الجزء الرابع ~

35 4 0
                                    

الساعة الرابعة و 54 دقيقة مساءا .. صوت قطرات المطر وهي ترتطم على النوافذ..
إنه الشتاء وسيحل الليل قريبا ..
الطرقات مبللة .. لون السماء ابيض .. الجميع يركض هربا من قطرات المطر كالعادة ..
لطالما استغربت من أمر البشر هنا .. يهربون من نقاء المطر ليختبئوا في بيوتهم ..
ومع أنها كانت من جنسهم .. لكنها لم تفهم البشر يوما !
هناك في ذلك المقهى المعتاد .. مقهى المشاعر الحقيقية ❤ ~
فتى جالس في احدى طاولات هذا المقهى الفارغ ينتظر ..
"ثن ثن ثن ثن " دقت ساعة الحائط معلنة عن دخول "آستريا" في موعدها المحدد .. لم تتأخر يوما ولو بدقيقة واحدة.. كانت فتاة تحترم المواعيد جدا
لقد أصبح ذلك الفتى أغلى ما تملك ..
هي لم تملك أصدقاءا من قبل !
كان "سين" من أضاء عتمتها .. و أخرجها من كوابيسها..
قد أشعل الشموع وبدد الظلام ~ و بث في روحها أملا حقيقيا لا خياليا ..
أصبحا صديقان مقربان جدا مع مرور الأيام.. أخبرته عن ما عاشته في السنوات الماضية وعن كل أسرارها .. وأخبرها هو عن أسراره الصغيرة أيضا ~
ولم يحدث شيء بعد .. تحبه كثيرا لكنها لن تعترف
لماذا ؟
الخوف من الرفض ؟ كرهها لعلاقات الحب ؟ الخوف من خسارته ؟
لا تعلم ما السبب المحدد لكن علاقتهما الحالية تعجبها كثيرا.. لم تمتلك يوما صديقا حقيقيا لكنها الآن تراه الحقيقة مجسدة في هيئة انسان ..
لكن كان هناك أمر يزعجها لم تحدثه عنه ..
لماذا تسمع في أحلامها صوتا كل ليلة يخبرها أن تبتعد ؟ أن تتوقف عن الاقتراب أكثر !
يبدو صوتا مخيفا .. صوتا غاضبا.. صوتا حزينا ..
يشبه صوت الأم حين توبخ صغيرها المقدم على فعل شيء كان سيسرق حياته !
لم تهتم لهذا كثيرا..

ومرت الأيام.. ومضى عام الثانوية الأول ..
كانا يتحادثان في العالم الصغير "الانترنت" كل يوم ..
تخبره عن كل تفاصيل يومها ~ يستمع لها دون ملل ..
ومضت الأيام ..
في عامها الثاني للثانوية .. وبحكم ظروف خاصة .. غيرت ثانويتها لثانوية آخرى بعيدة ..
حزن الاثنان كثيرا فلن يلتقيا الآن كثيرا ~
لكنهما أكملا صداقتهما عبر العالم الصغير ..
كانت تحبه كثيرا .. لكنه لم يبادلها نفس المشاعر ..
مضت هذه السنة أيضا ..
وتعرف هو على أصدقاء جدد .. صحيح أنه لم يتركها لكنها كانت تغار كثيرا .. تخاف من فقدانه ..
لم تخبره بشأن غيرتها او خوفها من فقدانه ..
هي كذلك تعرفت على اشخاص لكنها كانت معرفة سطحية ..
                                  ~~~~
السنة الاخيرة في الثانوية..
كانت

و إلى الآن لم يحدث شيء غير هذا ..
تغيرت "آستريا" كثيرا منذ أن عرفت "سين"
لقد أصبحت أكثر مرحا .. خرجت من عزلتها و انطوائها مع نفسها ..
أُعجب أحد الفتيان بها في ثانويتها الجديدة.. وأحبها كثيرا مع مرور الأيام ..
لكنها كانت تحب "سين" ولم تكن تريد خيانة نفسها ولا خيانته ..
رغم شجارهما كثيرا لكن علاقتها بقيت وطيدة
كان " هاد " فتى مغرما ب "آستريا" حد الجنون ~
وكانت تسمع في أحلامها صوتا يخبرها أن "سين" لا يحبها .. لا يجب أن تنتظر شيئا ..
تستيقظ منزعجة من صوت أحلامها .. هي لا تنتظر شيئا منه أصلا !
هي فقط تحبه ! لا تنتظر ان يحبها بالمقابل ! ولا تنتظر علاقة حب أيضا !
لماذا هذه الاصوات إذا !
~ كانت منزعجة من كل شيء .. من دراستها المتراكمة و من مشاكل عائلتها و من زميلاتها و من "هاد" ومن الاصوات التي تسمعها كل ليلة ...
ومن كل شيء ..
لهذا لم تكن تحادث "سين" كثيرا هذه الأيام ~
مع ذلك فحبها لم يتغير أبدا ..
كانت فقط متعبة .. متعبة جدا.. متعبة من كل شيء..
وفي خضم تلك المعارك التي كانت تخوضها .. تستيقظ يوما على الخامسة صباحا ..
تجد اشعار رسالة على هاتفها..
" وداعا يا فتاة "
رسالة من رين !
ماذا يعني "وداعا" ؟!
لقد قام بحظرها على ذلك الموقع .. الموقع الذي سمع قصصهما لمدة 3 سنوات ..
الموقع الذي شهد على حبها له ..
و على صداقتها ..
جاءت إلى ذهنها أفكار كثيرة .. وبكت كثيرا ..
بكت كما لم تبكي من قبل ..
هي من أصبحت أخيرا قوية بسببه .. و خرجت من ظلامها ..
كيف ستعيش الآن دونه ؟ هي الفتاة الضعيفة دائمة الهروب من مشاكلها !
كيف ستواجه العالم الآن بدونه ؟
بكت كثيرا .. وغضبت أكثر .. فكرت في الذهاب و الحديث معه لا يمكن أن يخرجها من حياته هكذا فقط !
لكن غضبها منه لم يسمح لها ..
                                ~~~
مضى أسبوع و أيام ..
لم تتحدث فيهم كثيرا .. كانت تبكي فقط ..
كان البكاء هو الانيس الوحيد لتلك الخيبة ..
الجميع من قبلك كانو مجرد ندوب وخدوش ..
أما أنت يا "سين" فقد كنت طعنة جاءت من ورائي في وسط معركة كنت أظنك حليفا و صديقا لي فيها..
أخرجها من حياته بكل بساطة هكذا ..
هكذا تبينت لها الأمور ~
لكن "بعض الظن إثم" ...

                 ❤❤    ~~يتبع~~   ❤❤

حين أحبت القمر ~ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن