_جاد طلب يدكِ للزواج ابنتي !!
و كأنما تمَّ دفعها من حافة جبل شاهق الطول..فغرت شفتيها بغباءٍ تام..بل بصدمة تامة..و تلاحقت أنفاسها قليلًا و عقلها يتوه للحظات قصيرة في دوامة قاتمة من الماضي..يكرّر نفس الجملة بصوتِ والدها مرارًا..
" جاد طلب يدكِ للزواج ابنتي !! "
ألم يكُن سيطلب يدها في ذلكَ اليوم أيضًا ؟!!
نفسه الذي انتهى بمأساة شجاره مع والدها و خروجه بعد أن ألقى بوعده المرعب ذاك..ذلكٓ الوعد الذي لا تزال كلماته تتردّد في ذهنها حتى اليوم..تحفظها كلمة كلمة كنصّ من قصيدة لا تحِبها لكنها تحفظها عنوة منذ أن قرأتها لأول مرة رغم ذلك !
ثم...ألم تكُن غايته التالية الإنتقام منهم ؟ لماذا الآن إذن......
كانت تشعر بالذهول لدرجة أنها عجزت عن الإستيعاب و التفكير حتى في تلكَ اللحظة..فقد ظلت فقط تنقل نظراتها التائهة بين والدها و بينه..
و ما إن استطاعت استجماع القليل فقط من صمودها لتتكلم قاطعها صوته الذي أتاها في منتهى الهدوء
في منتهى الأدب و التفهم و اللطف !
_هل يمكن أن نتكلم قليلًا أنا و أنتِ ؟!
نظرت له شبه مُجفلة..و فتحت فمها تنوي الرفض تلقائيًا..لكنها مجددًا......وجدت نفسها أسِيرة لعينيه النافذتين إلى أعماقها..و لابتسامته..معضلة قلبها الأعظم و الأسمى كانت ابتسامته !
يا إلهي..لقد كانت تظن بأنها نجٓت بقلبها..لم تفكّر و لو للحظة خلال كل سنواتِ غيابه بأنه لا يزال يمتلكُ كل هذا التأثير عليها..حتى في تلكٓ اللحظات التي كانت تتوقف بينها و بين نفسها حينما تخترق عقلها ذكرى عابرة لهما فجأة..
كانت تهز رأسها قانطة و تعود إلى حياتها الطبيعية مرغمة نفسها بأن حياتها بدونه...طبيعية فعلًا !
و في اللحظة التي أيقظت نفسها في محاولة أن تجيبه بأيِّ شيء..فقط أيّ شيء تختم به مهزلة هي في غنى عنها..وجدت نفسها بلا إدراكٍ تومئ له بكل......غباء !!!
هزَّ جاد رأسه و همس موجهًا كلامه لوالدها بدون أن يزيح بأنظاره عنها..بنفسِ ابتسامته تلكَ التي لا يبدو أنها أصبحت تفارق عينيه أبدًا..
_هل تسمح لنا خالي ؟!
_بالطبع..اخرجا للشرفة و تكلما براحتكما..
صوت والدها تسلل إليها متباعدًا جدًا..بينما غامت عيناها مجددًا في اللا شيء و هي تجبر قدميها على السير به إلى الشرفة فعلًا ما إن أشار لها جاد بيده لتتقدمه..
و ما هي إلّٓا لحظات..حتى وجدت نفسها تقف أمامه في الشرفة الخارجية..بمفردهما..و كأنما تمَّ النقر على زرِّ الإدراكِ لديها فجأة..فزفرت أنفاسها المُرهقة من كل شيء..
أنت تقرأ
حتى آخر رمق !
Short Storyو عندما نظرت إلى عينيكِ..في تلكَ اللحظة بالذات.. أدركت بأنكِ تخصّينني و هذا ما لن أستطيع لا أنا و لا أنتِ نكرانه..لقد كنتِ من الجمال بحيث فقدت كل قدرتي على الكلام و بقيت هائماً بكِ..أحاول أن أشبع اشتياقـاً دام لسنواتٍ دون أن أرى ملامحكِ الحبيبة التي...