الفصْلُ الأوَّلُ (Ⅰ)

400 31 16
                                    


كانَ شغوفًا بمُطالعةِ كُتبِ التَّاريخِ مُنذُ حداثةِ سِنِّه ؛ شَغلهُ تاريخُ الشُّعوب القديمةُ ولاسيما تاريخُ ما قبلَ الميلَادِ ، تحديدًا تاريخُ الرُّومانِ وآساطيرهِمْ ، كانَ شابًّا مُختلفًا ..

دخل بسرعةٍ إلى المكْتَبة الّتي توسّطتْ بلدته الكبيرةُ ، توجَّهَ مِن فوره‍ِ إلىٰ الرَّفِ الثالثَ عشرَة علىٰ اليمين "ⅫⅠ" باحِثًا عنْ كُتبٍ لبحثِهِ الّذي يعملُ عليهِ لينالَ إفادةَ التَّخَرُّجِ ، كانَ موضوعِ بحثهِ عنْ أُسطورةِ الكائنِ " نِبتُون " أسطورةٌ من تاريخ الرومانِ قديمًا ..

التقطَ كتابًا مِنْ هُنا وآخر مِنْ هناك ، إلّا أنّهُ ثمَّةَ كتابٌ شعَّ منهُ وهجٌ خافتٌ ذا لونٍ أبيضٍ ممزوجٍ بزرقةٍ ، كانَ كتابًا رومانِيًّا صغيرًاةأوراقهُ سميكةٌ ، وقدْ بُهِتَتْ ألوانُها وفرُطَتْ أطرافُها .

أمسَكَهُ بيديهِ اللَّاتيْنِ ترتعشانِ حماسةً ، ونزلَ بهِ علىٰ عجلٍ إلىٰ الطَّابقُ السُّفلي ، وجلسَ علىٰ أوَّل كُرسي وقعَ بصرَه‍ُ عليهِ .

همَّ بفتحِ الكتابِ بوجلٍ ، إلّا أنّهُ سمِعَ همهَماتٍ بلغةٍ غريبةٍ لمْ يفهمْ كُنهُهَا ، التَفَتَ مِنْ حولِهِ لتأكَّدَ مِن أنَّ أحدهمُ سمِعَ الهمهماتِ أيضًا ، ولكِنْ ما مِنْ أحدٍ رفعَ رأسهُ حتَّىٰ ..

انتابهُ شيءٌ منَ الخوفِ .. تردَّدَ قليلًا قبلَ أنْ يفتحَ الكِتابَ ، غيرَ أنَّ آناملهُ خذلتهُ وفتحَتِ الكِتابَ ببطءٍ شديدٍ مُتحسِّسةً إيَّاها ، ازدَردَ ريقَهُ وهُو يقرأُ العنوانَ "نِـبتُون" .

ولَكَم أثاره‍ُ هذا الاسمُ "نِـبتُون" ، إنَّهُ الكِتابُ المطلوبُ لاقفالِ دائرةِ بحثهِ ..

فتحَ أوَّل صفحاتهِ ‹› مكتوبٌ بلونٍ غامقٍ علىٰ رأسٍِ الصَّفحة :

مَن هُو نِبتون ؟! .

نِبتون "Neptūne" والَّذي يطلقُ عليهِ الكوكبُ الأزرق وهو أحدُ كواكب النِّظام الشَّمسي وهو رابعُ أكبرِ الكواكب الثَّمانية، وهو ثامنُ كواكب المجموعة الشمسية وأبعدها عن الشمس في نظامنا الشمسي وهو رابع أكبر كوكب نسبةً إلىٰ قطره وثالثُ أكبر كوكب نسبةً إلى كتلته. تبلغ كتلة نِبتون سَبعَةَ عَشَر مرةً أكبرَ مِنْ كتلةَ الأرضِ .

انتهىٰ منَ القراءةِ فنظر لآخرِ الصّفحة ، فَوجد صورةً لِكوكبٍ قدْ بُهِتْ لونُهَا ، عليهَا شكلِ قُطرٍ ، وكأنَّ الصُّورة تأخذُ قُطْر الكَوكَبِ .

ضرب "مُـنيرٌ " بقبضتهِ علىٰ الطّاوِلةِ وقد جَزّٕ علىٰ أسنانهِ بغضبٍ يُراودُه‍ُ عندما لا يُرضِي فضولهُ :

- سُحقًا كيف سأراه‍ُ الآن ؟!! .

- " بإمكانِكَ البحثُ عنهُ في الإنترنت ! "
قالها بهَمْسٍ أحدُ الأشخاصِ بجانبِهِ .

وامَـاسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن