( 21 )
_ رهينة ! _
يافـا / القدس المحتلة
صباح باكر ، يلج "إبراهام" برفقة الچينرال "ديڤيد إليعازار" إلي الصرح الأمني لبلدية تل أبيب ، يسير "باروخ" ورائهما معه مجموعة من الحرس و العساكر
كان يضع فوق أنفه المتورم كيساً من الثلج و لا ينفك يرمق "إبراهام" شزراً .. وصلوا جميعاً إلي مكتب رئيس الجهاز شخصياً ، كان رجلاً خمسينياً يجلس خلف مكتب عصري يضم أوراقاً و شاشة حاسوب و تحفة خزفية واحدة علي شكل النجمة المقدسة لديهم ...
ما أن وقف "ديڤيد" أمامه حتي حيّاه بإحترام شديد ، ثم قال برسميته المعهودة :
-هاك إبراهام فردمان آدون آيزاك . جلبته لك بعزة و شرف كما أمرتني . و الفتاة أيضاً تم نقلها إلي هنا !
إبتسم المدعو "إسحاق بن حاييم" فظهرت تجاعيد وجهه الطفيفة و هو يقول مثنياً علي صنيع نائبه :
-أحسنت . أحسنت ديڤيد . أرسلتك لتحضر لي سبعنا الضال فإذا بك تآتيني به و بلبؤته أيضاً .. و ضحك
-أي مكسب أفضل من هذا ؟!
ديڤيد بلهجة قوية :
-المكسب . و الإنتصار دائماً لنا يا سيدي . هذا ما تعلمناه
أومأ "إسحاق" قائلاً :
-أحسنت يا فتي !
و فجأة لفت نظره "باروخ" ذي الفم الدامي و قطع الثلج تلك التي يضعها فوق أنفه ...
-و أنت ما الذي حل بك ؟ .. قالها "إسحاق" مشيراً بسبابته نحو "باروخ"
رد "باروخ" و هو يتوقد غيظاً :
-هذه عيّنة بسيطة من قدرات إبراهام القتالية يا سيدي . حرياً بنا الإستعانة به في بعض المهام من حيناً لأخر . سوف يفيدنا جداً .. و تآوه بخفوت عندما ضغط من دون قصد علي الجرح المفتوح
عقد "إسحاق" حاجبيه متظاهراً بالإنرعاج و علا صوته و هو يقول بصرامة :
-حسناً . لقد أديتم المهمة علي أكمل وجه . لن نخوض في أحاديث فارغة الآن . هيا فلينصرف كلاً منكم إلى عمله . إتركوني مع إبراهام وحدنا قليلاً
إنصاع الرجلين إلي أمر الرئيس و إنصرفا فوراً ، فأصبح "إبراهام" في متناوله تماماً .. كان وجهه جامداً كحجر صلد ، و يداه معقودتين أمامه ، بدا نافذ الصبر و مليئ بمشاعر العداء و العصبية إلي أقصي درجة
مما دفع "إسحاق" لأن يقوم من مكانه و يسير ناحيته بتؤدة و هو يقول بلهجة لطيفة و حازمة في آن :
-مرحباً بك في الوطن أيها العزيز إبراهام . لقد مضي زمن طويل أليس كذلك ؟ هل تذكر المرة الأخيرة التي زرت فيها إسرائيل ؟ كان عمرك ثمانية عشر عاماً تقريباً . كنت يافع جداً و كنت أنا أول من علق عليك آمالاً كثيرة . ماذا حدث بني ؟ لماذا إبتعدت هكذا ؟ لماذا تركتنا و ذهبت لتستوطن بلداً أخري بينما بلدك الأم هنا بحاجة إليك دائماً ؟ هنا أهلك و أصدقائك و إخوانك . نحن عصبة واحدة أمام العالم كله . كل يوم نتوسع و نستقبل مزيداً من ذوينا و أهلنا . و أنت ما زلت تفضل البعد عنا . و في الأخير تتخذ من أعدائنا زوجة و أصدقاء تآويهم بمنزلك و تمدهم بعونك و حمايتك !!