حارس التوازن

-6- نور وظلام

المنزل غدا غير مرئي حين نظرت خلفي لوهلة، كنت قد شعرت بفضول كبير حين طلب مني أودريك السير خلفه حتى تهنا بين الأشجار.
"أريد أن أريكِ شيئاً."

"يوجد نوعين من السحرة..."
هو انخفض جالساً القرفصاء وتناول غصناً صغيراً ليحفر شيئاً على التراب الرطب في حين راح يتحدث:
"سحرة النور وهم من تعرفينهم، الأشخاص الذين يستطيعون إلقاء التعاويذ وتسخير طاقة حياتهم لفعل مايرغبون..."

العصا قامت بنقش دائرة كبيرة وقسمها لقسمين، الأول ضخم ويساوي ثلاثة أرباع الدائرة أما الثاني فساوى الربع.

أشار أولاً للجزء الضخم واستكمل:
"...ويعيشون غالباً في العالم الموازي."

"غالباً؟"
وجدت نفسي أسأل باستهجان قبل أن اقترب منه وأنخفض أمام الرسم ببطء قائلة:
"أنا أعلم أنه من الممنوع عليهم خروجهم لعالمنا هذا. منذ الحرب لم يطأ ساحر غير مصرح به أرض العالم الحقيقي."

"أقاويل."
أودريك نطق ولوّح بالعصا أمام وجهي مردفاً بصوت خافت:
"بعضهم يظن بأن خرق القوانين يُعد مغامرة، ومن في الخارج منهم كثيرون."

"هذا غريب من المفترض ألا يدع حراس التوازن أمراً كهذا يحصل."
تمتمت بلا فهم إذ أن عمل والدتي يقتضي على شيء كهذا، مراقبة السحرة.

"الحراس لا يستطيعون رؤية كل ما هو خفي."
أودريك تحدث وعيناي الحائرتان وجدتا خاصتيه حين أردف:
"ما أعنيه هو أن بعضهم أقوياء وأذكياء لدرجة تجعل خروجهم أمراً لم يحصل، ما يحركهم أقوى من الخوف من القوانين."

"التعجرف؟"
ما أن سألت حتى ارتفع طرف شفة أودريك بابتسامة هازئة وأجاب:
"بل الثقة المطلقة بالنفس."

حسناً. يبدو أن حراس التوازن أنفسهم لا يستطيعون فعل كل شيء، على الأقل ليس بالعدد الصغير الذي هم عليه حالياً، وأعتقد أن أودريك محق. الكثيرون يصيبهم الفضول بشأن قوانين مجتمعاتهم بعدم الاختلاط بالبشر وقد يودون اكتشاف السبب بدافع الفضول، لكن لايجب على أحد أن يفعل لأن الاختلاط بهم سيؤدي للإنكشاف أمور لا يجدر بالعامة من أي جنس أو نوع المعرفة بها.

"يبقى...طالما لن يثيروا المشاكل وأتقنوا الاختباء فلن يضطروا للإلتقاء بهم."
أودريك تنهد كلماته الأخيرة وأنا اتفقت هامسة:
"صحيح."

"أما النوع الثاني..."
العصا في يده تحركت نحو الربع الأصغر الضئيل وحطت هناك ما أن أردف:
"هم سحرة الظلام، أشخاص مثلي..."
أشار لنفسه ثم لي:
"...وبطبيعتكِ."

"لما...ظلام؟"
سألت بتشوش وأودريك هز بكتفيه قبل أن يجيب ببساطة:
"قوتنا تزداد ككل الكائنات عن طريق غذاء معين."