الفصل الثاني

8.1K 290 9
                                    

الثاني
عاد عامر للمنزل بقلب هانئ لتقابله والدته . يتسامر معها حتى انتهى من عشاءه لينفرد بنفسه اخيرا .
سيوضح الأمر ل انس كم يسوءه أن يظن صديقه بحبيبته سوءا ، والأمر ليس أكثر من سوء تفاهم . هو يعلم كم يحبه انس .
أسرع يهاتفه ليقص عليه بسعادة كل احداث لقاءه بحبيبته .. أخبره أنه اساء الظن بها لكنه يسامحه .. أخبره عن دموعها الغالية وحديثها المنطقى .
يجب أن يطور من نفسه ويقتنى سيارة قريبا لتلافى مثل هذه المواقف .
بينما على الطرف الأخر يتعجب انس
كيف قلبت هذه الفتاة النتيجة لصالحها !!
بل وحملته وزر ما حدث !!! يالها من فتاة !!
ليست فتاة . بل حية رقطاء تترصد بصديقه ..مؤكد أن لها هدف من هذه الزيجة ويبدو أنها لن تتوانى حتى تحققه .
استمع انس لكلمات عامر التى تحمل أحلاما وردية وحب وثقة ؛ كلها لانسانة لا تستحق .
اخيرا تحدث انس : أنا مش عارف ازاى انت مصدقها ؟؟
كبت غضبه : عقلك فين يا عامر ؟؟ خلاص حبك ليها عمى عنيك للدرجة دى .فوق يا صاحبى .
ليجيبه عامر بغضب : انس واضح انك متحامل على سيلى لسبب أنا معرفوش لكن انت كدة بتظلمها وانا لا يمكن اسمح لك بكدة .
ضحكة مريرة صدرت عن أنس : ماشى يا صاحبى . بس فتح عنيك وشوف بيهم مش بقلبك يا عامر .شوف البنت دى وراها إيه وعاوزة منك إيه ؟
ليصر عامر على عناده : سيلى بريئة من اتهاماتك يا انس وانا مش مسامحك على اتهامك ليها .
وانهى المكالمة بطريقة ما كان يتمناها أحدهما مطلقا
****
حين غادر عامر لمنزله تبدلت نظراتها البريئة لأخرى شامتة وأغلقت دونها بابها .بدلت ملابسها لأخرى مريحة لتلقى بنفسها فوق فراشها بدلال تستحقه فى رأيها نظرا لجمالها الفاتن
وضعت حاسوبها النقال أمامها لتنقر فوق ازراره برقة وبعد لحظات ظهرت على الشاشة صورة شادى الذى تهللت اساريره لرؤياها واتصالها .
قطبت جبينها بتمنع ليرتفع حاجباه دهشة : مين زعل ست الحسن والدلال . اوعى تكونى زعلانة منى .ازعل من نفسى فورا
مطت شفتيها للإمام وهى تقول بدلال : عامر .
اقترب من الكاميرا وكأنه يقترب منها : ماله ؟؟
ابتعدت هى للخلف : واحد صاحبه شافنى معاك فى العربية وقاله وهو بقا جاى يتهمنى
حمحم شادى وهو يفرك مقدمة رأسه ليقول بوقاحة : شوفى يا بيبى أنا كنت صريح معاكى من الأول .. أنا وما املك رهن إشارة منك وكله بتمنه يعنى انت تقدمى لى حب وانا احقق لك كل احلامك . لكن مشاكلك دى حليها بعيد عنى .قولت لك بلاش حكاية الجواز ووجع الدماغ ده انت اصريتى .
تنهد بلوعة : وانا مااقدرش اخسرك يا سيلى
اتسعت ابتسامتها الفاتنة ليضحك ويفك ازرار قميصه العلوية : بالراحة عليا أنا مش قدك
لتترك أمر عامر لاحقا ، ستفكر بطريقة ما لتسريع الزفاف وبعد الزفاف ستحصل لوالدتها على ما تريد . ألا تلح فى أمر زواجها !!
حسنا ستفعل ؛ لا يهم إن انفصلت عن عامر لاحقا المهم أن تتزوج كما تريد والدتها . يمكنها بعد الانفصال ادعاء الصدمة والحصول على عدة سنوات من الحرية بعد زواج فاشل سيؤثر على نفسيتها بالطبع.
حسنا عامر أمره هين ولن يملك أى مقاومة أمام بعض من فتنتها .
أما شادى فهو كما قال العصا السحرية التي تحقق أحلامها وقد حصلت على بعض منها بالفعل  فهو لا يترك فرصة إلا واهدى لها شيئا يسعدها واخره كان ذلك الشالية بالساحل الشمالي.
حسنا رجل للزواج واخر لتحقيق الاحلام !!
ما أسهل الحياة !!!
******
ساءه رد فعل عامر . هذه الفتاة أحكمت سيطرتها عليه بشكل كامل
مرت عدة أيام حاول فيها الاتصال ب عامر مرة أخرى ودفعه للتحقق من الأمر لكن الأخير لم يرد على اتصالاته .
إنه يصدقها ...
انتهت إجازة انس وعاد لوحدته يصحب ألم صدره وخوفه على صديق عمره
تمر الأيام وهو يفكر في طريقة يثبت ل عامر أنها لا تستحقه ويكشف له عن وجهها الحقيقي .
انتهت الخدمة العسكرية وها هو عائد لحياته وعمله وأسرته ..سيملك الأن كل الوقت ولن يدع صديقه لهذا المصير .
*****
تم تحديد موعد الزفاف ويصبو قلبه لذلك اليوم الذى سيحصل فيه على تلك الرقيقة التى أسرت قلبه ببراعم الزيتون المتفتحة بعينيها .
لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن
*****
جلست سيلين أمام حاسوبها تتحدث إلى شادى بكل اريحية ويظهر أمامها على الشاشة وليس بأقل منها استهتارا
اعتادت منه بعض الطلبات الغريبة التي يجزل لها العطاء بمجرد تحقيقها . وتعتبر هى ذلك مكسبا لها تحقق بعض الاشياء التافهة له فيكون عطاءه لها فوق توقعها .
لكن مطلبه الليلة اشعرها بشئ من القلق
شادى : سيلى معاك طبعا مفتاح الشقة اللى هتجوزى فيها ؟
اقتربت من الكاميرا : اكيد طبعا
صمتت لحظة تستشف مطلبه المقلق : انت عاوز تتفرج عليها ؟؟
مد يده ليحمل علبة مخملية فتحها ليسرق البريق قلبها قبل عينيها وهو ينظر لها نظرة تعلم مغزاها جيدا : لا عاوز مقابلتنا الجاية تكون فى شقتك
صمت لحظة وهو يعلم أنه حصل على مبتغاه : عاوز اشوف الطقم ده عليك فى شقتك
حسنا العرض واضح والثمن ايضا .. شادى يغار من عامر ويريد أن يحصل عليها بشقته قبله .
لا بأس ليس الأمر بجديد والمكان لا يشكل فارقا بالنسبة لها .
****
اتجه عامر لشقة أحلامه حاملا بعض الاغراض الشخصية التى عليه وضعها استعدادا لزفافه المرتقب .
استخدام المصعد ليقف أمام الباب بقلب خافق .
وضع يده بجيبه ليخرج المفتاح لكنه توقفت يده مكانها .
بل توقف كل شئ حتى دقات قلبه حين فتح الباب .
رأى الحقيقة عارية أمامه بكل قبحها .. إنها أمامه
حلم قلبه وامل لياليه ...
تغادر منزلهما المستقبلى بصحبة رجل غيره يحيط خصرها ويضمها له بتملك ..
لقد تملكها غيره !!
كان انس على حق
صرخ عقله وكأنه يصفعه بالحقيقة مرارا وقد تجمد الجميع .
هو وهى وذلك الرجل .
لم تسعفه الكلمات .
تعلقت عينيه بذراع هذا الرجل الذى لوقاحته لم يحاول ابعاده عنها .
لترتفع عينيه لمواجهة عينيها بحقيقتها الوقحة .
زفرت هى بضيق .. لقد فشل مخططها ، انتهى هذا العامر من حياتها في هذه اللحظة .
وقبل أن يتحدث تحدث رفيقها : مفيش داعى لأى تهور أو جنون بتفكر فيه .سيلى حبيبتي وكل الناس عارفة كدة . انت اللى غمضت عنيك وعملت فى نفسك كدة .
نهرته سيلين : شادى انت بتقول ايه؟؟
شادى : بقول الحقيقة يا بيبى انت بتاعتى انا وبس حتى لو الجواز كان تم كنت هتفضلى ملكى أنا وكويس إن ده حصل أنا كنت رافض إن حد يشاركنى فيكى .
دفعها للأمام لتسير وكأن عامر ذرة من هواء لا تراها ، تجاوزاه ببضع خطوات ليتوقف شادى وينزع خاتم عامر عن كفها ويلقيه أرضا .
كان صوت رنين الخاتم هو أخر ما وصل إليه من هذا الواقع الذى يرفضه وفى اللحظة التالية سقط مغشيا عليه .
*****
وصل انس لمنزله وهو عازم على إعادة المحاولة . هاتف عامر لعله يجيب اتصاله هذه المرة .
لم يجب عامر ليعيد انس المحاولة ليأتيه صوت والدته الباكى : السلام عليكم . ازيك يا انس يابنى ؟
انس : الحمدلله يا طنط ازى حضرتك وعامر عامل إيه؟
ليأتيه نشيجها المتألم : عامر فى المستشفى يا انس .
انتفض انس فزعا : إيه مستشفى إيه ؟؟ وليه ؟
تجيبه من بين شهقاتها : ولاد الحلال لقيوه واقع قدام شقته من اسبوع .
أسرع عامر نحو خزانة ملابسه : مستشفى إيه يا طنط أنا جاى حالا .
*****
يجلس أمام عامر الصامت تماما منذ نصف ساعة تقريبا ، أخبرته والدته لدى وصوله أن سيلين فسخت الخطبة فى اليوم التالى لدخوله المشفى بدعوة أنه مريض نفسي وهى تخشى على نفسها منه .
لم بتعجب انس فمثل هذه قد تفعل أى شئ .
لم يحاول أن يتحدث إليه ، فقط جملة واحدة فور دخوله الغرفه : أنا جمبك يا صاحبى .
ولم يزد أعطاه كل ما احتاج إليه من صمت وحين هم بالمغادرة بعد اتصال من والده أخبره جملة أخرى : هرجع علشانك يا عامر حتى لو انت مش عاوز
وغادر وظل لعدة أيام متتالية على نفس الحال يأتيه فيجلس جواره دون أن يتحدث إلا بنفس الجملتين ؛ حتى كان ذلك اليوم .
دخل انس ليتجه نحو مقعده المعتاد قائلا : أنا جمبك يا صاحبى
ليجيبه عامر بصوت متقطع : أنا آسف يا انس .
نظر له انس بلهفة ليقول : أنا محتاج لك يا صاحبي .
اتجه فورا لفراشه ليقول بحماس : وانا هنا وهفضل هنا .. انت اقوى من كدة يا عامر .
عامر : خلاص يا انس مش هزعل على حد مايستاهلش ..خلصت الحكاية .
بعد ايام غادر عامر المشفى مع توصية من الطبيب بمتابعة طبيب نفسي حتى يبرأ تماما من صدمة لم يعرف احد سببها سواه .
غادر المشفى عائدا لحياته وقد فقد قلبه وإيمانه بالحب .
كفر بكل النساء .
هو خائنات لا يستحققن الحياة .
عاد لعمله ليطلب . لم يطلب نقله ولم يحاول الابتعاد عنها ، وكأنه يمارس طقسا لتعذيب نفسه برؤيتها يوميا .
كانت رؤيتها في البداية تثير جنونا داخله . ألم عاصف يمزق احشاءه .
لكن يوما بعد يوم هدأ الجنون وسكن الألم . وانتهى الأمر ...
تأكد أنه برأ منها ذلك اليوم حين رأها تستقل سيارة شادى الذى أصبحت علاقته بها أكثر جرأة ؛ ربما كانت كذلك منذ البداية وهو كان مغمض العينين، فى ذلك اليوم لم يشعر سوى بإبتسامة ساخرة تكلل شفتيه أصابت شادى بالغضب بالفعل لينطلق بسيارته مسرعا .
*****
ثلاث سنوات مرت مذاك اليوم الذى سقط فيه أمام هذا الباب وفى كل عام يعود فى نفس اليوم إلى نفس المكان .
تخلص من كل محتويات الشقة ورغم ذلك يعود فى كل عام لإحياء ذكرى فقدانه لقلبه .
ليتذكر خيانتها ووجعه . وليضع أمام عينيه فى كل مرة حقيقة أصبح مؤمنا بها .. الحب خدعة كبرى ، الحمقى فقط ينخدعون به . وهو لم يعد أحمق
عليه المغادرة باكرا اليوم .فاليوم خطبة انس صديق عمره .
أخبره كثيرا عنها وسيلتقي بها اليوم للمرة الأولى .
****
عانق خاتمه بنصرها لتعلو الزغاريد معلنة تتويجا لحبه لها بتاج سيكلل مفرقها طيلة العمر .
ابتسم عامر بتكلف وهو يتقدم من صديقه مهنئا . عانقه انس بسعادة بالغة : عقبالك يا صاحبي
نظر لها بفخر وهو يقول: اخيرا اقدم لك وئام ..عامر يا وئام صديق عمرى
مد عامر كفه مصافحا لتبتسم بهدوء ويصافحه انس مرة أخرى : ماتزعلش بس هى مابتسلمش بإيدها .
ابتسم عامر ابتسامة ساخرة واحاد بنظره عنها ..تبادل معه عبارات التهنئة مرة أخرى وعاد لرفاقه .
كانت تقف بين الفتيات ؛ تلك الشقية ضاحكة العينين تراقب شقيقتها وسعادتها الواضحة وما إن ابتعد عامر حتى أسرعت تجذب ذراعها بقوة : مين الشبح اللى كان واقف مع انس
نفضت وئام كفها عنها : فى إيه يا ولاء فزعتينى !! ده صاحبه ..شكله مغرور ومعقد
لتهز ولاء رأسها بمعنى لا ابالى وتتجه ل انس : انس صاحبك ده اسمه ايه ؟
يضحك انس على جنونها : مين فيهم يا مجنونة ؟؟
ولاء : طويل القامة عريض المنكبين ...
غمرت بإحدى عينيها : الحليوة إلى هناك ده .
عاد انس ليضحك : ده عامر يا ولاء
أشار لها برأسه لتقترب منه قائلا : ما تسلفى اختك شوية من جنانك ده
لترفع كتفيها بغرور : أنا مفيش حد زيى وعلفكرة أنا هطلب ايد صاحبك للجواز
اتسعت عينا وئام واسرعت تنهرها : ولاء انت اتجننتى فعلا .. إيه اللى بتقوليه ده ؟
لتنظر لها ولاء بغيظ : فى إيه أنا هطلب أيده من ربنا وإذا كان خير ربنا هيبعته لحد عندى .
اعتدلت واقفة وهى تقول ل انس :افتكر كلامى وبكرة تشوف .
تعجب انس ثقتها الكاملة والنادرة ايضا

النت وحش جدا سامحونى على التأخير

وجدت قلبىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن