صرخة يتيمة ح4
عبير أخدت اليتيمة صابرين، وخرجت بيها تفسحها، وتلعبها في الملاهي، وتشتري لها هدوم جديدة.
كأن الدنيا بدأت تضحك لصابرين، وقضت أجمل يوم في حياتها من بعد وفاة أبوها.
ورجعوا من برة، وبدأت تقيس لها الهدوم الجديدة..
عبير لاحظت إن جسمها مليان حروق بالنار..
اتخضت من المنظر ..
_ ايه الحروق دي كلها يا صابرين؟
(صابرين بدأت تشاور لها على الحروق، وتحكي لها قصة كل حرق فيهم)
_ الحتة دي حرقتني فيها إلهام مرات خالي لما بكيت وقلت عايزة أروح المدرسة زي عيال خالي.
_ الله يخرب بيتك يا إلهام ... والحرق التاني ده مين حرقه لك؟
_ الحرق ده حرقته لي إلهام مرات خالي، يوم ما كنت جعانة في العصر، وفتحت التلاجة، ووقع منها طبق السلطة.
(عبير بدأت تتضايق)
_ وزفت الطين خالك عبده كان فين كل ده؟
_ مش بيكون في البيت
_ وانتي ليه مش بتقولي له ان إلهام حرقتك بالنار؟
_ لأنها هتدبحني لو قلت له.
_ هتدبحك ازاي يعني؟
_ مش عارفة .. بس هي بتقول لي لو خالك عرف اني حرقتك بالنار هدبحك .. وهتصحي الصبح تلاقي راسك مقطوعة.
(عبير قامت من مكانها مندفعة ناحية الباب)
_ أنا هقوم أشد إلهام من شعرها، وأمرمط لك بيها الأرض.
(صابرين شافتها رايحة ناحية الباب مندفعة بجد، وبدأت تخاف، وترفس على الأرض برجلها وتبكي)
_ لا لا لا لا .. متروحيش يا طنط عبير .. متروحيش
_ انتي مش عايزاني أضربها لك ولا ايه؟
_ هتدبحني .. هتدبحني .. متروحيش
(صابرين انفجرت في البكاء .. وعبير رجعت لها)
_ خلاص متخافيش .. متخافيش .. مش هروح لها
(لأول مرة صابرين تنام الليل في حضن حد كبير بيخاف عليها، وتكون مطمنة معاه)
نامت ليلتها وصحيت تاني يوم، ورفضت تقعد في الشقة وحدها، وصممت تنزل معاها الشغل.
********* #سيد_داود_المطعني *********الأيام عدت على صابرين وهي بتنزل الشغل كل يوم مع عبير، وبترجع معاها..
وكانت إلهام مرات خالها مرتاحة في البيت منها، ومهتمة بولادها وبس..
لحد ما جات لحظة وكان عبده داخل البيت متضايق، وشايط من الغضب، وكأنه متخانق مع كل أهل الحارة.
وبدأ يزعق في البيت، وينادي على إلهام..
_ انتي يا إلهام .. يا إلهام.
_ ايه .. ايه .. ايه .. مالك بتجعر كده ع الصبح.
_ انتي خليتي رقبتي أد السمسمة .. وكسفتيني مع الناس
_ ليه ان شاء الله .. سمعت عني حاجة مش كويسة ولا ايه؟
_ أهل الحارة والجيران، بيعاتبوني إني سايب بنت أختي مع عبير، الناس واكلة وشي.
_ اللي محروق أوي على بنت أختك، يروح يجيبها من عند عبير، ويربيها مع عياله، احنا مش في ملجأ أيتام هنا.
_ الناس بتقول لي ازاي تسيب بنت أختك مع الست بتاعت الشاي، و دي ست عايشة وحدها، وست مطلقة.
_ ما اهي عايشة زي الفل، ثم إنها طليقة مين؟ مش طليقة أبو البنت اللي معاها، يعني مرحناش بعيد.
_ انتي دمرتيني يا إلهام .. دمرتي سمعتي .. كسرتيني وسط الناس .. حرمتيني من حاجات كتير
_ نعم نعم نعم .. هو انت مش عارف ترد ع الناس برة .. هتيجي ترمي عليا كل بلاويك جوة.
(عبده قعد ع الكنبة منكسر وبدأ يرطن بكلام هي عارفاه كويس)
_ من يوم ما اتجوزتك من 12 سنة يا إلهام، وانا بخسر كل يوم حاجة..
_ يا دي الصباح النكد ع الصبح .. وخسرت ايه بسبب ان شاء الله يا شملول .. ده أنا واخداك كحيان .. مفيش حيلتك غير المرتب.
_ لما اتجوزنا جديد .. عملتي خناقة مع أخويا الوحيد، اللي كان رافع راسي في الحارة كلها، وبعتبره زي ابني، لأنه تربيتي .. اتخانقتي معاه وخلتيه يطفش .. وليه 11 سنة طفشان بسببك .. لا أعرف له مكان، ولا أعرفه فين، ولا أعرفه عايش ولا ميت..
وبسببك يا إلهام، معرفتش أساعد أختي، وأسدد لها إيصالات الأمانة اللي دخلت السجن بسببها، مع إني لو تدخلت بسرعة واتفقت معاهم أدفع لها الأقساط، مكانش الموضوع هيكبر وتروح السجن..
_ انت اتجننت في عقلك .. انت عايز تدفع لها أقساط غسالة وتلاجة وبوتوجاز وتليفزيون .. كنا هنطفح منين انا وانت وعيالك.
_ ما اهو جوزها كان يدفع لها الأقساط لما كان عايش، وكان بياكل ويشرب وعايشين حلو خالص
_ بس بس بس بلاش هبل.
_ ودلوقتي مخسراني بنت أختي .. ومخسراني نفسي وسط الناس، لا عارف أخويا عمرو راح فين .. ولا بزور أختي اللي مش عارف أرفع عيني في عينها .. ولا قادر أجيب بنت أختي تعيش في بيتي وسط عيالي.
(إلهام بتشم ريحة فوران اللبن على النار والبوتوجاز انطفى وحده، واللبن بوظ لها البوتوجاز)
_ الله يخرب بيتك وبيت نكدك ع الصبح .. اللبن طفح ع البوتوجاز وخرب لي المطبخ.
(عبده سمعها .. وضم شفايفه .. وبدأ يرطن بصوت واطي)
_ داهية تاخدك وتاخد لسانك اللي عايز قطعه ده.
عبده حط إيديه الاتنين على وشه .. كان حاسس بالأسى، مش متخيل هو ازاي مستحمل 12 سنة، لدرجة إنه خسر أخوه بسببها، ومش عارف له طريق من يومه، وكمان أخته وبنت أخته بسببها.
_ أنا حظي في الجواز كان زفت .. لو اتجوزت واحدة كويسة كنت كسبت كل الناس .. لكن حظي كان في ست خسرتني أهلي .. إلهي ربنا يخسرك حياتك يا إلهام، وأربي أنا العيال بعدك.
****** #سيد_داود_المطعني **********