الفصل السابع "ها قد أتي الفرج "
يضجع علي الفراش بأريحيه تامة ويستمع لكلمات المغنية هالزي المُنبعثة من هاتفه ..يد خلف رقبته والأخرى يغطي بها عينه ويدندن بخفوت حتي لاحت أمامه صورة تلك القطة بشكلها القديم !!
انتفضَ من علي الفراش ومسحَ علي وجهه بعنف حتي ينفض تلك الأفكار التي داهمته ، بقى مُحدقاً في نقطة ما في الفراغ وهو يسترجع صورها جميعاً في ذاكرته التي خلدتها دون أن يدري ..
للعجب أنها بشكلها القديم البسيط دون أن تتكلف وتضع نظارة فوق رأسها أو ترتدي بنطال جيمز غير معتادة عليه .. أو حقيبة تعيق حركتها وهي اعتادت أن تحمل المال في يدها !
بعثر شعره بعصبية وهتفَ شاتماً بحنق
"بنت ال.. عاملالي عمل ولا إيه !! ... أنا أحسن حاجة إني أنزل المحل بدل ما أقعد مع أفكاري اللي هتوديني في داهية "
بدّلَ ملابسه ثم قصد المتجر ليجد أن أفكاره تجسدت أمامه حينما وجدها تقف في الشرفة ...طريقة وقفتها العفوية ... تستند بذقنها علي قبضتها وتمط شفتيها بضيق وعينيها .. مهلاً !! ، أهي تبكي !
ظلَ محدقاً بها لفترة قبل أن تنتبه إليه فاستعاد رباطة جأشه ثم لوحَ لها كتحية
كي ينقذ نفسه قبل أن تكتشف هي تحديقه لها وهو لا يريد أن يُكتشف أمامها .. حتي يتأكد من ... مشاعره !!!
...............
اصطدمت بحائط بشري أثناء ما كانت تحمل الأشياء لمنزلها .. رفعت نظرها لتجد عينان تعرفها جيدًا تحاوطها محفوفة باشتياق جارف وحبٍ دفين
طالعته بصدمة قبل أن تتنحنح وتتمتم بأسف سريع وتسير مُبتعدة عنه
يا إلهي .. الفتاة ذات الجدائل الصغيرة أصبحت أنثي يافعة ، أزهرت بعد أن تركها رغم لمحة الحزن بعينيها إلا أنه أقسم داخله أنه سيمحيها ولا يجعل بينهما سوى السعادة المُطلقة ..
أفاقَ من شروده علي صوتٍ غليظ خلفه يخبره بنزق
"إيه يا باشا بتعاكس المدام ليه ؟"
التفتَ حازم إليه وتمتم بتساؤل مضيقاً عينيه وقاطباً حاجبيه
"مدام ؟؟؟ ... مين دي اللي مدام ياا ..."
"مصطفي اسمي مصطفي ... ومريم هتبقي المدام بتاعتي ، فياريت ياباشا متقربلهاش تاني لأحسن ..."
قاطعه حازم والشرار يتقد من خضراوتيه اللتين أصبحتا ذات لونٍ قاتم جرّاء عصبيته
"لأحسن إيه؟ .. لو راجل كمل ، وياريت متشيلش الألقاب اسمها أنسه مريم "
نطقَ مصطفي بتحدٍ سافر وهو يواجه عينين حازم الملتهبتين بالنيران
"ولو مشيلتش ؟؟ "
"أشيلك أنا"
أردفَ بها كترحيب زائق قبل أن ينقض عليه وينهال ضرباً والأخر يصد لكماته حتي نشبَ عراك كبير بينهما تدخلَ به البعض للفصال بينهما حتي استطاعوا تخليص مصطفي من بين يدي حازم الذي كان يمكسه من رقبته ويرفعه من الأرض حتي كاد يختنق
كانت تراقب الموقف بخوفٍ شديد وهي تحتمي بمدخل العمارة .. تريد الاطمئنان عليه فهي لا تراه بسبب تجمع الناس من حولهم
خرجَ يهندم ملابسه من العراك ليجدها تنظر إليه فرمقها شزراً وأشارَ لها بالصعود لتزدرد هي ريقها بتوتر وتهم بالصعود لولا أنها أبصرت شيء ما يتحطم فوق رأسه جعله يفقد الوعي لتطلق صرخة خافتة حتي لا ينتبه إليها المارة وتبدأ في البكاء المكتوم ...
...........
زمت شفتيها بطفولة ليتأمل هو ملامحها الهادئة من بين شعرها الذي يظهر من تحت وشاحها القصير .. وعينيها الواسعتين .. حاجبيها المنمقين دون تدخل .. وأخيراً يدها الصغيرة التي تمسك بالورقة ..
كانت ملامحها متسائلة ثم أصبحت عادية لتتحول إلي الدهشة الممزوجة بالسعادة وهي تحدثه بفرحة عارمة
"ده بجد يا فهد ؟؟"
أماءَ لها بابتسامة هادئة زينت ثغره مُستلذًا باسمه من بين شفتيها بعد أن أجبرها علي تجريده من الألقاب ..
احتضنت ورقة قبولها في المدرسة الثانوية بسعادة وقد امتلأت عيناها بالدموع ليتدارك الموقف قائلاً
"لأ لأ مش عايزين دموع ... إحنا مصدقنا نفرحك وتضحكي "
"إنتو دايماً مفرحني "
"إنتو مين ده أنا اللي فكرت ونفذت .. أمي وأبويا خدت رأيهم بس وكل اللي عملوه إنهم فرحوا الباقي كله عليا "
نطقَ بهيام واضح .. تجتاحه مشاعر لطيفة لأول مرة ، ونسيم خاص يعبث بقلبه .. وصوتاً داخله يخبره أن يتقدم حتي يقع في هاوية ... السعادة
تضرجت وجنتاها بالحمرة لتهتف سريعاً وهي تحاول الخروج من الغرفة التي أصبحت ضيقة عليهما فور أن لاحظت نبرته في الحديث
"شكراً أنا مش عارفة أقولك إيه .. "
"ما تقوليش حاجة كفاية إني أشوف فرحتك "
عادت إليه سخونة وجهها واحساس الفراشات التي تقبع بمعدتها يتفاقم بكل حرفٍ ينطق به ..
استجمعت شجاعتها وهتفت بمزاح وهي تستند علي الباب قبل أن تخرج
"طب هكافئك إنهاردة وهعملك مكرونة بالبشاميل أنا عارفة إنك بتحبها "
تهللت أساريره ثم قام من علي المكتب واقتربَ منها وسعادة عارمة مُسيطرة علي قلبه .. عيناه تطلقان أسهم الحب دون أن يعلم أنه تجاوز الحد المسموح وهو الآن في مواجهتها يفصل بينهما سنتيمترات قليلة
سعادته ليس في الطعام فقط .. بل الاهتمام المطلق في أنه يحب هذا ويفضله وهي لا تدخر جهداً في إظهار ذلك له حتي أنه كان سيقدم علي فعله سيندم عليها ...
حمدَ ربه أنها ابتعدت من أمامه لينطق بصوتٍ عالٍ لتسمعه قبل أن يغلق باب الحجرة
"جهزي نفسك بالليل ننزل نشتري هدوم للمدرسة .. "
ثم تابع في صوتٍ منخفض
"ولازم ماما تيجي عشان ميحصلش أي لَبس في الموضوع "
........
كانت تقف أمامه تتأمله بصدمه وشوق بينما هو يضع يده في بنطاله يراقبها بتسلية علي صدمتها التي طالت حتي أنها لم تفسح له المجال للدخول
حمحمَ قليلاً قبل أن يتحدث بصوت هادئ علي غير عادته
"هي طنط مش موجودة ولا إيه؟"
انتشلها من شرودها لتجيبه باضطراب وهي تنظر أرضاً ومازال علي أعتاب الباب
" هاا .. ماما جواا يعني ..وو "
أشفقَ علي حالها فأردف بمرح وهو يستند علي الباب وغمز بشقاوة
"مش هتدخليني ولا إيه"
ازدردت ريقها تلك المرة بصعوبة وقد تخضبت وجنتيها بالحُمرة القانية وهي تراه يتبع أسلوباً جديداً معها بالحديث .
أفسحت له المجال ليتقدم أمامها خطوتين حتي تبعته هي وقادته إلي غرفة الصالون حيث تجلس والدتها ووالدته
جلست بجانب والدتها وهي ترمقه بعدم استيعاب !! كيف بعد أن عنفها وأقل من شأنها يأتي إلي هنا بكل برود وابتسامة تشق ثغره !!
انتابها الغضب الشديد حينما تكررت جملته وهو يكز علي اسنانه هاتفاً بصرامة بينما يداه تتحسسان ضمادة رأسه
"ابقي خلي بالك بعد كده ... عشان أنا بعد غلطاتك"
لولا والدته السيدة التي اكتنفتها قبلاً لأطاحت بعينه ذات اللون الزاهي والتي يتباهي بها ذلك المتحاذق !!
... شردت بعينيه اللامعتين تنفكان عن رمقها كل لحظة حتي أطرقت رأسها هاربة من نظراته التي تأسرها كما فعل هو واختطفَ قلبها وآسره لديه!
كانت لا تطيق الجلسة التي طالت في حديث بين الأمهات بينما هي تجلس علي صفيحٍ ساخن لا تفتأ عن التفكير فيماجاءا من أجله
ما جعلها حقاً تفغر فاهها بدهشة وتتسع عينيها بصدمة هو قول والدته بكل سعادة وفخر
"إحنا جايين نطلب إيد مريم لإبني حازم" ؤ
وعند تلك اللحظة علا صوت الطرق علي الباب وصوت امرأة تتشدق بلفظٍ نابٍ
فانطلقت تفتح الباب لتجد أم مصطفي أمامها وهي تشتم بصوتٍ عالٍ أثار جلبة في العمارة
"شوفوا الشرية العفيفة ... اللي بتخلي الواد بتاعها يضرب ابني بعد ما اكتشفنا إن عليها سحر إسود وكانت عايزة تعمل أعمال لمصطفي ابني "
ضربت مُنيرة علي صدرها ورمقت مريم المنكمشة علي نفسها بحنق وهي تخبرها بعينيها أنها ساهمت في نشر الشائعات التي تحولت لفضائح لنفسها ...
نطقت مريم بشجاعة للدفاع عن نفسها
"سحر إسود ده إنتِ اللي بتروحي تعمليه للناس برا .. إنما أنا معنديش حاجة وإسألي الشيخ ..أنا اللي عملت الملعوب ده كله عشان أخلص من جوازة ابنك النحس ... ده إنتِ وليه معنديش دم صحيح !! .. مرات ابنك شايلاكِ من علي الأرض شيل وإنتِ عايزة تجوزيه لواحدة تانية يا ولية يا عايبة "
فغرت أم مصطفي فاهها من الدهشة فالأول مرة يتطاول عليها أحد بالحديث بهذا الشكل خصوصاً أنه صحيح ..
لم تجد ما ترد به إلا أنها لم تفقد سلاحها الذي تعرف كيف تستخدمه جيداً فاقتربت منها علي حين غرة وأمسكتها من ملابسها حتي تنها عليها ضرباً ومن خلفها أم أيمن بعد أن همست في أذنها أن تلك الفتاة بحاجة للتربية وأنها تطاولت بشكل فج عليها وفي بيتها ..
"إهدي يا أم مصطفي مش كده .. بالتفاهم يختي "
حاولت مُنيرة الفصل بين مريم وأم مصطفي لكن محاولاتها باءت دون الفشل .. فصدح صوت جهوري أوقفَ كلاً منهما عن العراك
"باااس ... مسمعش نفس .."
ثم اقتربَ من مريم وأوقفها خلفه ونطقَ بصوتٍ عالٍ يشوبه الحِدة والتهديد
"مريم هكتب كتابي عليها الخميس الجاي ... يعني هي بقت خلاص في حمايتي ولو ابنك الصايع ده اتعرضلها مرة تانية هلبسه مصيبه زي وشه "
اجتاحَ الخوف أوصالها فنطقت وهي تحاول أن تلملم كرامتها المهدورة
"والله منا سيباكِ في حالك يا مريم .. وديني لأعرفك !! "
أردفت مريم وهي تحاول أن تبدو شجاعة أمامها حتي لا تلوكها كلقمة سائغة
"ابقي خلي ابنك يتشطر علي الستات اللي بيضربوه .. واضح إنه هفأ لدرجة إن أي حد ماشي بيلطشله ... "
زجرها حازم بنظرة من عينيه بينما أردفت الحية الرقطاء وهي على أعتاب المنزل
" متقلقيش .. قريب أوي هنعرف مين اللي هفأ يا بايرة "
.....
-يتبع-
(مشاهــد من الفصــل القـــادم )
"ابني مياخدش بواقي حد يختي ... لما عرف انها على علاقة بيه سابها "
"إنت عايز مني إيه ؟؟؟ مش كفاية اللي عملته فيّا قبل كده.. جاي تاني ليه حرام عليك سيبني في حالي "
"شيماء أنا بحبك "
"إنتِ خلاص بقيتي مراتي ومحدش هيقدر يقربلك بعد كده
#سارة_عاصم
أنت تقرأ
حكم بالاعدام
Romanceاحذر هذه المنطقة اللعينة ! ما إن تطأ قدمك أرضها ستشعر بالمهابة .. أحداث متوالية تتابع كأنها أمسية صاخبة في جوف ليل هادئ يوم الولادة ويوم الممات صخب يصم الأّذان. احذر أن تسلم أذنيك للشر فتغدو كمن يتراقص علي سيف حاد ! جميع حقوق الملكيه للكاتبه ♧ ساره...