الرابع
عاد عامر للمنزل ليجد فريدة بانتظاره متلهفة لمعرفة نتيجة اللقاء .حسنا ماذا يخبرها ؟؟
حماقته ، حقارته ، ام غباءه الذى أفسد خطبة صديق عمره !!
لن يمكنه نفث المزيد من الألم ؛ وألم والدته لن يحتمل
لذا اكتفى بقوله أنه يتمنى ألا ترفضه هى . وإن كان فى قرارة نفسه يثق أنها ستفعل .
****
وصلت الفتاتان للمنزل لتترك وئام لشقيقتها توضيح الأمر لوالدهما . هى تنوى معاتبة انس لصداقته هذا الشخص . وتخشى ايضا أن يؤثر ما حدث على علاقتها ب انس فقد أحبته بالفعل ولا تتمنى لنفسها زوجا غيره.
استمع والدها لحديثها بصمت ، قلبها يبكيه وإن لم يرى لها دموعا ، هى لم تخفيه اعجابها به ولا دعاءها المستتر أن يرسله الله لها . أخبرته كل شئ منذ وقعت عينيها عليه فى حفل خطبة وئام . وكم اسعدته صراحتها وثقتها التى دعتها لتخبره كل ما اكنته بصدرها حتى اذن الله بالبوح .
لكنه تعجب ايضا عرفه انس هذا الشاب بقوله ( صديق عمرى ) وقد ينخدع الشخص فى اخر يعرفه معرفه عابرة أما صديق العمر فلا مجال للخديعة .
هل يصادق انس حقا شخصا بهذه الحقارة !!!
لا يظنه يفعل .حسنا سيتضح كل شئ قريبا كما يرى بخبرته
****
ظلت تلح عليه فى الصباح التالى أن يطلب من انس تحديد موعد لزيارة رسمية ، كيف يفعل ؟؟
بأى وجه يطلبها ؟؟
لكن أمام إصرارها ونظرة الرجاء بعينيها من ناحية . وثقته رفض ولاء من ناحية أخرى ، امسك هاتفه ليطلب انس .
توقع عدم إجابته لكنه أجاب .
ليقول هو بتوتر واضح : انس ممكن تحدد لنا معاد اروح أنا وماما نخطب الآنسة ولاء
ليجيبه انس بتهكم : لا يا شيخ ؟؟ انت عاوز بعد اللى قولته امبارح ده ترضى تشوف وشك تانى .
صمت عامر ليتساءل انس : انت ماقولتش لطنط على اللى حصل صح؟
ليزفر عامر بضيق : صح يا انس
ليكون الضيق من نصيب انس ، بل ضيقا مضاعفا .. حسنا يمكنه أن يفعلها لأجل عامر ولاجل نفسه ايضا .
عليه أن يقدم توضيحا لما حدث
****
جلس انس فى مساء ذلك اليوم برفقة وئام ووالدها .. وئام لن تعاتبه بوجود والدها هو واثق من هذا ورغم ذلك تجلده نظراتها .
لحظات واقبلت عفاف بصحبة ابنتها ولاء التى على غير عادتها لا تنظر له ولا تمازحه .
زاد ضيق صدره ليتحدث بهدوء : ولاء لازم تعرفى انى بعتبرك زى اختى .
نظرت له بحدة مستنكرة ليتنهد متابعا : ايوه ومش هدافع عن صاحبى لكن هحكى لك ظروفه .
بدأ انس يقص عليهم حكاية عامر وسيلين والصدمة المجهولة التي ارقدته بالمشفى وارجع هو سببها لتلك العابثة رغم أن عامر لم يفصح مطلقا عن سبب مرضه ولا سبب انفصاله .
ورغم أن علاقتها ب شادى اتخذت شكلا أكثر حقارة كما يرى هو إلا أن عامر لم يصرح بتلك العلاقة مطلقا .
استمع له الجميع دون مقاطعة وما إن صمت حتى قالت ولاء بحدة : والمفروض أنى اعذره واداوى جروحه مش كدة !!
تعترض وئام على أسلوب ولاء برفق : ولاء انس ماقالش كدة
اخفض انس عينيه للحظة ثم نظر لها وقال لوالدها : أنا هتكلم يا عمى بصراحة لانى واثق إن ولاء قالت لك كل حاجة
ثم نظر ل ولاء وقال : انت قولتى هتطلبيه من ربنا واذا كان خير ربنا هيجيبه لحد عندك . واهو ربنا جابه لحد عندك فعلا . أنا واثق إن معاه كل الخير .
نظرت له بدهشة ليقول : مش علشان صاحبى . لكن علشان ثقتك وانت بتكلمى ربنا مش هيبعت لك إلا الخير فعلا . انت احسنت الظن وربنا احسن العطاء .
اطرقت ولاء ليقول والدها : أنا من رأى انس . وبعدين انس ماكنش هيصاحبه العمر ده كله إذا كان إنسان مش كويس . وإذا كان إنسان مش كويس كان فضح خطيبته الاولانية فى كل مكان . لكن هو فضل الستر اللى هى رفضاه من الأساس .
صمت لحظة ثم قال: فكرى تانى يا ولاء
لتتحدث عفاف اخيرا بعد صمت طويل : يلا يا لوليتا خلينا نخلص منك ونجوزك انت واختك
ربتت على ذراع زوجها بحب : واقعد بقا احب فى جوزى حبيبى لوحدنا
ضحك الجميع ليعلم انس فورا من اين أتت هذه الصغيرة بالجنون . يبدو أنه أمر متوارث بينما ظهر الغيظ على وجه ولاء : ماااماااا
صمت الجميع لتقول : قولت لك بلاش اسم لوليتا ده
انس : ليه بس يا لوليتا ده اسم جميل ؟
رفعت اصبعها بوجهه مهددة : إذا عاوز جوازتك تتم مااسمعش الاسم ده تانى
يضحك انس ويشير على فمه بعلامة السكوت
طال الوقت وانقذ انس زواجه من حبيبته
تنهد براحة وهو ينظر لها بأسف لعلها تقبل اعتذار عينيه الصادق ، هو ما كان ليسمح لها أن تجالس إلا من يثق في صلاح أخلاقه . وهو يفعل ذلك تجاه عامر . هى مخطئة فى ظنها فيه . محقة فى غضبها منه ...
****
لم يصدق أذنيه حين أخبره انس بالموعد ، أحقا قبلت بعدما قال !!!
هل هو فخ اخر ؟؟
لا انس ما كان ليفعل به هذا .
أخبر والدته ليرى سعادتها وتقسم أن تتم أمر زواجه في اسرع وقت .ربتت على صدره بحنان مكلل بدعوتها له بالسعادة .
كان اللقاء كما تمنت فريدة تماما
تقدمت ولاء بوجه مبتسم تحمل اكواب العصير لتقدم ل فريدة .نظر لها فى انتظار اقترابها منه إلا أنها نظرت له بتحدى لتضع ما تحمله فوق الطاولة وتجلس لجوار والدتها .
بادلها نفس النظرة المتحدية .. حسنا يبدو أنها لن تمرر لقائهما الاول دون عقاب . ابتسم رغما عنه ، سيكون الأمر شيقا للغاية .
مد يده بلا خجل ليحصل على كوبا من العصير رافعا أحد حاجبيه لتبادله نفس النظرة .
حسنا هو مستعد لعقابها وهى لن تتوانى عنه .
كانت أغلب الوقت صامتة لكن صمتها شديد الصخب .لم يكن هناك ما يتعارض مع ارتباطهما لذا تم تحديد موعد الخطبة .
ظل انس طيلة اللقاء يتمنى ظهور وئام لكن يبدو أن الأخيرة قررت عدم الظهور هى ايضا تعاقبه وسيعلم كيف يراضيها .
ودون أن يملك وقت للتراجع وجد إحساسا بالراحة يتسلل لصدره ليتملك حواسه والأغرب أنه لا يشعر برغبة في المقاومة بل يستمتع بالاستسلام .
****
يدخل للمرة الأولى تلك الشقة منذ ثلاث سنوات متعمدا تفقد كل جزء فيها . بحث فى أركانها غن ذكرى من الماضى فلم يجد .
محى كل الألم وكأنه لم يكن . بل إنه رأى كل جزء كما يحب أن يكون حين تدخل تلك المجنونة إلى هنا متملكة كل جزء فيه ومتملكته هو قبل المكان .
أحقا انتهى الماضى ويمكنه البدء من جديد !!!
الإجابة واضحة ولا داعى لطرح هذا السؤال مجددا .
حملته اقدامه لمنزلها ..كم هو متشوق لعقابها الذى يشعر أنه سيكون ممتعا
ولم لا !!! فكل ما يصدر عن جنونها ممتع .
طرق الباب لتفتحه وئام بعد قليل . رحبت به بخجل وغابت عنه لدقائق ليجد تلك الساخرة تخرج له بغضب .
وقف يستقبلها لتقف أمامه بتحدى : نعم .
اتسعت عينيه لتقول : ماتعرفش إنك لازم تتصل قبل ما تيجى ؟ إحنا مابنستقبلش رجالة اغراب من غير معاد ولازم يكون بابا موجود
ابتسم بعند : أنا مش غريب أنا خطيبك ولا نسيتى ؟
عقدت ساعديها : مانستش .. بس خطيبى يعنى غريب قولت لك قبل كدة
ليقاطعها فورا : مااديش نفسى حجم اكبر من حجمى
رفعت رأسها بشموخ : كويس إنك فاكر
لازال ثلاثتهم على حالهم . هما يقفان بتحدى و وئام تراقب جنونهما المشترك لتقول اخيرا : اتفضل يا عامر بابا على وصول .
جلس عامر بلا تحفظ ليعلو صوت عفاف : لوليتا
صدمة ظهرت على وجه ولاء ليتساءل ضاحكا : مين لوليتا ؟
انتفضت مغادرة لينظر ل وئام : لوليتا اسم الدلع اللى هى بتكرهه .صح ؟
هزت رأسها بإيماءة خفيفة لتتسع ابتسامته .
عادت بعد قليل تحمل كوب العصير لتضعه أمامه : اتفضل ماما جاية حالا .
ليهمس بعند : شكرا يا لوليتا .
رفعت عينيها بغضب : بلاش الاسم ده
ضحكت وئام بخفوت بينما قال عامر : ليه بس دى حتى اللوليتا ساقعة ولذيذة .
شهقت ولاء : أنا ساقعة ؟؟
ليضحك ويغمز بعبث : ولذيذة
حاول كبت ضحكاته وهى تضرب الأرض بقدميها مغادرة لتتبعها وئام وهى تعاتبه برفق : حاسة انكم اطفال والله بلاش عند يا عامر .
اقبلت عفاف حين اختفت وئام ايضا : اهلا يا بنى نورتنا والله .
وقف يستقبلها باحترام : منور بيكى يا طنط
جلست أمامه : انت جاى لوحدك ليه ؟ كنت هات مدام فريدة معاك . أنا حبتها أوى
ابتسم عامر : هى كمان والله حبت حضرتك جدا .
صمت لحظة وتابع : أنا اتكلمت مع ماما فى موضوع كدة وهى قالت اعرضه عليكم .
عفاف : خير يا بنى .
قاطع استرسال الحديث دخول عبدالله الذى رحب ب عامر الذى ابدى اسفه لحضوره دون موعد سابق ثم قال : أنا عاوز نكتب الكتاب علطول مفيش داعى للخطوبة . والشقة جاهزة ممكن حضرتك وانسة ولاء تشوفوها علشان نلحق نعمل الالوان اللى تطبها ونفرشها .
عبدالله : وليه العجلة يابنى ؟
عامر : أنا يا عمى بعد اذنك عاوز الفرح اول الصيف
عفاف : اول الصيف ازاى يابنى واحنا في مارس لا مش قبل سنة .
طال الحوار ولم ييأس عامر وتمسك بمطلبه ليعده عبدالله أن يتم الزواج فى موعد أقصاه ستة أشهر كما وعده بالتفكير في أمر عقد القران .
لم يصدق انس أن عامر أقدم على ما لم يقدم هو عليه بعد .فهو لم يتم عقد قرانه على وئام حتى الأن رغم أن زفافهما بعد شهرين .
لذا أسرع يعرض على عبدالله أن يتم عقد القران ولم يجد عبدالله بائسا فى هذا .
****
وصل عامر لمنزل عبدالله حسب الموعد المحدد لشراء الشبكة استقبله الاخير بود وبعد قليل كان يغادر بصحبة ولاء وعفاف .
كانت فريدة تنتظر بالاسفل لتسعد عفاف برؤيتها وسرعان ما بدا بينهما حوارا هامسا انشغلتا به عنه .
وضع كفيه بجيبى بنطاله وسار بجوارها : ازيك يا بت انت ياللى اسمك بيدوب فى الحر .
توقفت عن السير لتبتسم بسماجة : ممكن تقلل الظرافة شوية .اصلها مش لايقة عليك .
اتسعت ابتسامته وقال بخفوت : أنا آسف .
نظرت له بإبتسامة ظافرة : ياريت تنسى الاسم ده خالص بقا علشان ماازعلش منك .
ضحك بعند : أنا بعتذر عن واقحتى اول مرة لكن لوليتا هفضل اقوله طول عمرى.
قبضت كفيها بغضب : واضح إنه قصير .
تساءل مدعيا عدم الفهم : هو إيه ؟
لتضغط على أسنانها لبروده المتعمد : عمرك
تتعالى ضحكاته بينما تضرب الأرض بقدميها لتحاول تجاوزه لكنه يتمسك بذراعها رافضا بعدها عنه