-19- الرماد الفضي لـ ليكاون

2.5K 275 228
                                    

البوابة التي صنعتها تيسا كانت منيرة، ليست بيضاء تعمي البصر إنما ذهبية. في الداخل بدا الأمر وكأنني أسير على زجاج مشبع بالذهب.

لحقت بها ما أن رأيتها تنتظر على بعد عدة أقدام فشعرت أنني لم أخطو إلا خطوة واحدة وقد كنا بالفعل على الطرف الثاني، وجهتنا.

غابة خضراء بأشجار عالية كان ما واجهنا ولكن الأرض من أسفل قدمينا لم تكن ممتلئة بالجذوع والأوراق كما توقعت، بل عشب ناعم ومشذب جيداً بطريقة تدل على أنه يتم الاعتناء بهذه المنطقة.

ضيقت عيني ورفعت رأسي في محاولة فاشلة لرؤية الأفق.
"ما قصة الضباب؟"
تمتمت. كان الضباب كثيفاً لدرجة تشعرك بأن بركاناً قريباً قد ثار منذ زمن طويل وما يعوم في الهواء حالياً ليس سوى رماده الفضي البارد.

نظرت لتيسا بقربي محدثة إياها:
"أين يقع هذا المكان بالضبط تيسا؟"

"أرض مجموعة رماد ليكاون الفضي..."
الفتاة التي كانت تحدق بما حولها بحيرة واضحة ونظرة قلقة استطعت ملاحظتها بسهولة أكبر حين ابتسمت وتلعثمت مجيبة:
"او هكذا أظن، لست متأكدة، لكن من المفترض أن يكون هنا."

"من؟"
غمغمت لكن لم ألقى جواباً ولم أعبأ به حين بدأت بعض الظلال من الظهور من بين الأشجار من كل حدب وصوب لتحاصرنا بهيئة سوداء غطاها الضباب.

صوت العواء تعالى يميناً ثم يساراً ليصبح خلفنا كما لو أنهم يتحدثون في ما بينهم.

قرابة العشر ذئاب -ولست متأكدة إن كان هذا عددهم حقاً- استطاعوا حبسنا في المنتصف بسهولة وكأنهم لم يرغبوا بزيارة مفاجئة من بعض الغرباء اليوم فقد كانت أفواههم تزمجر بتحذير عظيم.

"تيسا، هل أتيتِ هنا من قبل؟ ولو مرة؟!"
الخوف بدا جلياً على وجهها فأخرسها لكن رأسها الذي أخذ يهتز يمنة ويسرة بسرعة ترك دليلاً لا شك فيه على النفي.

"أنا لم أتوقع هذا."
تيسا تذمرت بنبرة خوف واضحة وأنا مددت يدي أتلمس ظهري حيث من المفترض أن تكون حقيبتي موجودة. لم أتفاجأ كثيراً حين لم أجدها فبعد كل ما حصل يبدو أنها سقطت مني دون أن ألاحظ.

لم أملك الوقت للتفكير مرتين حيث إنقضّ على كتفي جسد فروي ضخم وسحبني بعيداً عن تيسا التي هتفت باسمي بذهول ليطرحني أرضاً بلا أي هوان.

"افعلي شيئاً!"
هتفت حين قمت بلكم فكه ليترك فاهه كتفي لثوان قبل أن يزمجر صدره ويشهر أنيابه في وجهي مع صوت خافت إمتلأ بالوعيد.

"أنا حتى لا أستطيع رؤية ما أمامي، الضباب أصبح أكثر كثافة!"
صوت تيسا أخذ يصبح بعيداً أكثر بوضوح، أنا لم أتحرك من مكاني ولكن يبدو أنها من ابتعدت.

"أيتم جرك من شعركِ أم ماذا؟!"
صرخت وأنا أقوم بلف ساقاي حول عنق الذئب وأطبق فكه مغلقاً بكلتا يدي بكل ما أمتلك من قوة لأمنعه من نهش وجهي.

حارس التوازنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن