شهِيدة في فِلسطين

134 11 27
                                    


و بما أننا أردنا اللعب باحتراف، سنضغط على الوتر الحساس لديكِ.
استمتعي جميلتي، و لا تنسي إلقاء نظرة على الصورة.

-

ذلك الصوت المزعج بدأ مجدداً...صوت الطلقات والصواريخ.

تنهدت بصوت عالٍ، وقالت مسندة رأسها على الحائط و الحزن يملأ وجهها:
- إنه يوم جميل للموت.

لتسمع صراخ صديقتها باسمها وتلتف بينما تقول بفزع:
-أعوذ بالله! لقد أفزعتني، خيرًا؟ ما الذي حدث؟

تنهدَت القابعة أمامها بتعب، لتنطق:
- لا تتكلمي بحماقة، لن نموت، سنعيش ونقاتل ونخلص هذا الوطن من المحتلين.

عادت مي إلى وضعها السابق ليخترق حاجز الصمت صور اللاسلكي، قائلًا:
- نحن نحتاج دعمًا عند الجبهة الشرقية، حوّل.

ردت مي بينما وقفت بثقة:
علم، أنا ووردة قادمتان، حول.

بدأت الفتاتان بالركض و هما تحملان أسلحة ثقيلة الوزن، ليضرب على مسامعهم صوتٌ خشنٌ غليظٌ، التفتتا، بدا أنه رجلٌ في الأربعين من عمره، وقف أمامها ليقول:
- إلى أين؟

ردت مي بشجاعةٍ بينما اصفر وجه الأخرى:
- نحن ذاهبتان إلى الجبهة الشرقية، هم بحاجة إلينا.
ليتنهد الرجل ويتحدث الى اللاسلكي:
أرسلوا دعمًا للجبهة الشرقية، حول.
جاءه رد بالموافقة، ليرمق الفتاتين بنظرة احتقار و استصغار، ثم قال:
- توخيا الحذر! المكان خطير للغاية، خصوصًا على الفتيات.

عضت مي على شفتها السفلى بغيظ لترد وردة:
- حاضر!

عادتا للركض إلى أن بقي مئة متر للوصول إلى الجهة الأساسية، وصوت الطلقات الذي بدأ يعلو مع كل خطوة، ألقتا نظرة إلى الأرض ،تلك الأجساد الملقاة على الأرض... الجثث... لاحظت مي طفلًا بينهم، كان وجهه مسالمًا و بريئًا.
نقلت مي بصرها لليمين لترى الأطباء اللذي يحاولون إسعاف المصابين، وبعض الشباب الذين ذهبوا مسرعين للدعم، ذهبتا محاولاتٍ اللحاق بهم... واخيرًا كانت المعركة تسير كفلم للحرب العالمية الثانية أمامهما...  سحبت مي وردة إلى بناء شبه مهدم، أمسكت ببنقديتها لتوجها نحو أول جندي صهيوني وقعت عينيها عليه، أطلقت عليه بينما تحاول التقدم للأمام، نيتها كانت الوصول للواجهة، أكثر مكان خطر في هذه المعركة...
بعد مدة ليست بقصيرة أو طويلة وصلت، لتجد أن وردة كانت تحمي ظهرها طوال الوقت، قالت وردة بينما تتفحص سلاحها:
- نفذت ذخيرتي.
لتقول مي بجدية عكس شخصيتها المرحة:
لم يتبقى لدي ذخيرة أيضّا، اذهبي و اسألي أحد المحاربين إن كانوا يملكون شيئًا قد يحمينا.
أومأت وردة بوجهها لتتجه نحو الخلف.
تأخرت وردة، و هذا ما زاد من قلق مي، لذا هي قررت أن تذهب و تبحث عنها.
نظرت مي الى الشاب الذي بجانبها، كان خائفًا، لاحظت بأن يده مصابة  ولكنه يحاول المقاومة، تجاهلت حالته و قالت:
- أنا ذاهبة لتفقد الوضع.
لكنه لم يعطِها أية ردة فعل.

تجولت مي بين الأحياء المهدمة لتبحث في أرجاء الغرفة عن وردة، ولكن كل ما وجدته جسد صديقتها ملقى عل الارض والدماء تحيط به.

بقيت واقفة لدقائق، وكأن تلك الدقائق كالسنين، افتتح شريط اللحظات بينهما سوية في ذاكرة مي.
أدركت الوضع لتجثو على ركبتيها مسرعة وتجلس بجانب وردة، تقفدت نبضها و تنفسها و لكن لا شيء يدل على أنها حية...خانتها تلك الدمعة وسط صراخ المحاربين بين تلحقها أخواتها...

- منظرك مثير للشفقة.
نظرت مي إلى الخلف ببطء لتقول بحدة:
- أنت!
ابتسم لتظهر أسنانه الصفراء، قال مقهقها:
- أجل، أنا.

بحركة سريعة أخذت مي أحد الأسلحة المرمية على الأرض، لتوجه السلاح عليه وتضغط على الزناد دون تردد، لكن السلاح كان فارغًا...
لتسمع ضحكته المستفزة مرة أخرى، ثم قال ساخرًا:
-ياللأسف، بطلتنا لن تستطيع قتلي!
ليخرج سلاحه و يطلق النار عليها،اخترقت تلك الرصاصه جسد مي لتدخل مباشرةً إلى صدرها، وتقع على الأرض بينما قلبهاينزف دم الحرية التي ضحت به.
قال الضابط مستفزًا لتلك التي تحاول التمسك، بآخر أنفاسها:
- لستِ الوحيدة التي أود قتلها، يوجد الكثير...

تستلقي تلك الجريحة على الأرض بينما تفقد المزيد و المزيد من دمائها... ابتسمت عِندما تذكرت آخر لحظاتها مع أمها.
- امي أنا سأذهب
لتصرخ أمها قائلة:
- أنا لا أسمح لكِ بذلك،من يريد أن يرسل ابنته للموت؟!
ردت مي بينما تقبل رأسها:
- لم يعد بالإمكان فعل شيء، عاهدت نفسي أن أحارب من أجل وطن المسلمين، وأنا ذاهبة، كل ما أريده رضاكِ يا أماه... من دونه لن أرى جنة المسلمين يا أمي!

ابتسمت بينما تتذكر نظرات والدها الفخورة، آخر ما رأته هو جثة صديقتها الموجود بجانبها، ثم رفعت إصبعها السبابة باتجاه السماء بينما تنطق الشهادة، لتغلق عيناها و تكون هذه الفتاة إحدى آثار الثورة.

-

إذن، كيف كان الفصل؟

من ترين الأنسب من صديقاتك على الواتباد أن تجاهد معكِ؟

من برأيك الكاتب؟

توقِيع أنستازيا.
توقِيع نايت.
توقيع لُو.

متاهةٌ ثلاثية.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن