١٣- المنقذ
دخل الى الحمام يسحب قدما خائرة القوى فقد شعر ان روحه تلك التى تنهار دعائمها فى بعادها هى التى تنوء الان بحمل ذاك الجسد .. لكنه بث فى نفسه القوة فقط لاجلها .. وقف امام المرآة يتطلع الى وجهه الذى ظن انه قد نسى ملامحه منذ امد بعيد .. مد كفا مرتجفة الى شاربه و لحيته الغير مهذبة و امتد كفه ليزيح عن خصلات شعره ذاك الشريط المطاطى الذى كان يضمها لتنفلت على كتفيه .. اطال النظر من جديد و اخيرا .. بدأ فى خلع ملابسه قطعة بعد قطعة و ألقاها جانبا و فتح خزينة الحمام فوق الحوض و اخرج مقصا و بدأ فى تهذيب لحيته و شاربه و امتدت يده ليتخلص من خصلات شعره فى ضربة مقص واحدة .. ثم بدأ بعدها فى تهذيبه ليقف بعدها تحت شلال قوى من المياه تمنى لو يصل ذاك الماء الطهور لجذور روحه ليزيل ما علق بها من أدران و يمحو ما ترسب بين حناياها من سوء و ظلمة ..
انتهى و خرج فى اتجاه غرفته ارتدى ملابس جديدة طاهرة وتطلع الى مصلاها التى تركها جانبا قبل ان يتوجه للحمام .. مد كفه اليها و ضمها من جديد و هو يعود ادراجه الى حجرتها التى اصبحت ملاذه الان من كل ماضيه الذى يتعقبه و الذى يحاول جذبه الى مستنقعه المعتم من جديد لكنه يأبى و يتمسك بالمكوث بغرفتها مستشعرا أمانا عجيبا كانما حجرتها محصنة بغلالة مطهرة تجعل كل خواطره و أوجاعه تتراجع متقهقرة و تقف على أعتابها غير قادرة على الولوج اليه ..
مد المصلى امام موضع وقوفه وتطلع لموضع القبلة التى أدركها يوم ان فتحت له الباب فوجد مصلاها مفرودا بهذا الاتجاه و ارتجفت أوصاله فى خشوع لا يعلم من اين أتاه و بدأت الدموع فى الظهور بأحداقه و اهتزت جوارحه و ما ان رفع كفيه مكبرا تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة حتى شهق فى قوة وما عاد باستطاعته المكوث منتصبا على قدميه فسقط على ركبتيه داعيا فى وجل :- أعدها يا آلهى .. أعدها ارجوك .. اعلم ان دعاءى قد لا يكون مستجابا فقد عصيتك كثيرا و ابتعدت عن طريقك كثيرا .. لكن ارجوك ان كنت تعاقبها لقربها منى .. فأرحمها فلا ذنب لها و سأبتعد عنها .. سأفعل صدقنى لكن دعها تعود و لتكن بخير اى كانت .. احفظها كما حفظتك هى دوما بقلبها .. احفظها يا رب و ليكن ما يكون بعدها ..
شهق من جديد و رفع رأسه يحاول التطلع للسماء متضرعا غير قادر على التفوه بحرف واحد فقد اصبحت حروف الأبجدية جميعها غير كافية للتعبير عما يجيش بصدره و ما ان هم بالنهوض حتى سقط ناظره على شئ ما يتوارى خلف احد ارجل فراشها ..
اندفع فى سرعة يستطلع ما يكون فإذا به جوالها .. كاد يطير فرحا فقد كان يعتقد ان هاتفها بحوزتها رغم انه غير مشحون كما أخبرته هناء فهى لم تكن تفارقه ابدا لانه يذكرها بمواقيت صلاتها لكن يبدو انها نسيته هنا.. نهض على عجل باحثا عن شاحنه وما ان وضعه به لعدة دقائق مرت عليه كدهر حتى أعلن الهاتف اخيرا قدرته على العمل فبدأ يبحث على صفحته بكف مرتعش عن اخر الأرقام التى اتصلت بها .. فلم تكن الا أرقامهم جميعا .. بحث فى الاسماء المحفوظة ليجد اسماءهم ايضا .. كاد يفقد الأمل الا ان ذاك الرقم المحفوظ ببضع احرف لا اسما كاملا قد استرعى انتباهه .. داس ذر الاتصال و وجيب قلبه وصل ذروته ..
أنت تقرأ
الى تلك الرائعة .. احبك .. مكتملة
Romantikنقيضان ... لايمكن ان يجتمعا معا الا و كان الجدال هو سيد الموقف .. لكنهما رغما عن ذلك .. انجذبا كقضبى مغناطيس .. فهل يمكن للماء و الزيت ان يختلطا فى إناء واحد !؟..