201 42 49
                                    

-

تِلك الأنفاسُ الباردةُ كانت تَخرجُ أمامَها ببطئ شَديد، أصاب التنمل أطرافَها ولم تَعد قادِرة على التَحركِ إنشًا واحدًا، زرقاوَتاها ثابتتا التحديقِ في الجَسد الواقِف أمامَها، أكبرِ مَخاوفها ومَن حاولت مرارًا الهَرب منه.

لا تَعلم ما الشَجاعة الّتي دبّت بها جاعلةً منها تدفعهُ بقوة، فيسقُط وكأنه جثةٌ هامدة، وعلى محياهُ ابتسامة تبرزُ أسنانه الصفراء.

«لَست حقيقيًا..»

أنبَست رفقةَ أنفاسِها المتصاعِدةِ قَبل أن تعاودَ الجري، وفي كل خطواتِها ترى جسدهُ قربَ شجرةٍ وأخرى، وكأنها عالقةٌ في أحدِ كوابيسها، ولكنها تستمرُ بتذكيرِ نفسها بعدمِ وجودِه، رغمَ رعبها الداخلي الكَبير.

لَمحَت جسدًا غير مألوفٍ عن سابِقه، فاتجَهت نحوَه فورًا، لتصطَدِمَْ بسُترةِ أيدن المتصنمِ مكانَه رِفقةَ سيمفونيةِ الهمساتِ الّتي يسمعها، ولكنَ حركةَ إيفيريت جعلتهُ يلتفتُ إليها ويسحبها راكضًا فورًا.

كِلاهما لم يجدا الوقتَ مناسبًا للكلامِ أو التبرير أمام الرعبِ الّذي عاشاه، كل منهما أمسكَ بالآخر متجهينَ نحوَ مكانِ الرحلة، آملين أن تختفي كل مخاوفهما كالسرابِ بعد مغادرة الغابة.

بَلغا أطرافَها أخيرًا وسرعانَ ما سقطا لاهِثينِ من عناءِ الجري، ثيودور كَان يلاعِب لفافةَ تبغٍ بينَ شفاههِ بينما يراقِبهما ببتسامةٍ خافتة، واقفًا قربَ الحافِلة.

«ياللحَظ، لَم أتوَقَع عودَتكما! هَل وجدتما الطفلة؟»

ضحكةٌ ساخرةٌ خرجَت من فاههِ رفقةَ نفثهِ للدخَان، بينَما إنقَبضَ قلبُ إيڤيريت عندما إستذكَرت ما حَدث لكريستال.
البَقيةُ نزلوا مِن الحافلةِ يراقبونَ حالَ الإثنينِ المزرية، وقَد لاحَظوا وجومَ إيڤيريت المستعدةِ لإخبارهِم لما عادت دونها.

«لا أعلمُ كَيف، ولكنها إختَفت تمامًا، وكأنها ماءٌ وتبخر أمامي.»

ضِحكةُ العَجوزِ مايلي كَونَت صخبًا مزعجًا رِفقةَ النسمّات الباردةِ المثيرة للقشعريرة، جَو كانَ مناسبًا ليتَخذَ كلٌ منهم ردةَ فعلٍ مختلفة، تَحتَ أنظارِ ثيودور الّذي يتفحصُهم بدقة.

ڤلنتين الّتي شَعرت بالخوفِ مِن كلامٍ تحاوِلُ عدم تصديقه، وفي رأسِها تتلاعَبُ الكثيرُ من الأفكارِ المحتارةِ في المجازفةِ لتنفيذها، جاعِلةً منها كالقنبلة الموقوتَة، غَيرَ آبهةٍ لجَسدِ ابن أختها الّذي التَصقَ بها خوفًا.

بينَما ڤيلدا تُحدِق بذبولٍ بالهرمةِ الّتي تَضحكُ بقوة، عدَمُ قدرتها على الكَلامِ يخنقُ الكثيرَ داخِلها، ولَن تنكرَ أنهُ يهمشها شيئًا فشيئًا.
بينَما ظَل ماثيو يستمعُ بهدوءٍ للفوضى خارجَ الحافِلة.

المحطة الأخيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن