mono | مُنفرد → K.NJ. √

تألق في حصاد القمر

تلقيتُ مكالمة بالصَّباح الباكِر مِن آرونغ "أنا في طريقي لِدار الإيتام الذي ترعرعت بِه، أتريد مُرافقتي؟" لم أتردد للحظة بالموافقة وذهبنا سويًا، لا أُريد التردد كما فعل الأمير القبيح بأسطورة زهرة الزمرد، لا أُريد أن يفوت الأوان.
كانت تتحدث مع الأطفال وتُريهم خِدع بصرية، بَدت لي كأنها لم تترك المكان قط، كأنها زارت الدَّار يوميًا مُنذ غادرته، الجميع يُنادي بإسمها للترحيب بِها، رغم إمتلاكي لعائِلة ومنزل لم أشعر أنه مُرحب بي كما الجميع هُنا.
تركت آرونغ وذهبت وحدي أتفقد المكان حتى أوقفتي راهبة تعمل، ألقت علي التَّحية ثم تحدثت "آرونغ لم تُحضِر أي شخص لِهنا، وفضلت إبقاء كونها فتاة يتيمة سِرًا عن الجميع؛ لِذا فلا شك أنك هذا الشاب الذي تحدثت عنه مُسبقًا"

في طريق عودتنا بدت لي أكثر إشراقًا ونشاطًا لِذا بادرتُ بالسؤال "لماذا تُخفين عن الجميع أنكِ بلا عائِلة؟" لم تتغير تعابير السعادة التي إعتلت وجهها، بدت لي مُرحبة للتحدث معي "في الطفولة إرتادت فتاة يتيمة ذات الصَّف وعندما علم الأطفال أنها بلا عائِلة، هجروها جميعًا؛ لِذا أخفيتُ الحقيقة كي لا يبتعد عني الجميع"

"لماذا؟"
"لماذا هجرها الجميع؟ لم أفهم يومًا لماذا أيضًا، لكنني أدركت بذلك اليوم الذي قررت أن أُخفي عن الجميع أني يتيمة أنني صنعت نفسي مِن كِذبة وسأبقى تِلك الكذبة للأبد... أُنظُر!" أشارتْ نحو القمر البرتقالي بالسِّماء "أنه قمر الحصاد" أجبتُ أنا "يبدو جميًلا"

"في اوآخر الخريف يظهر القمر كاملًا ليعلن عن موعد الحصاد، وبِتلك الليلة يستطيع الفلاحون مواصلة حصد القمح بسببه توهجه طوال الليل"

أنا أستطيع أن أرى هذا القمر بشكلٍ أقرب بِفضلك آرونغ، الجميع هُنا يبحث عن أحلامه بِهذا العالم فيما أنا فقدت الأمل بالعالم إذا كُنت سأحلم من دونك.
أنتِ ذاك القمر آرونغ.
الجسد الذي ينكسر ليُضئ ليالي الأخرين.

"لماذا لا تحاولين الذِّهاب لمصحة إعادة التأهيل مرة أُخرى؟" كانت تقف أمام منزلها لكنها لم تدخل بل توقفت لتتحدث.
" في بعض الأحيان لا نريد الشفاء لأن الألم هو آخر رابط لنا لما فقدناه"

لم أستطع معارضتها، تألُمي لِأخي هو الأمر الوحيد الذي يربطني به ولا أريد لِهذا الألم أن ينتهي.
لا أُريد أن أفقد ما تبقى مما فقدته قديمًا.