مساءً مُمطر ..

320 21 2
                                    

في ليله ما من إحدي ليالي نوڤمبر المُمطره دَاخل تلكَ المدينه الكبيره المليئه بناطحات السحاب التي تعلو حد السماوات السبع قد حل الشتاءُ بمدينتنا الجميله "نيويورك" فتتساقط قطع الثلج الصغيره ببطء مما أضافت للمدينه مظهرًا جميلًا فوق جمالها المثير للبهجه.

دقت الساعه الحاديه عشر مساءً ولقد تأخر الوقت في ذلك المنزل الصغير الملئ بالدفء فكانت صاحبتهُ اللطيفه تُعِد لنفسها مشروُبها المُفضل..كوب قهوه سَاخن وتنظُر وهي واقفه مِن نافذه المطبخ المُقابله لوجهها لقطع الثلج المُتناثره في الأجواء فقد غطَي الثلج جميع المُنشأت مما جعل المدينه بيضَاء كالحليب فتجد الناس والأطفال يلعبون بالثلج فَرحين للغايه.

وأمام حديقه منزلها الصغيره وقعت عيناها علي شابًا طويل القامه ذا شعرًا أسود اللون يقف أمام حديقتها ويُلاعب طِفلًا صغيرًا أشقر الشعر يُلاعبه بقِطع الثلج الصَغيره والبهجه تملأ وجههما معًا وضحكاتهما تتعالي كالموسيقي المُترنمه تحت أجواء المطر.

فأطالت من النظر إليهما لدقائق حتي شردت بهما فقد ذكرها ذلك المَوقِف بجدها والد أبيها "دانيال"حين كانت في السابعه مِن عُمرها كانت تلعب مع جدها في مزرعته الصغيره تحت المطر فكانت السماء تُمطر حينها وهي تجري لتٌمسك الثلج بين يديها ومن دقيقه للثانيه يسيل الثلج ماءً فتبكي وتترغرغ عيناها بالدموع وتحمر وجنتيها وأنفها الصغير فيضحك منها جدها ثم يُعانقها ويُهدأها.

ثم فاقت علي صوت القهوه لقد فارت علي موقد النار بجانبها فمسحت دموعها التي تسللت خارج جفنيها سهوًا عنها وأحضرت المِنشفه الخاصه بالتطهير وطهرت ذلكَ الموقد وقبل أن تصنع كوبًا أخر جديدًا ذهبت لتُغلق تلكَ النافذه كي لا تشرد بذاك الشاب والطِفل معه مُجددًا فوجدته قد رحل فأنزلت سِتار النافذه بهدوء وأقفلتها بإحكام وبعدما إنتهت مِن تحضير قهوتها صعدت للدور الثاني حَيثُ غُرفتها.

فكانت فتاه يُناهز عُمرها التاسعه عشر وتتمتع بجمال فائق وعينان واسعتان أشبه بالمُحيط الواسع تتمتعان بالقدر الكافي من الكاروهات الزرقاء قد إقتبستهما عن والدتها وشعرًا أسود كـظلام الليل وأنفها صغيرًا حادًا كالأطفال وبشرتها بيضاء حليبيه وشفتيها وَرديه مُمتلئه تجعل مَن يراها يُريد أن يُقبلها وبشده.

صعدت إلي الأعلي حيثُ غرفتها الجميله فجلست علي سريرها الخاص شاعره بالإرهاق الشديد اليوم بل الأسبوع بأكملهُ فمنذ أن أتت إلي هُنا للدراسه وهذا الأسبوع شاقًا عليها فإنها لاتزال فتاه جديده هُنا بتلك المدينه الشاسعه،ولا تزالُ دائره علاقتها بالناس ضيقه للغايه فلا يعرفهُا أحد من الجيران ولم تُكون علاقات معهم حتي الآن،والأصعب مِن ذلك كُلهُ فُراقها لأهلها وجَدها القائمين بلندن وإنتقالها هُنا لإستكمال الدراسه.

فظلت تعبث بالحاسوب الأسود الخاص بها تتصفح الإنترنت تارهً وتلعب الألغاز تارهً فهي تَعشق لٌعب الألغاز فتلك هويتها الإضافيه فوق الرسم فمُنذ صِغرها وهي فتاهً موهوبه مثل جدها دانيال تُحب فك الشفرات والألغاز مثلهُ وكذلك التخمين لذلك كانت الغُميضَه لُعبتها المُفضله مع أصدقائها لُعبه مُسليه بالنسبه لها فتُحب التوقع أن تتوقع الأشياء قبل حدوثها وتُؤمِن بهذا وهذا ليس جيدًا علي الأقل.

وأجمل مايكون بتلك الغُرفه جُدرانها السوداء الممزوجه بالرُمادي وما يُزينها من رسُومات ولوحات فنيه فخمه ففي كٌل رُكن وزاويه تقع عيناك عليها تجذبك تلك التُحف الفنيه وكأن حُجرتها متحف فني فخم فهي تهوي شراء كُل لوحه تقع عيناها عليها وتٌعجبُها بشده.

وبعدما إنقضت ساعه من الوقت وقد إرتشفت من كوب قهوتها بالكامل حتي إنتهت مِنهُ تمامًا ووضعته علي المِنضده بجانبها ثم أغلقت الحاسوب وأحضرت الغطاء وأغلقت نافِذه الغُرفه لتنام حتي تستيقظ مُبكرًا كي تحضر أول يوم لها بالجامعه.

فوضعت رأسها علي الوساده القُطنيه المُريحه وأغلقت عينيها تائه في النوم حتي أيقظها إشعار رساله الهاتف مُعلنًا عن وصول رساله ما ففتحت عينيها وتفرك فيهما ببُطء وإنزعاج شديد وقامت بسحب هاتفها بين يديها فوجدتها رساله مِن أحدًا ما لا تعرف مَن هو أو هي فقرأتها :
1:01 am مِن مجهول :

" في عينيكِ غيمُ أزرق وبدايات شِتاء "

" تُصبحين علي خير  "          مِن مجهول 1:02am

" لوحه القيصر " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن