الفصل السابع
*************
جلس وحيدا فوق النجيلة الخضراء بداخل الحرم الجامعي وهو شارد الذهن ولم يكن يعلم بمن تجلس علي مقربه منه تراقبه كعادتها منذ رؤيتها له اول يوم بالعام الدراسي فا الاثنان زميلان بنفس الدفعة ولكنه لم ينتبه لوجودها وعلي النقيض هي تتحري للتقرب منه
لم ينتبه الاثنان لم يقف يراقبهما وينقل اخبارهما بطريقه يوميه لمن يريد ان يرتبطان ببعضهما
ظل جلوسه لمدة ساعتين علي الاقل الي ان جاء موعد المحاضرة التالية حيث وقف بهدوء وهو يلتقط كشكوله وباقي مقتنياته واتجه بخطوات شبة سريعة الي وجهته وهي من خلفه تتبعه كظله كما تعودت ومن خلفهما من يتولي مراقبتهما وما ان دلفا الي قاعة المحاضرات حتي اخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط بعض الارقام وانتظر الرد وفور ان اتاه صوت رئيسه علي الطرف الاخر حتي اردف بكل احترام
_المتصل: ايوه يا باشا كله تمام نفس روتين كل يوم
انتظر لحظات يستمع لما يقال ثم اكمل حديثه قائلا
_المتصل: لاء يا باشا مفيش جديد نفس قاعدته من ساعة خطوبة البت اللي كان بيحبها
انتظر مره اخري لمده لحظات ثم اكمل حديثه قائلا: حاضر يا باشا اللي تؤمر بيه سعادتك
اغلق الهاتف وارجعه بجيب بنطاله مرة اخري واتجه لخارج الحرم الجامعي بخطوات رزينة غير عابئ بنظرات الطالبات المعجبات بهيئته فهو احد رجال عثمان المدربين علي اعلي مستوي ويتمتع بطوله الفارع وعضلاته البارزة القوية وملامحة الرجولية القوية بينما من تولي مراقبته طوال ثلاثه اشهر متواصلة منذ عودة سديم يجلس شاردا داخل قاعة محاضراته وبالطبع لم تغفل عينها عن مراقبته طوال الوقت وحتي انتهاء اليوم وافترقا كعادة كل يوم
********************
صدح صوت هاتفه معلنا عن اتصال فترك ما بيده من اوراق يراجعها واشار للسكرتيره الواقفه امامه كي تخرج وما ان خرجت حتي التقط الهاتف واجاب بسعاده لا يعرفها غير معها وقد لمعت عيناه ببريق عشقها كعادته
=رماح: قلبي ونور عيني وحياتي وكل حاجه ليا هنا
اتاه صوتها وهي تضحك ضحكتها التي تتمكن من جعله يفقد صوابه ويصاب بجنون العشق واردفت برقتها التي جعلت قلبه يقفز فرحا
_سديم: وحشتني يارماح وحبيت اسمع صوتك عطلتك يا حبيبي؟
=اصطنع الغضب وهو يجيبها فهو يعلم انها تعشق بجنون ولكنه يريد مشاكستها واللعب علي اوتار قلبها المتلهف له ولعشقه كي ترتوي من جنون حبه لها
اه طبعا عطلتيني انا مش فاضي للعب العيال ده ما انا لسه سايبك من شويه اقفلي يا سديم سلام
كتم ضحتكه واغلق الهاتف بوجهها حيث قام فورا وهو يأخذ اغراضه كي يذهب الي معشوقة روحه فهو اعلم الناس بحالها في الوقت الحالي
مشي بخطوات سريعه غير منتبه لا ي شئ حوله وصعد داخل سيارته بعد ان امر السائق بالانصراف وادار سيارته بسرعه بأتجاه محل الشوكولا كي يحضر لها هديتها التي يعدها لها منذ يومان
*************************
سطعت شمس يوم جديد وهي تحمل بين طياتها ما يكفي من انكشاف الاسرار واتمام الحقائق فقد سئم رماح من تعديل الاوضاع طوال ثلاثه اشهر متواصلة وهو يري كل اثنان يلعبان دور القط والفأر فكان عثمان وهاجر اول من قرر رماح ان يقطع الشك باليقين وضعهما امام الامر الواقع وقد هداه تفكيره الي حيلة ستجعل ذلك المتعجرف يصل لذروة جنونه بها وينتزعها بكل ما اوتي من قوه كي يأسرها داخل عرين قلبه حيث اتفق رماح مع والد هاجر ان يقوموا بأيهامه ان زفافها قد تم تحديد موعده وان رماح مدعو الي الحفل وبالرغم من قلق والدها من تنفيذ تلك الخطه الا ان ثقة رماح ان عثمان سيتخذ الاجراء الصحيح جعلته يمضي قدما بتلك الخطه الجنونيه ومرت الايام وقد تولي رماح ترتيب كل شئ بمنتهي السريه التااامه الي ان جاء اليوم المحدد وحانت اللحظة الحاسمه حيث دلف عثمان الي مكتب رماح وتملؤ عيناه تساؤلات كثيره
_عثمان: رماح
رفع عيناه عن كومة الورق المرصوة امامه فوق المكتب واجابه بصوت خشن قوي
=رماح: اممم في حاجه يا عثمان
جلس علي المقعد الموضوع امام المكتب من جهته اليمين ثم اردف بتعجب
_عثمان: عرفت من السكرتيرة انك طلبت بدلتك هنا في المكتب وطلبت حرس زياده عشان رايح فرح .. فرح مين ده يارماح ؟ حد نعرفه ؟
اوماء رماح برأسه واجابه وهو ينظر نظرات ثابته داخل عيناه مما بث القلق داخل نفس عثمان
=رماح: اه حد نعرفه ياعثمان ووجودك مهم معايا مهما كانت اسبابك لازم تكون متواجد
عقدت حاجبيه بتعجب مت حديث رماح والاهم من اصراره علي ذهابه معه وكانه سيرفض حيث اردف
_عثمان: ومن امتي بتصمم اني اروح معاك مناسبه يارماح ما انت عارف انت ما بتتنقلش مكان غير وانا زي ضلك انت ناسي اني رئيس حرسك باين صح وصاحبك
رجع بظهره كي يستند علي ظهر مقعده وتحدث بهدوء فهو مستعد كل الاستعداد لتلك العاصفه التي ستقام بعد لحظات
=رماح: طب مش يمكن اما تعرف ده فرح مين ترفض تروح معايا
اجابه بهدوء مخالف لثورة قلقه المقامه بداخل اعماقه ولكن فضل مجاراته كي يعلم ما يحدث
_عثمان: ليه يعني هو فرح مين ده اللي هسيبك تروح من غيري فيه وطلبت حرس زياده ليه هو في ايه يا رماح ما تفهمني ؟
صمت لحظات قليله ثم اردف بهدوء قد اتقنه بشده فهو اعلم الناس بصديقه وشقيقه بالدم ويعلم جيدا ثورة جنونه ويجب عليه التعامل معها بحكمه حتي يتم تنفيذ خطته علي اكمل وجه
=رماح: دكتوره هاجر
سأله بتوجس فهو يخشي ان تكون الاجابه كما يتوقعها
_عثمان: مالها هاجر يا رماح ؟
اجابه بهدوء ما يسبق العاصفه وللمرة الاولي يتمكن القلق منه للحظات ولكنه تمالك شتات نفسه واستعاد توازنه مره اخري سريعا
=رماح: فرحها النهارده يا عثمان واتصلت وعزمتني ومينفعش مروحش خصوصا اني هبقي شاهد علي عقد جوازها
هب واقفا كالاعصار وقد اظلمت عيناه وزاد سوادها وقد تخللتها الخطوط الحمراء وهتف بصوت كالرعد من قوته وغضبه
_عثمان: هي مين ديه اللي فرحها النهارده انت بتخرف بتقول ايه ده انا اقتلها قبل ما تكون لراجل غيري
رفع عيناه ولازالت تلك النظره البارده تملؤها حيث راد اشعال نيرانه اكثر فقال
=رماح: اهدي واقعد مفيش داعي لعصبيتك ديه البنت جالها عريس كويس وجاهز من كله حتي فيلته جاهزه اتخطبت من اسبوعين واتصلت من يومين تعزمني علي فرحها عادي مليكش نصيب معاها
زمجر بغضب اكتر وهو يصيح بنبرة مجروحه متألمه موجوعه فمن المعروف ان طبيعه البشر تكون بأضعف حالاتها عند احساسها بالجرح والغدر تكن هشه متألمه ضعيفه لاتقوي علي حماية نفسها المدبوحة
_عثمان: هي مين ديه اللي مليش نصيب فيها يا رماح ده انا بسببها قدمت طلب ارجع الداخليه تاني واتوافق عليه وكنت جاي افرحك وارتب معاك مواعيد شغلي تقولي ببساطه فرحها ومليكش نصيب ده انا اروح فيها في داهيه
وقف بكامل هيبته وقد علم كل العلم ان صديقه عاشق حد النخاع ولكن لابد من اتمام خطته للاخر فهو يعلم مدي عصبيه عثمان وتهوره لذلك يجب عليه ان يذق احساس فقدانها كي لايفقدها فيما بعد لذلك تعمد الضغط علي اعصابه لابعد الحدود وتقدم منه بخطوات ثابته هادئه حيث تحدث بصوت اجش قوي
=رماح: اهدي يا عثمان ووحد الله لو ليك نصيب فيها هتاخدها مليكش خلاص يبقا انسي مش معقول وحش الداخليه الحب مدهوله كده ده حتي عيب في حق عيله الاسيوطي اسود الصعيد يلا يا بطل روح مكتبك استعد انا جهزتلك بدلتك بنفسي هو انا مجنون اسيبك تمشي بحجه انك هتجهز ترتكب جنايه
حاول عثمان الاعتراض ولكن لم يمهله رماح فرصه لذلك بل حرص علي احضار بدلة عثمان الي مكتبه حتي يتولي مهمة تجهيزه بنفسه فهو اخيه الاكبر ومن تولي تعليمه فنون القتال فالفارق بينهما عشر سنوات ويكن له رماح كل الاحترام والتقدير
مر الوقت سريعا وارتدي عثمان بدله سوداء وحذاء اسود اللون وصفف شعره الغزير الاسود وقد تخلله بعض الشعيرات البيضاء فأعطته وسامه غير طبيعيه فهو علي مشارف العقد الرابع من عمره ونثر عطره الغزير فكان جذاب للغايه حيث انهي رماح ارتداء ملابسه بالحمام الاخر للمكتب فمكتب رماح يحتوي علي حمامين واحد خاص وواحد للضيوف حيث ارتدي هو الاخر بدله سوداء مشابهه لبدله عثمان وخرج الاثنان لوجهتهما ويصحبهما موكب من السيارات وكأن ذلك العرس هو عرس عثمان مما اثار غضبه وحنقه ولكنه تحكم به وهو ينفخ بأستياء مما جعل رماح يبتسم بهدوء علي منظر صديقه المقرب
وصلت السيارات ودلف الاثنان وسط نظرات اعجاب من الجميع ولكن لحظات فجميع معارفهما متواجدون بالقاعة هل دعتهم تلك المجنونه لعرسها فتقابل مع فارس تصحبه زوجته ووالدة رماح وشقيقته والاعجب سديم ووالدها واشقائها واكبر رجال الاعمال بالشرق الاوسط فارتسمت ابتسامه ساخره علي شفتيه محدثا نفسه بهمس : ياااه ده شكله بيحبها اوووي اللي يخليه يعملها الفرح ده يبقا اكيد دايب فيها بس انا مش هخليه يتهني بيها انا هطينها علي دماغه
تابع رماح وامر الحرس بان يقوموا بمراقبته والا يغفلوا عنه مطلقا فذلك المجنون لايمكن الكهن بردود افعاله حتي يعود مره اخري ومعه العروس
وقف بعيدا ينفث نيران الغيره غافل عمن يراقبونه كما طلب منهم
دقائق واعلنت الطبول عن حضور العروس فكانت ترتدي فستان من الجوبير الابيض تحته طبقه من الستان بأكمام واسعه ضيق من الصدر والخصر ومنفوش بشده من الاسفل ويزين راسها حجابها الذي يعلوه تاجها وتسترسل طرحتها فوق وجهها الملائكي تغطيه عن الاعين وقد تعلقت نظراته بها وهي تقف اعلي السلم تتأبط ذراع والدها وقد سلبت روحه وعقله وقلبه بأنن واحد ولكن حدث ما قطع شروده عندما ظهر رماح من خلف العروس ووالدها وتصافحا واستلم رماح يد هاجر وتأبطت ذراعه وهبطا السلم وسط اصوات التهليل والتصفيق والزغاريد التي ملئت المكان
وقف مذهول مشدوه بما يحدث حوله فما تراه عيناه لايستوعبه عقله ايعقل ان يكون رماح العريس ولكن كيف وزوجته متواجده بل والاعجب وجوده والديها وشقيقيها وسعداء حيث فاق من ذهوله عندما وقف رماح امامه وتعلو ابتسامته شفتيه وهي تقف بجانبه تخفي طرحتها ملامحها ولكن هالة سعادتها لا يستطيع اي شئ حجبها
مد رماح يده كي يصافح عثمان ثم تحدث بسعادة قائلا
=رماح: مبروك يا عثمان ..
ساله عثمان بتعجب فكان لايزال تحت تأثير الصدمه
_عثمان: مبروك علي ايه يا رماح
جاوبه رماح بابتسامه واثقه ونبره هادئه لا تحتمل نقاش
=رماح: فرحك علي الدكتوره هاجر الفرح ده بتاعك انت وانت عريسها مش حد تاني مبروك يا حبيبي