بارت 1

13.8K 198 48
                                    

حسناء ، مجرد فتاة صغيرة ، مات والدها و هي ذات سبعة سنوات فقط ، مع موته اختفت ابتسامتها و اختفى كل شيء يجعلها تضحك
تلك الغمازة الصغيرة التي على خدها لم تظهر منذ ذلك الوقت ، و لمعة العين السعيدة اختفت
تعيش مع أمها التي لا تهتم لها أبدا
مر الآن خمسة عشر سنة ، تخرجت حسناء من الجامعة لتقابل أمها التي منعتها من العمل
في الواقع و ما لا يمكن تصديقه ان والدتها ورود تكرهها او بالأحرى تغار منها ، فالفرق شاسع جدا ، أخدت حسناء جمالها كله من مراد والدها ، عيونها خضراء تجعل من يراها يسرح في سحرها مع اشفار طويلة و حاجب محدد و تلك الشفاه الوردية الكرزية الصغيرة ، خدان متوردان مع غمازات تزينها و شعر حريري طويل باللون البني الغامق ، عكس أمها التي تشوه وجهها بسبب عمليات التجميل الكثيرة التي قامت بها
++++++++++++++++++++++
حسناء تختبئ تحت البطانية و تقرأ روايتها المفضلة لتصرخ بغضب : كان من المفترض ان تكون نهاية سعيدة !!!!
ورود بصراخ من خارج الغرفة : كنت اعلم انك مستيقظة ايتها الفأرة الكسولة ؟ افتحي الباب ايتها الحقيرة افتحي ...
حسناء تضرب رأسها بيدها : يا الهي ! ماذا تريدين مني أمي ..
ورود : اخرجي حالا ، البيت لن ينظف نفسه
حسناء : الم انظفه البارحة
ورود : نحن في اليوم ، هياااا
حسناء : و سماح ..
ورود بصراخ : هياا منذ متى تتكلمين معي هكذا ، هيا انهضي ، سماح ستجلس و انتي من سيعمل اليوم
حسناء : ماما~
ورود : ماما ؟ لا تقولي هته الكلمة على لسانكي ايتها القذرة و هيا اخرجي او سأعاقبكي ، هيا حالا
حسناء
جمعت شعرها بفوضوية و خرجت لتصفعها امها بقوة
ورود : كل هذا الوقت ، لماذا تأخرتي ؟
حسناء و هي تمسك خدها : بماذا أبدأ
ورود : تافهة ، اريد اولا ان افطر افطار ملكي
حسناء : هل سماح ستساعدني ام سأعمل وحدي
ورود : بالطبع لا ، سماح ابنة صديقتي و لن أسمح لها بلمس أي شيء
حسناء : هل يمكنني ان أخرج قليلا بعد ان انظف المنزل ؟
ورود و هي تمسك لها شعرها بقوة : لما ستخرجين ايتها العاهرة
حسناء ببرود : فقط اريد ان احصل على بعض الهدوء
رمتها ورود بعيدا : لا ، لن تخرجي ابدا ، الا يكفي انكي انهيتي دراستكي
نهضت حسناء و توجهت للمطبخ كأن شيء لم يحدث ، تسألها نفس السؤال يوميا و نفس الجواب يتكرر ، لكنها لا تستسلم ابدا
اعدت لها الفطور و اخدته الى غرفتها ثم بدأت بتنظيف المنزل ، او القصر ان صح التعبير
بعد اربعة ساعات انتهت ، قررت الخروج و لأول مرة ستواجه امها
حسناء : اولا انا بحاجة الى الملابس
توجهت لغرفة سماح ، دقت الباب و دخلت بسرعة ، كانت سماح تجلس امام النافذة المطلة على المسبح و تحمل هاتف بيدها ، ما ان رأت حسناء وضعته و اتجهت لها بابتسامة
سماح : صباح الخير حسناء
حسناء : صباح النور
سماح : هااا ، ماذا حصل حتى نورتي غرفتي
حسناء : ااااا في الواقع اريد ان استعير ملابس من عندكي
سماح : وااااو هل سمحت لكي خالتي بالخروج ؟
حسناء : ليس بعد ، لم أسألها لكني استجمعت قواي كي اخبرها
سماح : هل اساعدكي ؟
حسناء : لن أقول لا
فتحت سماح خزانتها على مصرعيها
سماح : اختاري ما تريدين و انا سأعود
حسناء : حسنا ، لا تتأخري
خرجت سماح من الغرفة لتقع عيني حسناء على ذلك الفستان الأسود
توجهت يديها اليه و حملته بسرعة
فستان اسود قصير مع حزام نبيذي اللون
حسناء : بالطبع سأختار هذا ، واااو
سماح : خاالتي هل يمكنني الدخول
ورود : بالطبع عزيزتي
دخلت سماح و التوتر ينهشها
ورود : يوجد بفمكي كلام ، هيا تعلمين اني لا ارفض لكي طلب
سماح : حسنا ، من الاخير انا بحاجة الى حسناء كي ترافقني
ورود و هي تضغط على اسنانها : الى اين يا ترى
سماح : السوق ، السوق يا خالتي فأنا لن أستطيع حمل كل الأكياس ففكرت ان تساعدني هي
ورود : تقولين تسوق ...
سماح : نعم خالتي ، فكما تعلمين سأبدأ العمل قريبا و انا بحاجة للكثير من الأشياء
ورود : تعدينني ان عينيكي لن تبتعد عنها
سماح : بالطبع خالتي ، لن أتركها أبدا لوحدها
ورود : حسنا لكن فقط لثلاث ساعات لا أكثر و لا أقل
سماح : لا يمكن جعلها خمس ساعات ؟
ورود بصراخ : هل أغير رأيي ؟ تعلمين اني لا أسمح لحسناء بالخروج
سماح : لالالالا ، حسنا ، لن نطيل التسوق ، لثلاث ساعات فقط ، ارجوكي خالتي لا تغيري رأيكي
ورود : اغربي عن وجهي
سماح : ذاهبة ، حسنا ، احبكي خالتي
خرجت سماح من غرفة ورود و السعادة تغمرها ، لا تستطيع تصديق انها و أخيرا ساعدت حسناء في الهروب من هذا السجن حتى ولو كان لوقت قصير
ورود : كيف سمحت لهذا بالحصول ؟ سماح تلعب بعقلي ، لا يمكن لحسناء الخروج ، سيراها العالم ، اللعنة
بفففففف لكنه لثلاث ساعات فقط
سماح : حسناء أين أنتي ، لدي أخبار سعيدة
خرجت حسناء من الحمام و هي ترتدي ذلك الفستان الأسود ، و شعرها الذي جمعته على شكل ذيل حصان يصل لخصرها
سماح : وااو ما كل هذا يا فتاة ، ستخطفين كل الأنظار عني
حسناء : ما الأخبار ، هل أقنعتي أمي ؟
مرام : حسنًا....
حسناء : غير موافقة ، علمت هذا
سماح : يا حمقاء ، لقد وافقت
ركضت حسناء الى سماح تحتضنها بشدة ، لها ثلاث سنوات لم تخرج من المنزل ، أبدا ، و حرفيا
و رغم كل تلك السعادة الا أنها لم تبتسم ، لكن سماح لم تستغرب أبدا
سماح : حسنا انتظريني لخمس دقائق فقط سأرتدي ملابسي و نخرج
حسناء : هيا ، لا أستطيع تصديق اني سأخرج و أقابل أناس جدد من غيركي و ....
لم تكمل جملتها الا و الباب يدق
سماح : أظن أنكي كنتي ستنطقين بإسمه
حسناء : في الواقع نعم
سماح : سأرتدي ملابسي و انتي اذهبي لفتح الباب
حسناء : أنا ؟ تعلمين اني لا أحب نظراته تجاهي
سماح : اليوم فقط ، كي نسرع بالخروج
حسناء : اللعنة ... أوكي سأذهب
مشت ببطئ نحو الباب الذي كاد يقتلعه ذلك المسمى آدم
آدم بصراخ : هياااا افتحي الباب سماح ، لما الكسل
فتحته بسرعة و كادت تذهب الا انه أوقفها بصوته الخشن
آدم : حسناء ؟ واااو ، كنت أعتقد أنكي لا تعرفين كيف يفتح الباب
حسناء : أووووه حِسُّك في الكوميديا رائع ، سأنفجر من الضحك ( بسماجة )
آدم : همممم لما ترتدين هكذا ، هل تقومين بعرض أزياء ؟
سماح : انتهيت حسناء هيا بنا
حسناء : ** أوووه أنقذتني مرة أخرى ** هيا هيا كي لا نتأخر
آدم : الى أين يا فتيات و منذ متى حسناء تخرج
بقي ينظر لسماح بغضب ، يكاد يقتلها بنظراته
حسناء: و ما دخلك أنت هااا ، ما دخلك ؟
آدم : لا تعلي صوتكي أبدا في حضوري هل فهمتي ؟
سحبت سماح حسناء و خرجت دون حتى الالتفات اليه
تعلم انه اذا تفاقم الموضوع فستلغي ورود كل شيء
حسناء : لما تمشين بسرعة يا فتاة اتركيني لأستمتع قليلا
سماح : لدينا فقط ثلاث ساعات ، اريد منكي رؤية كل ما يعجبني بالمدينة
حسناء : لاا ، أولا أريد الذهاب لمكاني المفضل
سماح : و ما هو يا ست الحسن و الجمال ؟
حسناء : انه السيرك ، لم آتي اليه منذ وفاة والدي
سماح : لا يفتح سوى بالليل ، لذا لن نضيع الوقت بالذهاب اليه
حسناء : بالليل ؟
سماح : نعم ، هيا الآن سنذهب أولا للسينيما ثم حديقة الألعاب بعدها نشتري بعض الأغراض كي لا تشك الخالة ورود
حسناء : حديقة الألعاب نعم ، السينيما لا
لن أذهب اليها
سماح : حسنا اختاري انتي
حسناء : تعرفين القيادة ؟
سماح : سؤال غبي ، بالطبع
حسناء : وجهتنا هي ....
لم تنتبه سماح للطريق سوى عندما وجدت نفسها أمام الشاطئ
سماح : تحفظين الطرق ؟
حسناء : كنت آتي مع رحلات الجامعة خفية عن أمي
سماح : و أنا من ظننت انكي جبانة
حسناء : ضعي ظنكي بعيدا و دعيني استمتع قليلا ، ياااه كم اشتقت لرائحة البحر
مشت نحو الشاطئ بقدميها الحافيتين على تلك الرمال الذهبية
توقفت عندما شعرت ببرودة الماء
و أخيرا بعض السكينة ، بقيت لمدة خمسة عشر دقيقة بدون ان تحرك ساكنة ، فقط تنظر امامها ، بدون تعابير و لا حتى كلمات
قطع خلوتها صوت سماح الصارخة
استدارت متفاجئة لترى مجموعة من الشباب يحاولون التقرب منها بشتى الطرق
حسناء بتحذير : ربما يجب ان تبتعدو
- و من تكونين ؟ يا شباب هته أجمل من الأخرى
سماح : أتركوني ... حسناء اتصلي بالشرطة
- الشرطة أليس كذلك ؟ سنريكي
رماها على الرمال لتهجم عليه حسناء ، تضرب أحدهم بيديها الضعيفتين
و صراخ سماح هو المسيطر على المكان
كان ذلك الشاب يبتسم و كأن حسناء تلعب معه و ليس تضربه
أمسكها بقوة و رماها أمام سماح على الرمال
- ياااه سنستمتع كثيرا
ضحك البقية ، ليبدأ دماغ حسناء بالتفكير
نظرت الى كل ما حولها
وااو شبان قادمون ✅
صخور كبيرة ✅
بحر ✅
طريق سريع ✅
حسناء بهمس : هل مفاتيح السيارة بحوزتكي ؟
سماح : نعم ، لماذا ؟
حسناء : أعطيني إياها ، أحتاجها قليلا فقط
أعطتها اياها دون ان ينتبهو لهما
- حسنا ، بماذا نبدأ ؟
- أرجوك صديقي ، أترك لي صاحبة الرداء الأزرق و لكما صاحبة الرداء الأسود
- لك هذا يا صديقي و ابتسم بقذارة
كان هناك ثلاث شبان
نظرت له حسناء بعيون ثابتة و صرخت صرخة مدوية ليتركها الذي يمسكها من جهة اليمين
امسكت المفتاح و طعنته بقدمه ليسقط و هو يصرخ
كاد يضربها الثاني الا انها دفعته ليسقط أرضا هو أيضا
حسناء بصراخ : أركضي سماح ، أركضي
و رمت لها ذلك المفتاح بالدماء عليه
لاحظ بعض الشباب ما يحصل ليركضو لهما ، ساعدوهما ، حيث هجمو على الشبان الثلاث ، لم تلفت لهم حسناء فقط ركضت خلف سماح ، و انطلقا بالسيارة بسرعة جنونية
سماح : واااو ماذا حدث للتو ؟
حسناء : يجب ان تعتادي هته الأمور يا حمقاء ، لو لم أكن هناك لانتهى امركي ، هل انتي غبية ؟ لما لم تدافعي عن نفسكي ؟
سماح : ثلاث شبان
حسناء : حتى لو كانو عشرة ، لا يهم ، استعملي عقلكي قليلا و ستتغلبين على كل شيء
سماح : حاضر كابتن
حسناء : الآن الى حديقة الالعاب
سماح : ألم تكتفي بعد ؟
حسناء : هل تعلمين شعوري ؟ يا فتاة مر وقت لم أرى الشارع و العالم ..
سماح : لكي هذا
لم يمر وقت الا و هما في حديقة الالعاب
حسناء : لنفترق ، أظن ان ذوقكي بالالعاب عكس خاصتي
سماح : لا مشكلة ، لكن لتكوني هنا بعد ساعة
حسناء : حسنا حسنا ، فقط اذهبي
لم تنظر حسناء لأي لعبة ، فقط عينيها على علبة الرعب ، كانت تخاف دخولها كثيرا عندما كانت صغيرة
حسناء : سأجربها بالتأكيد
وقفت في الصف للدخول ، و الصراخ يملأ الأجواء
بدأت تشعر بالملل من الانتظار ، لكن الحظ حليفها لذا بعد تفكيرها بالمغادرة جاء دورها
دخلت دون تفكير في ذلك القطار
أولها ظلام ، في الواقع حسناء لها ماضي مريع مع الظلام
حسناء : لما اخترت علبة الرعب ؟ هل انا حمقاء ؟
كان الجميع يصرخ عندما خرج الوحوش الا هي ، كانت تمسك الكرسي بيد و قلبها بيدها الأخرى
و أخيرا انتهت اللعبة ، كان قلبها يدق بسرعة جنونية
بحثت بعينيها عن سماح لكن لا وجود لها
بقيت تبحث عنها فالثلاث ساعات على وشك الانتهاء
كانت تلتفت يمين و يسار لتلاحظ آدم بعيون تطلق الشرار متوجه نحوها
بدأت بالركض ، كان المكان شبه خالي فالناس بدأو يرحلون
ركبت في العجلة الدوارة و عندما لاحظت اقترابه ضغطت بعشوائية على علبة الأزرار لتبدأ اللعبة بالدوران
ابتسم آدم لغبائها و أشار لها بيديه أنه سينتظرها ، فستتعب في النهاية أليس كذلك ؟
بقيت العجلة تدور و تدور ، ملّ آدم من الانتظار
حسناء : ستقتلني أمي أنا متأكدة ، ياااه سينتهي أمري . إما بسبب آدم أو بسبب أمي
بفففف
نظرت للأسفل ، رأت آدم يركب علبة من علب العجلة الدوارة
بدون تفكير ، قفزت ما ان اقتربت علبتها من الأرض
سقطت لتلتوي قدمها ، صرخت بأعلى صوت من الألم الذي لحق بها
بدأت تركض بمشية عرجاء و آدم يصرخ و يلعن غباءه
بسرعة خرجت الى الطريق بحالتها المزرية تحاول إيقاف سيارة أجرة
سماح : يال الهول ماذا سأقول لخالتي ؟ ستقتلني بالتأكيد
هل أقول لها اني اضعت ابنتها بين الحشود ؟ هل أنا غبية ، وجدتها ... سأهرب انا أيضا ، لن أذهب لها ، سأعود لمنزلي و أرسل لها رسالة فقط
أين ذهبت حسناء على أي حال ؟
سقطت حسناء أرضا ، لتتوقف سيارة بيضاء أمامها

يتبع ...

لا تنسو ال voote و  التعليقات بليز 😊

تم وضع باقي و كل البارتات استمتعوا 💕

أحببت منقذي {⚫مكتملة⚫ }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن