خلف حائط الحديقة

5.9K 420 57
                                    




أمسكتُ بالمقبَض العتيق لأدخُل المهجع الذي ظل مُغلق لسنواتٍ عديدة، لم أتي لِهُنا قط.
رُبما لأني شعرتُ دومًا أني منبع الأذى لِمالك هذا المنزل، لكن أدركت أن شعوري كان دائمًا مُخطئ عندِما خسرتُ ما أملك، وها أنا أتيتُ اليوم للمرة الأولى لأكون ذكرى أخيرة بِهذا المكان.
عملت لساعاتٍ طويلة أُنظِف المنزل، ثم أرتديتُ معطفي ونظرتُ للتقويم، أنهُ شتاء يناير لِهذا العام، أنتشلت قلمي لأضع دائرة حول آخر أيام ديسمبر لِذات العام ليكون عامي الأخير بهذه المدينة الباردة.
لأضعَ ذكريات وهمية لم أستطع تكوينها عِندما أُتيحت لي الفرصة.
فتحت الباب لأراها تقف تبتسم بِإبتذال "مرحبًا" مَدت يداها تُقدم الكعك "أنا جارتك، أسكن بالجوار وأردتُ الترحيب بِك" كانت عيناها مُجهدة كقطة لم تنم مُنذ سنواتٍ عدة.
"أنا ممتن لِهذا لكن لا أقبل الهدايا مِن غُرباء" نظرتُ لوجهها الشاحِب وبشرتها الدَّاكنة التي ذكرتني بِه.
أمسكتُ الصَّحن "أنا ممتن كثيرًا لكن أرجو منكِ ألا تُقدمي الهدايا مرة أُخرى"
كنت في طريقي لإغلاق الباب إلا أنها وضعت قدمها لتُعيقه "أصبحنا جيران لِذا لنكن أصدقاء.. أنا آرونغ"
هل يجب أن أقبل عرضها حقًا؟ أبتسمت لأُجيب "وأنا نامجون، لن أُطيل المكوث هُنا لِذا أُفضِل عدم تكوين صداقات أيضًا"
أغلقتُ الباب لأستمع لها تتحدث عبر الباب "رُبما ستمكث هُنا طويًلا لِذا يُمكنك قبُول عرضي متى تشاء"
وضعتُ معطفي بعيدًا مرة أُخرى، لا أظن اني أُريد الخروج اليوم أو حتى بالغد.. رُبما لا أريد المغادرة ابدًا.
رُبما أُريد البقاء لأكون جزءًا من هذا المنزل قبل رحيلي.
تجولت أبحث عن المُذكرات التي أختفت بدون أثر، أيعقل أنها سقطت بالمطار أو في طريقي لِهنا؟ لا أظُن أنه يُمكن لليوم أن يُصبِح أسوء.
ألقيتُ جسدي فوق السرير ودفنت رأسي بمفارش السَّرير، كانت الرائحة إختفت بسبب السنوات الطائلة التي مرّت بِدونه.
كان يستعمل رائحة جوز الهند ولكن بسبب حساسيتي المفرطة منه إستعمل الڤانيليا، لم ألحظ أبدًا أنه أخفى زجاجة عطر جوز الهند بعيدًا عني لأنها كانت المفضلة لديه لكنه لم يشأ أن يؤذيني.
أغمضت عيناي وقررت أن أنام أنلًا أن ينتهى هذا العام سريعًا.

mono | مُنفرد → K.NJ. √حيث تعيش القصص. اكتشف الآن