كلما إقترب موعد اللقاء زاد حنين الشوق أكثر فأكثر، ها هي النهاية المحتومة لحب دام ثلاث سنوات على الدوام، كان يعلم أن الله سوف يستجيب لدعائه في يوم من الأيام ويعطيه أغلى ما يتمنى، فهي بالنسبة له ليست شخصًا في هذا العالم بل العالم بآسره .. يعشقها حد الجنون، يكاد أن يمسك النجوم بكلتا يديه ويقدمها قربانا لها تعبيرًا عن حبه لها و صبرها حتى يكونوا سويًا يوم من الأيام .
فهي كانت تعلم بحبه من قبل أن يصرح لها به، كانت تنظر له خلف الشرفة وهو يراقبها دون أن يعلم إنه قد تم ضبطه .. تنظر له في حياء وخجل، تعلم إنه يحبها ويتمنى أن تكون له يوم من الأيام وهي تتمنى نفس الشيء ولكن .. تركت كل شئ لمشيئة الله يفعل ما يراه خيرًا لهم .
كانت تعلم إنه ينتظرها صباحًا على الدوام يتتبعها حتى تصل إلى جامعتها ثم يذهب هو الآخر إلى جامعته .. أمر بديهي من شخصان يعيشان في حي واحد الشرفة مقابل الشرفة ﻻ يفصل بينهما سوى بضعة أمتار تكاد أن تكون محدودة .
لهما ذكريات جميلة في هذا الحي كان يشغل حبهما، لقد كان حبًا من طرف واحد لكل منهم دون علم الطرف الآخر بذلك أو يكاد أن يكون إحداهم ..
صوت الطيور صباحًا تستيقظ على أنغامها كل صباح .. تستنشق قدر من الهواء العليل الممتزج برائحة الزهور المزروعة خارج شرفتها بألوانها الزاهية الخلابة .. تلمس بعضًا من أشعة الشمس تداعب وجنتيها بواسطة المرآة التي يصلطها عليها يوميا ثم يهرب إلى الداخل مختبأ حتى ﻻ تراه ... ولكن ﻻ يعلم إنها تعلم كل ما يفعله ﻷجلها .. تتنهد في عمق وراحة عميقة على شفتيها بسمة ﻻ تفارقها منذ لحظة فتح عينيها حتى وصولها إلى جامعتها .. شاء القدر أن يجمعهم سويًا بعد حب لسنوات دون لقاء أو حديث أيا كان نوعه .في يوم تأخرت قليلًا عن موعدها المعتاد للذهاب باكرًا إلى جامعتها و هو كالعادة ينتظرها أمام عقاره، ينظر في ساعة يديه بقلق ﻻ يعلم ما العلة في تأخيرها كل هذا الوقت .. وقف لمدة ربع ساعة بإنتظارها دون جدوى، ظل نظره معلقًا على شرفتها وجده منير إذا هي مستيقظة لماذا لم تذهب على كل حال .. أهي مريضة ؟! ... أحدث لها أي مكروه ؟! .... ظل يتسائل في قرار نفسه و ﻻ يوجد مجيب على كل تلك التساؤلات .
حسم أمره وقرر أن يدخل عقارها ليرى ما سر كل هذا التأخير .. ﻻ يعلم من أين آتى بكل هذه الجرئة ولكن ﻻ سوف يدخل ويكون ما يكون .ظلت كل هذة الفترة في مدخل العقار تراقبه في صمت، واضعة يديها على فمها محاولة منها لكتمان ضحكاتها .. شعرت بفرحة كبيرة تقرع علي قلبها الذي يكاد أن يقفز من موضعه .. أيحبها لهذه الدرجة ؟! إلى أن ينتظرها كل هذه المدة .. ﻻ تعلم ماذا تقول وماذا تفعل ..
حسمت أمرها هي الأخرى وقررت أن تصدمه بوجودها، تنحنحت وتنهدت بعمق وإقتربت نحوه قائلة :
- أنت !! بتعمل إيه هنا ؟
تفاجئ بوجودها تخشبت قدماه ﻻ يعلم ماذا يقول أو ماذا يفعل .. يبحث عن مخرج لهذا الموقف العجيب وقال :
- ها ﻻ أبدًا أنا أنا مستني واحد صاحبي ساكن في العمارة دي
قالها بارتباك وهي كانت متفهمة موقفه تمامًا، إبتسمت وقالت :
- اممم .. طيب على كل حال شكرًا على المراية
اندهش كثيرًا مما تقول رد عليها قائلًا :
- مراية إيه ؟!
ردت باسمة وبكل هدوء وخبث:
- المراية إللي بتصحيني بيها كل يوم الصبح .. مش أنت بردو إللي ساكن في الدور ده ؟
وأشارت بيديها على الطابق الذي يسكن فيه في العقار المقابل؛ تخشب أكثر فأكثر لقد لجمت لسانه ﻻ يعلم ماذا يقول حقًا وماذا يفعل .. فهي معنى ذلك إنها تعلم كل شيء طالما علمت بشأن المرآة ... قطع شروده صوتها قائلة :
- أنت مين ؟!
بدون أي مقدمات نظر إلى عينيها وقال بحسم وثبات :
- تتجوزيني يا آنسة ليلى ؟؟
أنت تقرأ
قهوة مظبوطة
Randomرغم كحولها نعيشها .. رغم مرارتها احيانًا نشعر بلذتها لتزول تلك الغُصة رويدًا رويدًا مع انغماسنا بها .. رائحة ذكرياتها وعبق حكاياتها .. تلك الحياة بحلوها ومرها اصبحت كإدمان لمحبيها، كأنها لبعض البشر امرأة عجوز مر بها الزمان ومازالت تحافظ على رونقها و...