدة وأهداف جديدة في حياتي. سأركز على دراستي لأغادر هذا المكان نحو مكان أفضل يقبلني كما أنا.

لكني أحيانا أفكر، ماذا لو انتهت حياتي قبل أن أصل إلى ما أريده؟ أنا هنا أحاول أن أعيش حياة أفضل في مستقبل غير مضمون! هل سأحب يوما ما فتاة مثلي؟ هل ستبادلني نفس الشعور؟ أم سأعيش وحيدة أفكر في اليوم الذي سيكتشف فيه الناس حقيقتي وأصبح فتاة منبوذة يشمئز منها الجميع. أحاول أن أكون إيجابية في حياتي لكن من أين لي بالإيجابي والسلبي هو كل ما يحصل معي؟ لا زلت أذكر رغم أن الأمر حصل السنة الماضية.... كيف رفضتني ... كيف قررت أن لا تتحدث إلي...أجل لقد كان الأمر مؤلما والذكرى مؤلمة لكنني أقسمت ألا أندم على أي شيء فعلته باسم مثليتي الجنسية حتى لو انتهي بي الأمر في الحجيم!

كانت الحياة روتينية كل يوم يبدو كسابقه. صرت أكثر انعزالا من ذي قبل، أقضي كل وقتي في غرفتي أدرس أو أشاهد الأفلام والمسلسلات. في أحد الأيام رأيت إعلانا في المدرسة جذب انتباهي. نادي الصحافة : يقومون بنشر جميع الأخبار المتعلقة بالمدرسة ويبحثون عن أعضاء جدد. قررت الانضمام للنادي و ملأت استمارة التسجيل الخاصة بهم. كان تخصصي هو التصميم.

لم يكن النادي ممتعا حقا أو ربما لم يعد لأي شيء طعم في نظري. لكن ما لفت انتباهي في النادي هو أحد مؤسسيه، شاب كان نحيفا جذابا ذا شعر مجعد . لديه شيء لا أملكه هو ثقة كبيرة في نفسه بدا لي كأنه لوحة تتجول في أرجاء ورشة عملنا الصغيرة يساعد الجميع بدون استثناء. في أحد الأيام كان يجلس بجانبي يشرح لي كيف أجعل التصميم يجذب القراء. لم أكن أستمع حقا لما يقوله، كنت أنظر لحركات يديه، كان يبدو وكأنه ملكة ! لم أدرك نفسي حتى انزلقت الكلمات من لساني :

"لماذا أنت جميل هكذا ؟" تفاجئ ...ثم ابتسم وهمس في أذني بصوت رقيق : "أنت تقصدين... لماذا أنتِ جميلة هكذا؟" فاجئني جوابه ضحكت ضحكة خفيفة وصححت سؤالي وأنا أتلاعب بطرف شعري بخجل "لماذا أنت جميلة هكذا؟" ثم أجابني بطريقة درامية "كل في الأمر هو انني ولدت جميلة"

لقد كانت شكوكي في محلها... إنه امرأة في جسد رجل ! لهذا السبب بذا لي بذلك الجمال، لا شيء أجمل من الأنوثة ! هل يعقل أنني قد حصلت على أول صديق يشبهني ؟؟؟ شخص مثلي...لكن من أين له كل هذه الثقة؟ إنه يتصرف وكأن العالم بين يديه، وكأن العالم يقبله كما هو .

دعاني للمقهى بعد المدرسة، كان المقهى من اختياره يقول أنه يقابل أصدقاءه هنا. طلب كأس قهوة وأنا طلبت كأس شاي. كانت الساعة الخامسة بعد الزوال. لم يكن المكان مزدحما كان مناسبا لحديث شيق أنا على وشك أن أبدأه !

أخد رشفة من قهوته ثم نظر إلي وقال :

- إذا أيتها الآنسة الصغيرة، اخبريني ما هو سرك ؟

بدأت أضحك وأتلاعب بخصلات شعري في خجل :

- ليس لدي أي سر...

نظر إلي عيني ثم قال:

- هيا أخبريني، لقد رأيت الطريقة التي كنت تنظرين بها إلى كاتبة الصفحة الأخيرة !

صرخت بارتباك :

- هل الأمر واضح لهذه الدرجة !؟

- ليس للجميع لأمثالنا فقط، لكن في الحقيقة بعض تصرفاتك كانت واضحة.

أضاف ساخرا :

- لا ألومك حقا، لديها مؤخرة جذابة.

بدأت أضحك وأضفت بشغف:

- وشعرها ناعم جدا أريد أن أموت وأدفن فيه.

لم أتحدث من قبل عن هذا الأمر مع أي شخص هكذا من قبل. ما أقصده هو ...في هذه اللحظة وفي هذه المحادثة بيني وبينه يبدو الأمر عاديا. وكأنني شخص طبيعي لا عيب فيه. وكأن العالم توقف ليعطيني فرصة لأكون أنا. لقد بدأت أدخل إلى العالم الذي يحمل بين يديه.

أخبرني بأنه يعرف الكثير مثلنا ولديه أصدقاء كثر، بل لديه حبيب أيضا ! اتفقنا بأن آتي للمقهى الأحد القادم لكي أتعرف على أصدقاءه وصديقاته لأقابل فتيات مثلي...ربما قد تكون بينهم واحدة ...تحبني وأحبها.

أنا لست جيدة مع الأسماء لم أذكر يوما اسمي أو اسم الناس من حولي. لأنني لا أعترف بوجودهم ولا بوجودي أنا. لكن عندما قابلته.... عندما قابلت أسامة الذي يدعو نفسه سمية ! تغيرت حياتي وأصبحت أعترف بوجودي رغم اختلافي. اختلافنا الذي جعل من هذا العالم الممل عالما جميلا مليئا بالألوان.

اسمي آسية وأنتم على وشك عيش قصتي كفتاة مثلية تحب بنات جنسها وتحاول أن تعيش حياة طبيعية رغم الصعاب.

(الصورة مأخوذة من فلم : The Danish Girl)

فتاة  قوس المطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن