الفصل الأول

13.6K 289 13
                                    

الأول
عانق خاتمه بنصرها لترفرف الزغاريد معلنة بداية حياة قلبه فى حماها .أحاطت عينيه قسماتها الحبيبة ليهنأ قلبه بقربها للأبد
ضم رقة كفها بدفء كفه لتنظر له بخجل : اخيرا يا سيلين ...
لترفرف اهدابها مظللة براعمها الزيتونية المبهرة : اخيرا يا عامر
أقبل الاصدقاء مهنئين والجميع يتمنى لهم دوام السعادة . ربت على كتفه ليرفع عينيه وتهلل السعادة بوجهه صارخا : انس
هب عامر مرحبا بصديقه العائد لتوه بإجازة قصيرة من خدمته العسكرية .. إنه حتى لم يبدل ملابسه ..بل أسرع يشاركه فرحته بحبيبته التى طالما حدثه عنها ويراها انس لأول مرة .
مدت كفها الرقيق تصافحه ليغبن وجهه ويتمنى أن يكون مخطئا ...
ابتعد أنس خطوات للخلف تاركا مساحة من الخصوصية ل عامر وحبيبته التى تمناها طويلا .
إلتف حوله أصدقاءه ليدع الظنون جانبا وينخرط معهم بكيانه كاملا ليمر الحفل بسلام .
*****
عاد انس إلى منزله محملا بشكوكه لكنه عاد منهك القوى ليتوجه للنوم فورا ومن حسن حظه أن عاد والجميع نيام .
استيقظ صباحا على دفعات صغيرة من كف اصغر وصوت برئ يتساءل
: سالو انث انت كيت ؟؟
ليفتح عينيه وتتمثل أمامه البراءة بصورة ابن شقيقه الأكبر : لا يا لمض ماجتش .. ما أنا نايم قدامك اهو يا خميرة الازعاج وبعدين غلبت افهمك أنا عمك يابنى وربنا عمك
يضيق الصغير عينيه بغيظ : أنا سميرة ازعاك . . طيب
واندفع للخارج ليتبعه انس قبل أن يشى بوجوده لوالده فيتعرض للتعنيف لعدم إيقاظ والديه لدى عودته
خرج الصغير انس يجرى يتبعه عمه ليحمله عن الأرض بذراعه الأيمن ويكمم فمه بذراعه الأيسر .
يركل الصغير اعتراضا فيهمس بأذنه : انس حبيبى هجيب لك الطيارة بالريموت
لتهدأ حركة الصغير فورا ويطوق رقبته بذراعيه الصغيرين فيهمس انس : مادى حقير .
توجه إلى حيث يجلس والده عادة في الصباح يرتشف قهوته بهدوء ليبادره : وحشتنى يا حج
رفع والده عينيه له بسعادة : انس حمدالله على سلامتك يا حبيبي
وضع انس الصغير أرضا ليحتضن والده : الله يسلمك يا بابا..ماحبتش اقلقكم بالليل لانى وصلت متأخر .
نظر له والده بتفهم  ثم ابتسم بخبث : خطوبة عامر كانت امبارح
حك انس مؤخرة رأسه : بجد !!! طيب ابقا اروح ابارك له
ليضحك والده : على اساس انك ماحضرتش ؟؟
اقترب برأسه من والده بخوف مصطنع : الحكومة عرفت ؟؟
ضحك والده فإن علمت والدته بتوجهه لحفل صديقه قبل العودة للمنزل لأشبعته تقريعا : ماتخافش ماعرفتش
ليتنهد انس براحة ويقول ممازحا : أنا عارف إن ورايا خط دفاع
اقترب الصغير انس : هتكيب الطيالة ولا اقول ل نانا .
ربت انس على ظهر الصغير بضيق : أنا أقدر أتأخر عنك يا حبيب عمك .أنا مش عارف ابوك سماك على أسمى ليه ؟؟
ليضع الصغير كفيه بخاصرته ويقول بعند : علسان ماتعلفس تستمنى
ضحك الجد ليتجه انس نحو غرفة والديه بغيظ : وانا مش عاوز اشتمك ..نفسى اضربك بالجزمة
******
اجتمع الاصدقاء في المساء رأى انس نظرات مستترة نحو عامر  بأعين الجميع لتتأكد ظنونه 
تحين الفرصة حين غادر عامر فور اتصال من عروسه لينظر لأصدقائه بتساؤل : هى خطيبة عامر اللى كانت على علاقة قبل كدة ب شادى رماح ؟
توترت النظرات ليعود للتساؤل : ومحدش منكم عرفه طبعا ؟؟
ليقول أحدهم : نقوله ازاى بس ؟؟ مش شايف بيحبها ازاى ؟؟
ويقول اخر : وبعدين عادى يعنى كتير بنات دلوقتى بتصاحب وبعدين ربنا بيهديهم
ويقول ثالث : يا عم انس يا بخت من وفق راسين فى الحلال .
تنهد انس بضيق : يعنى نسيبه يتخدع فيها ؟؟ ده كان بيحكى عنها كأنها ملاك نازل من السما ؟
ليعود أحدهم ليعترض : حكاية شادى رماح معروفة واكيد عامر عارف وهو حر.. مش صغير يعنى علشان نحجر عليه .. كبر دماغك بقا يا انس هو اختار الإنسانة اللى شايفها مناسبة ليه ..خلاص هو حر
لينهض انس بغضب : انتم أصحابه ازاى مش فاهم ؟؟ هو انبهر بيها أو حتى حبها .طبيعى مايشوفش حقيقتها . أنا لازم اتكلم معاه
ليسرع أحدهم معترضا : اصبر بس يا انس .. افرض البنت فعلا غلطت ووثقت فى واحد واطى ولما عرفت حقيقته بعدت عنه وربنا رزقها ب عامر ..هنعلق لها المشانق يعنى ؟؟ يمكن هى كمان حبت عامر وعارفة قيمته كويس ..حرام عليك تهد سعادة صاحبك علشان غلطة مش هتتكرر
نظر له انس وقد بدأ بعض القناعة على وجهه ليعود جالسا بينهم زافرا بضيق : غيروا السيرة دى بقا
وبالفعل لم يذكر أى منهم سيلين وعامر مرة أخرى بينما ظل انس متوغر الصدر مختنق .. يشعر أن صديقه يسير بإرادته نحو فخ احكم له ولا يعلم كيف السبيل لإنقاذه منه .
عاد للمنزل ولازال يصارع أفكاره ليتساءل ..لم لا تكون مجرد ظنون ؟؟!
قد تكون سيلين صارحت عامر وكلل هو صراحتها بغفرانه .
حسنا يتمنى أن يكون الأمر كذلك .. سيكون سعيدا أن يحصل صديقه على سعادته الكاملة مع من اختارها قلبه ...
****
انتهت إجازة انس وعاد لوحدته العسكرية دون أن تتأكد ظنونه ودون أن تنفى وقد اعتبر هذا أمرا جيدا .
تتسارع الأيام ليحصل على إجازة أخرى وها هو يقترب من المنزل بخطوات سريعة متلهفة ..يهز رأسه مبتسما الحقيقة معدته متلهفة اكثر لطعام والدته الشهى ..
اتسعت ابتسامته وهو يحث خطاه ليصل قبل الغداء ..لاحت منه إلتفاتة إلى سيارة مسرعة ليعلو الغضب ملامحه .
توقفت خطواته واتسعت عيناه لتحفر صورتها داخل عقله . غضب وغضب تملك كل ذرة بكيانه .
إنها هى .. لم يعد للظن مكان .. سيلين خطيبة عامر بسيارة شادى رماح وذراعه يحيط كتفها وكأنها ملكية خاصة له .
كيف تجرؤ على هذا !!؟ تخطب لرجل وترافق اخر !!!
ومن !!!!
عامر صديق عمره . كيف خدعته لهذه الدرجة ؟؟؟
أخرج هاتفه ليتصل ب عامر فورا . لحظات وجاءه صوته المرح : ازيك يا دفعة ؟؟
لم يتمكن من إخفاء ضيقه وغضبه : ازيك انت يا عامر ؟ اخبارك ايه وخطيبتك عاملة إيه ؟
ليضحك عامر بسعادة واضحة : أنا زى الفل وسيلى كمان هنحدد معاد الفرح قريب أوى .
لتزداد صدمته ووجومه ؛ اتنوى الزواج من صديقه وهى على علاقة بذلك العابث !!! كيف وصل الإنحطاط بها لهذه الدرجة ؟؟
أفاق على صوت عامر : انت روحت فين يا بنى ؟؟
ليقول انس بحزم : عامر أنا لازم اشوفك النهاردة .
عامر : بس كدة اكلم الشباب ونتقابل
انس بحدة : لا لوحدنا عاوزك لوحدك
ليتوجس عامر ويظن أن صديقه ليس بخير : مالك يا انس ؟؟
ليتنهد الاخير بألم : لما اشوفك هقولك كل حاجة
أنهى المكالمة ليكمل طريقه نحو منزل والديه بوجه غير الذى كان .. وجه يحمل هما فهو مقدم على جرح صديق عمره جرحا غائرا .
كم تمنى أن يكتشف عامر الحقيقة بأى شكل ..لكنه لم يتمنى أن يكون هو من يطعنه بهذه الحقيقة المؤلمة .
ورغم ذلك لن يتركه ليهوى فى فخ تلك المخادعة مهما كان الثمن ..
*******
وصل عامر حسب الموعد ليجد انس بإنتظاره .نظر له انس .. إنه بنفس ملامحه المرحة الباسمة .
استقبله محاولا رسم ابتسامة باهتة لكنه أخفق بجدارة لتتحول ملامح عامر للتعجب : فى إيه يا عم ؟؟ قلقتنى عليك .
نهض أنس عن الطاولة ، قد يكون التجول أفضل فهو غير واثق من رد فعل عامر تجاه ما سيخبره به .
نهض عامر متعجبا : فى إيه يا انس ؟؟ اقعد نتكلم
ليزفر انس بضيق : لا تعالى نتمشى أنا مخنوق
ربت على كتفه وسار بجانبه للخارج . طال صمت انس ليقاطعه عامر : اتكلم يا انس .. مالك يا صاحبى ؟
توقفت خطوات انس لينظر له مباشرة : عامر انت ممكن ما تصدقش كلامى بس خليك واثق أنى خايف عليك .
ابتسم عامر متسائلا : على أنا !!!
حسنا .لا داعى لتجميل الحقيقة المخزية فمهما أضفنا عليها من جماليات ستظل اقبح من أن نتحملها .. ولا داعى للمواساة ؛ صديقه فى هذا الموقف يحتاج القوة ؛ لا الشفقة .
عامر قوى .هو يعلم ذلك ومهما بلغ حبه لتلك الفتاة فلن يقبل الخديعة .. لن يقبل الخيانة .. لن يقبل الدياثة ..
هو عامر .وانس يعلم جيدا من يكون عامر .
لذا فقد نظر لعينيه مباشرة وقال بهدوء لا يتناسب مع غضبه الداخلى : خطيبتك على علاقة ب شادى رماح . ودى مش حاجة جديدة . لا هى تعرفه قبل ما تعرفك وقبل خطوبتكم .
تزداد الصدمة مع كل حرف يخرج من بين شفتى صديقه لينغرز بقوة داخل قلبه محدثا جرحا غائرا .
لكنه رغم الألم لم يتمكن من اسكاته ..
هو انس صديق عمره . لا يكذبه أمر كهذا .
يصرخ قلبه رافضا ويحاول عقله مجاراته لتسىرع قدميه بالهرب
لم يعترض انس طريقه ، عليه أن يتعامل مع صدمته اولا ومع خائنته ثانيا
*******
سار عامر بخطوات تائهة لبعض الوقت قبل أن يحزم أمره ويتجه مباشرة لمنزلها .
هى سيلين حبيبته الرقيقة . فتاة بسيطة من أسرة متوسطة .. احبها منذ تقابلا اول مرة بمقر العمل .حيث عينت حديثا ، ولأنه عامر ذلك الشاب الجاد رغم مرحه الدائم أسرع طارقا بابها ليسعده القبول ..
تلك الرقيقة فى كفه ، وصديق عمره فى الأخرى
وهو فى كلا الحالتين خاسر
استقبلته والدتها بحفاوة لينتظر قليلا حتى تهيأت للقائه ، خرجت إليه بنفس الابتسامة التى تأسره والتى تقابله بها في كل مرة .
جلسا قليلا بصمت لتتساءل برقة : مالك يا عامر انت مضايق من حاجة ؟
ليتساءل فورا: تعرفى شادى رماح منين ؟
ظهرت الصدمة على ملامحها : شادى رماح ؟؟ لهجتك فيها اتهام يا عامر ؟
زفر بضيق : أنا لا اتهمتك ولا حكمت عليك .أنا جيت اهو وبسألك .إيه علاقتك ب شادى رماح؟
لتبدأ دموعها فى التساقط تباعا : مش لازم تتهمنى اتهام مباشر . عنيك اتهمتنى . لهجتك اتهمتنى . أنا يا عامر كل علاقتى ب شادى شغل وبس . هو مهندس فى شركة ليها تعامل معانا ومفيش بنا أى حاجة اكتر من كدة .
عادت سطوة قلبه تعلو .. قد يكون انس أخطأ الفهم فقط .
والأمر كله كما تقول حبيبته .
دموعها الغالية تخبره بصدقها ، تخبره كم كان جرحها منه غائر .
كم هو ابله عقيم العقل . كيف لم يدافع عنها ولو بكلمة واحدة !!!
انتقل للجلوس بجانبها وقد تملك منه ندمه : سيلى أنا آسف .
نظرت له بلوم ولم ترد ليتابع : أنا بحبك وبغير عليك . كنت هتجنن لما انس قالى إنك على علاقة ب شادى .اكيد هو فاهم غلط
لتتذكر هى فورا ذلك الوجه ، كيف لم تنتبه لذلك !!
لقد رأته اليوم . مرت بجواره سيارة شادى ليستوقفها وجهه ذو الملامح المألوفة .
زاد بكاءها وهى تعاتبه برقة : وطبعا صدقت صاحبك وجاى تتهمنى . كل الحكاية إن شادى عرض عليا يوصلنى وصاحبك شافنى راكبة عربيته .أنا لو لاقيت تاكسى ماكنتش ركبت مع شادى وانت لو عندك عربية ماكنتش اتحطيت أنا فى الموقف ده

وجدت قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن