الأخير
جلس انس بجوار وئام يتطلع لها بشغف واضح للاعين، أخيراً ستكون له للأبد، يحيط بهما الأهل والاحبة و الجميع يتمنى لهما السعادة
ظلت طيلة الحفل منذ جلسا متجاورين تسترق نظرات خجلة له فيردعها شغفه الواضح.
إقترب عامر من ولاء التى تراقب سعادة شقيقتها ليهمس قرب اذنها: عقبالنا يا لوليتا.
إلتفتت له بغضب يعشق إشعال فتيله: يعنى مفيش فايدة فيك؟ قولت لك بطل تنادينى بالاسم ده
رفع حاجبيه ليجيب نفس،اجابته التى ستدفعها للهرب من امامه: ليه بس؟ ده حتى اللوليتا ساقعة ولذيذة
أولته ظهرها لتغادر فيتبعها دون لمسها: بت انت ياللى اسمك بيدوب فى الحر. اوقفى هنا كلمينى...
إلتفتت له بغتة لدرجة انه ارتد للخلف خطوة لتقول: عامر، انت مستفز
ضحك ملء قلبه لتعود للمغادرة ويعود لمتابعتها
*****
يقف انس منتظرا وئام التى تودع والدتها وشقيقتها ليطول انتظاره. يحاول عامر ان يمازحه لكنه فقد تركيزه حين فقد كفه دفء كفها.
لم تطيل هذا الوداع!!!
الا ترى لهفته للإنفراد بها. قطب جبينه كأنه انتبه للتو.
إنها تفزع منه. ابتسم بحنان ليتقدم نحوهن ليرى تمسكها بكفى والدتها. يرفع كفيه فيضم كفيها بدفء: يلا حبيبتي.
رفعت عينيها له ليبتسم مشجعا فتقول عفاف: روحى يا حبيبتي مع،جوزك واحنا هنيجى بكرة ولا بعده نزورك
تقدمت وئام ليجد ولاء تمسك كفها بمشاغبة: انت مستعجل ولا ايه يا ابونسب؟
ضيق عينيه ونظر لها: مش وقتك خالص يا لوليتا
ضحكت وئام لتدفعها ولاء نحوه: طب يلا غوروا من هنا
شكرها بينه وبين نفسه فقد اخرجت حبيبته من اطار القلق الذى حبست نفسها فيه منذ بداية الحفل، امسك كف وئام حتى وقفا بباب الشقة المفتوح لتغادر عفاف فيخرج لسانه غيظا ل ولاء: عقبالك يا لوليتا
اندفعت نحوه ليغلق الباب فيمسك عامر ذراعها يمنعها من التقدم: انت زعلانة ليه؟ عقبالنا يا لوليتا
لتنفض كفه عن ذراعها وتصرخ بغيظ قبل أن تهرول من امامه.. هى ولاء الساخرة العابثة يتمكن دائما من إغضابها بسهولة ويسخر هو منها بذلا من أن تسخر منه.
*****
لم يكن انس ليترك خجلها حائلا يمنعه من إسعادها، هناك الكثير مما يمكنه أن يذيب به خجلها هذا.
فرغا من الصلاة ورفضت تناول الطعام، حسنا لا بأس سيبحث عن شئ اخر.
تناول هاتفه وتساءل: وئام فين موبايلك؟
تعحبت سؤاله لكن اجابت ببساطة: على التسريحة .
تناول الهاتف ليجلس أمامها : تعالى نلعب شوية .
شعرت بالالفة وتناولت الهاتف من بين أنامله : اوعا تقولى نلعب بابچى .
ضحك انس : وانت اوعى تقولى نلعب مصفف الشعر .
بعض من الالفة ، ثم بعض من سكينة ، ثم هدوء حذر
لتكون أول لمسة بلا شغف وتكون التالية بلا خجل وتكون التالية دافئة وناعمة ثم يشتعل الجنون وتذوب الحدود ويكون الاكتفاء حلم صعب المنال فكل شغف يتبعه شغف اكبر ولا سبيل سوى أتباعه حتى النهاية
*****
مرت الأيام مسرعة وانشغل عامر فى تجهيز شقته والإعداد لزفافه ليتوقف عن مشاكساته مع ولاء مما اشعرها بالوحشة .
لقد افتقدت نداءه لها : لوليتا .
جلست فوق الفراش تحتضن وسادتها . تشعر بالوحدة منذ زواج وئام خاصة مع انشغاله عنها .
دق هاتفها لتجد اسمه يزين الشاشة ، ابتسمت بسخرية ، ترى ماذا يريد ؟
سيسأل عن لون مفرش السفرة ام عن زهور طاولة الزينة !!
مكالماته كلها منذ زواج وئام تتلخص حول اعدادات منزلهما المستقبلى .
رفعت الهاتف بضجر : السلام عليكم .
لياتيها صوته : ازيك يا بت ياللى اسمك بيدوب فى الحر
حاولت كتم ضحكاتها لكن أذنه إلتقطتها ببراعة ليقول بظفر : انت بتضحكى
لتقول بعند : مابضحكش .
حسنا لا فائدة من مشاكستها عبر الهاتف فهو لن يرى غضبها الطفولى ولن يتمتع بإشتعال وجنتيها .
كان الأسرع استسلاما : طيب خلاص مش هزعلك كنت عاوز أسألك على حاجة مهمة ...
وهكذا ظلت الأيام تمر تسعدها وئام بزيارة من وقت لآخر لكن حتى زيارات وئام لم تقض على الملل الذى احتل روحها المشاكسة .
لم يطلب منها الخروج للتنزه رغم عقد قرانهما منذ اشهر . يكتفى بزيارته لها بالمنزل بوجود أحد والديها أو كليهما . ورغم ذلك يبدو سعيدا لمجرد هذا الوجود .
اخيرا انتهت معاناة عامر وأصبح يعد الأيام على أصابع اليد الواحدة وستكون مشاكسته معه للابد .
****
كان حفل زفافهما بسيطا لكن مبهجا ويكفى وجود الأحبة لتكتمل السعادة .
أراد انس أن يرد لها ممازحتها يوم زفافه فما إن غادرت عفاف حتى أسرع يعترض طريقهما : الله انتو مستعجلين ولا ايه؟
وكزته وئام : انس انت بتعمل ايه ؟
لتقول ولاء ببساطة : لا مش مستعجلين اتفضلوا معانا .
ليعترض عامر فورا : يتفضلوا فين ؟
أسرع انس يمسك كف وئام ويتقدم نحو الباب ليعترض عامر مرة أخرى : انس انت رايح فين ؟
انس ببساطة : هنتعشا معاكم . يلا يا وئام أنا جعان أوى .
تجذب وئام كفها بحرج : هو بيهزر طبعا . مبارك يا جماعة .
ليصر انس : اهزر فى إيه ؟ هنتعشا ولا تحبوا نبات معاكم النهاردة ؟
ضحكت ولاء بإستمتاع بينما ضيق عامر عينيه بغضب وهى تقول : اه ياريت تباتوا ونقعد نحكى قصص مرعبة
رفعت يديها للأعلى بحماس ليضحك انس ويجذبها عامر من يدها نحو الباب ويقول ل انس بإبتسامة ساخرة : انس انت صديق عمرى صح ؟
تتسع ابتسامة انس ليقول عامر : مش عاوز اشوف وشك تانى .
فتح الباب بينما انس يضحك ليقول بغيظ : ومفيش مع السلامة .
واغلق الباب اخيرا ولازلت ضحكات انس تصل إليه بينما قالت بغضب : كدة ماخالتنيش اسلم على اختى .
واتجت للداخل تتصنع الغضب ليقول بحزم : لوليتا .
توقفت تكبت غضبها ليتابع : انت يا بت ياللى اسمك بيدوب فى الحر .تعالى هنا .
اتجهت إليه بغضب : ماتقوليش الاسم ده تانى وانا مش بدوب فى الحر .
دفعته بقبضتها : يا سمج
ودفعته أخرى : يا بارد
امسك قبضتها بكفه متسائلا ببرود : بارد زى اللوليتا ساقعة ولذيذة .
ضربت الارض بقدميها اعتراضا وهمت بالهرب من أمامه ليجذبها نحوه .
أحاط وجهها بكفيه فى لحظة وفى اللحظة التالية كان يختطف أنفاسها ليمزجها بأنفاسه ويودع كليهما صدره حيث قلبه الذى عاد بعد طول شرود
ابتعد بعد دقائق ليهمس
وجدتك . فذاب الألم وزال الشقاء
ولم تر عينى بهذه الدنيا
قبلك نساء
كن خيالا ثم غبارا
ذراه الهواء
فأنت لعينى كل النساء
وانت لقلبى كل النساء
يا من اهتديت بنورها
من ضياع دربى
أهديك عمرا تفتح لاجلك
أهديك حبى
فقد ضعت يوما
وحين وجدتك
وجدت قلبىوعاد يختطف أنفاسها ليمزجها ببراعه بأنفاسه المتلهفة ويذوب بكامل كيانه بإرادته كاملة ليجد قلبه التائه
وجد سكينته وجنونه
وجد كل المتناقضات تذوب فتتحد لتخلق كيانا جديدا أكثر صلابة يتمسك به كل منهما حتى النهايةتمت بحمد الله
وجدت قلبى
بقلم قسمة الشبينى