الروح الصامتة ¥ The Silent Soul

الفصل العاشر: نوايا خفية.

...

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخلاق هي الحساسية المرضية للمنحط مع النية الخفية في الإنتقام من الحياة. -فريدريك نيتشه.

قراءة ممتعة♡

...

كانت ألارا تتأمل منظر غروب الشمس من نافذة
سيارتها الفخمة وهي في طريق عودتها إلى الشقة
التي استأجرتها بعد إلحاح شديد على والدها.

تراكبت ألوان السماء بمزيج خلاب يفتن الناظر إليها
وبدأ شبابها يشيب وغزا البياض سلاسلها الذهبية
ونسيم البحر العليل يدغدغ روح ألارا البائسة
المختبئة وراء ستار شخصيتها المعقدة.

سارت السيارة بين شوارع المدينة حتى انحرفت نحو طرق فرعية ودخلت الأحياء البسيطة لها فرغم أن والدها يملك بيوتًا وشققًا في كل مدن المملكة بالإضافة إلى أنه لم يسمح لها بالعيش في مسكن المدرسة.

إلا أنها اشترطت مقابل ذلك أن تعيش في هذا الحي الذي لا تدل حالة مبانيه القديمة التي غمرها غبار الزمن على رخاء العيش بل يقطنه أصحاب الطبقة الوسطى الكادحون أو لنقل الزاهدون في عيش حياتهم.

لذا لم تنسجم تلك السيارة الفاخرة التي تركبها مع بساطة المكان لكن هذا الشيء الوحيد الذي لم تستطع تغييره حتى يتسنى لوالدها معرفة كل مكان تذهب إليه ولهذا السبب نزلت من السيارة في مقدمة
الشارع المقابل للبناية التي تسكنها حتى لا تلفت
الأنظار من أول يوم.

ثم طلبت من السائق مِرجان وقف السيارة بعيدًا فالسائق مِرجان هو حارسها الشخصي في نفس الوقت وسيسكن في الشقة المجاورة لشقتها.

حسنًا لم يكن مقصدها من الإستقرار في ذلك الحي البسيط وترك منزل والدها الفاخر لأجل التحرر من مراقبة والدها لها أو العيش على طريقتها.

فهي لن تتحرر من قبضة والدها وتحكمه في حياتها إلا بعد مماتها وحتى تسلم خيوط روحها لمالك القدر لكن دفعتها أسباب أخرى للإقدام على مثل هذه الفعلة وستنكشف قريبًا.

تقدمت ألارا من بين تلك البنايات وهي تحدق بفضول في جوانب هذا العالم الغريب عليها حتى أصبحت بجانب البناية التي ستقطن فيها طيلة هذه السنة الدراسية.

لكنها لم تلتفت نحوها بل انحرفت بجزئها الأمامي للإتجاه المعاكس موازية للبناية التي تمد جذورها مقابل مسكنها وهي تبصر للأعلى في شرفة إحدى الشقق بعيون حزينة وشوق ملتاع وملامح يائسة تذيب الألماس المتين.

لتنزل دمعة متمردة من عينيها الدامعتين بخفية بعد أن عصت وكبتت في بئر الكتمان لكنها مسحتها بسرعة قبل أن تصبو لدلتا بحر الأحزان وتتابع بعدها الشهقات.

وعندها سيتحول ما حولها لمأتم وتتفكك الحصون السميكة التي شيدتها حول قلبها ومشاعرها وذلك بعد أن نداها مِرجان وهو يتوجه نحوها حتى يصعدا للشقة ويساعدها في ترتيب حاجياتها.

لتلتفت نحوه بابتسامة مزيفة لتصرف نظره وفكره عن التساؤل عما كانت تفعله بالتحديق في البناية المقابلة وحتى لا يشك بالموضوع ويوصل هذه الأخبار لوالدها ليحقق في الأمر.

فهو ينقل أدق تفاصيل يومها له كأنه المَلَك الرقيب الذي يكتب أعمال الإنسان، تقدم مِرجان في خطواته لتتبعه ألارا لكنها التفتت مرة أخيرة للوراء وهمست بشيء ما ثم غاردت مسرعة باتجاه بوابة البناية لتحضير شقتها.

لترتاح بعدها من عناء يومها الأول في هذه المدينة التي ستحتضن بين أراضيها الندية ذكريات بحبر اندمج عبير سعادته بأنين أحزانه لتسطر أحداثًا سيشهد لها التاريخ وتختم بأنها أساطير ملحمة بين مسوخ الخلق.

...

يتبع