كان جالسا في مكتبه الفاخر ذو التراث الفرنسي الكلاسيكي الذي يعم معظمه اللون الأسود الداكن على ذلك المقعد الوثير وهو يقوم بمراجعة بعض الأوراق المتواجدة بين يديه بإصغاء واهتمام كبيرين محاولا صب جم تركيرة عليهما دون الإنغماس في أي شيئ آخر ولكن يبدو أن لعقله رأي آخر فسرعان ما برزت مفاصل يديه واحتدت نظرات عينيه بغضب عندما تذكر ما حدث معه بالأمس حينما عاد من الشركة فى الساعة السادسة مساءً وذهب إلى غرفة أبيه بسبب إخبار الخادمة له بأن والده طلب منها إعلامه بأن يذهب إلى غرفته بعد عودته من الشركه مباشرة
دلف إلى غرفة والده ذات التراث العتيق المطلية بذلك اللون الأبيض المائل للصفار قليلا بينما كان أثاثها مصبوغا باللون البني القاتم، دارت عينيه في جميع أرجاء الغرفة بحثًا عنه وسرعان ما وقعت عينيه عليه وهو يراه جالسًا برفقة عمته (صفية ) التي كانت تبكي بإنهيار ووالده يحاول تهدأتها
انتفضت أوصاله بفزع بعدما رأى هيئتها تلك فهرول تجاها وهو يهتف بقلق وإضطراب
"عمتي مالك يا حبيبتى بتبكي ليه فى إيه ... إيه اللى حصل "
رفعت نظرها إليه بعدما استمعت إلى صوته الذي كانت بحاجة له في هذا الوقت وسرعان ما ألقت بجسدها داخل أحضانه وظلت تبكى وهى تردد بتشنج وإرتجاف" بنتى هتروح منى يا مصعب بنتى هتروح منى"
عقد حاجببه بإندهاش بعدما استمع إلى كلماتها التي لم يفطنْ منها شيئ ثم وجه نظراته المحتارة تجاه والده الذي كان يتابع بعينيه ما يحدث بقلة حيلة قائلا بتساؤل
" فى إيه يا بابا إيه اللى حصل ومالها صبا"تنهد والده بحرارة ثم أجابه وهو يشير إلى شقيقته التي مازالت على حالها منذ أن علمت بتلك الكارثة التي أحلت بها
" خد عمتك أوضتها وتعالى "
أومأ إليه بإيجاب بعدما تيقن من نظراته بأن شيئا عظيما أحل بهم ثم أمسك يد عمته بعدما قبل جبينها بحنان واتجه بها إلى غرفتها مساندا إياها برفق ثم وضعها فوق فراشها بهدوء واتجه إلى الخارج عائدًا إلى والده مرة أخرى بذهن شارد يفكر في الأمر الذي جعل عمته تنهار بهذه الطريقة ... شعر بالضيق يحتل أوصاله ويتملك قلبه بعدما رأى تلك الدمعات العزيزة التي كانت تتلألأ في عينيها فالعمة صفية من أقرب الناس وأحبهم إلى قلبه فهذه المرأة تركت بيتها وحياتها السابقة وجاءت منزل شقيقها بعد وفاة زوجته أثناء ولادتها لإبنتها الصغرى ضحى، جاءت إليهم حينها وتركت بيت زوجها الراحل الذي استشهد أثناء حراسته لأحد المنافذ الدوليه بعد زواجه منها بشهرين، ربما ما جعلها تستطيع إجتياز تلك الفترة حينها هو خبر حملها بإبنتها (صبا ) والتي جعلتها قادرة على مواجهة المصاعب من أجلها
فاق من شروده بعدما وصل إلى غرفة والده الذي وجده مازال جالسا على ذلك المقعد الذي كان يجلس عليه قبل رحيله بملامح وجهه المتهجمة فهتف إليه وهو يطالعه بتساؤل
أنت تقرأ
قدر الصبا
Ficción Generalظن ان الطاعه والعباده تنحصر فى الصلاه والصيام فقط حتى انه عندما رأى مدي التزامها حكم عليها انها جاهله ومتشدده فماذا اذا اصبحت تلك الجاهله من وجهة نظره زوجته؟