4

2K 35 0
                                    

 المضطربة جعلتها تغفل أخبار أمها عن خاتم الخطوبة , لم تكن خائفة من رفض والديها فهما يحبان كورت.... بل خائفة من لقائها المقبل يرولت.

كان ضوء الشرفة الخافت ينير المدخل الأمامي ونسيم الليل عابقا برائحة الصنوبر ولا شيء يعكر سكون الليل سوى أصةات الجنادب.
فحركة السير كانت خفيفة جدا في تلك الساعة المتأخرة , وبين ظلال الأشجار كان كورت يعانق آلانا بشوق وحرارة , لم تكن تتحسس عناقه , فذكرى شقيقه رولت لا تزال آخذة كل عقلها , تهز أعصابها فتعاودها ذكراه وتبعدها عن الرجل القريب منها , عندما لمحت عيني كورت الزرقاوين الحائرتين عكس عيني رولت النيلتين , تنبهت لحالها , فسألها كورت والتعجب يغلب على صوته:
" ماذا جرى ؟ ماذا فعلت لك؟".
أدارت وجهها عنه بعصبية , فقد كانت عاجزة عن مواجهة نظراته التائهة وردت:
" لا شيء , لا شيء يا كورت".
كانت تبدو منفعلة بسب تصرفها هذا , وأعاد كورت السؤال:
" هل من شي يزعجك؟".
ثم أخذ ذراعيها المشدودتين , أدارها نحوه وسألها بنعومة:
"أخبريني ماذا جرى".
" أنني....".
وقبل أن تكمل كلمتها , تطلعت الى وجهه الجميل , فغمرتها موجة من اليأس , لم يكن ممكنا أن تخبر كورت عن زيارة رولت لها بعد الظهر أو أن تشرح له طريقة تصرفه معها , لذلك أدارت رأسها وهزته بتعب وقالت:
ط أشعر بصداع خفيف".
هذا الكلام كان العذر الأقل أقناعا , لكن كورت لم يجد سببا لمجادلتها , فقبل وأبتسم متأسفا:
" كان عليك أن تخبريني قبل الآن".
" لم أشأ أن أفسد عليك سهرتك ".
فأجاب:
" أعتقد أنك أطلت الجلوس في شمس الظهيرة...".
أجابت عابسة:
" ربما".
كانت تود أن تقول له أنه رولت وليس الشمس لكنها أحجمت , ألتفت نحوها وقال:
" لا أريد أن أتركك لكن من الأفضل أن أفعل , سأتصل بك غدا , هل أنت موافقة؟".
قالت آلانا :
" حسنا ".
وأقتربت منه ليودعها .
حين ضمها بحنان بقيت جامدة غير شاعرة بلطافته لأن ذكرى رولت كانت تغمرها تلك اللحظة , وتفسد عليها أية لذة قد يمنحها أياها كورت.
عندما دخلت الى البيت , أسندت ظهرها الى الباب الأمامي المقفل وأغمضت عينيها للحظة , لقد قال لها رولت:
" لا تنسي!".
حقا , لم يكن ضروريا أن يقول ذلك فقد حل بسهولة ونجاح بينها وبين كورت , وفي هذه اليلة , أحست بأنها لن تكون المرة الأخيرة .
في صباح اليوم التالي وحوالي الساعة العاشرة , رن جرس الهاتف في منزل آلانا , أخذت السماعة قائلة:
" منزل باول , آلانا تتكلم".
" كيف هو صداعك؟".
للوهلة الأولى أعتقدت أن كورت هو الذي يتكلم وأجابت بطيبة:
" لقد زال".
لكن ضحكة خفيفة ساخرة أنسابت عبر سماعة الهاتف جعلتها تنتبه الى أن محدثها هو رولت , فسألته غاضبة:
" وكيف علمت بالصداع الذي أصابني؟".
" عندما رأيت كورت هذا الصباح , لاحظت أنه مرتاح الوجه أكثر من العادة , فسألته عن السبب ,فأخبرني أنه نام باكرا بسبب صداع رأسك ".
وضحك بصوت عال ساخر.
" ولماذا تتصل بي يا رولت؟".
" وهل يجب أن يكون هنالك سبب؟".
" لا! لكنني اكيدة أن هنالك سببا دفعك لذلك".
كانت تعتقد أنه يريد أن يعرف أسرار لقائها مع شقيقه لكنه قال:
" ربما أردت سماع صوتك فقط!".
" حسنا , أرجو أن تكون قد أستمتعت بسماعه".
وأقفلت الخط بعنف آملة أن تكون قد خدشت أذنيه بصوتها المرتفع لكنها شكت في أن يكون قد تأثر!
حدقت للحظة في الهاتف ثم أبتعدت , كانت أمها تراقبها وعلامات التعجب بادية في عينيها فسألتها:
" هل كان رولت ماثويز على الخط؟".
" نعم".
وجاء جواب آلانا جافا على غير عادتها .
وهزت أليونور رأسها وكأنها تعرف شيئا :
" كنت أتساءل متى سيتصل".
فسألتها آلانا بحذر وتيقظ:
" ما الذي جعلك تعتقدين أنه كان سيتصل؟".
فأعلنت والدتها :
" أتذكرين عندما كانوا عندنا يوم عيد الفصح ؟ يومها لاحظت جيدا الطريقة التي ينظر فيها رولت اليك وعرفت أنه مهتم بك , الا أنك كنت منشغلة جدا بكورت حتى أنك لم تلاحظيه , لكنني أنا لاحظته بوضوح".
رددت آلانا ساخرة:
" لكنني لا أطيقه يا أمي!".
" هل يجعلك غاضبة وحانقة؟".
" أجل , أنه....".
توقفت آلانا حين أنتبهت الى وميض عيني أمها فعرفت السبب , لكنها تابعت بحماسة:
" لا تنظري الي بهذه الطريقة يا أمي! ليس الأمر كما تظنين , ربما أثار كل غضبي لكنه لن ينقلني أبدا الى جنة الحب!".
ثم أستدارت مسرعة وخرجت من الغرفة .
كانت والدتها تدافع عن خصمها اللدود , فشعرت آلانا بالعتب الشديد عليها , وراحت تقول في نفسها:
" لن أتخلى أبدا عن كورت, أن رولت يحاول التأثير على حياتي ويتوق ليشغل مكانا أكبر فيها".
لم يحاول رولت أن يتصل مجددا بآلانا طيلة أيام الأسبوع الباقية , لم يكن بحاجة لذلك بعد أن تدخل مرة واحدة ونجح بتفوق في أثارة غضبها.
رأته مرتين وبسرعة ,كانت خلالهما برفقة كورت , فقد دعاه أهلها الى العشاء ذات ليلة ولكن لحسن الحظ كانت آلانا على موعد م كورت في تلك الليلة....

روايات عبير / الفخ - جانيت ديلي _حيث تعيش القصص. اكتشف الآن