❤الفصل الأول❤

47.5K 2.1K 190
                                    

حبهــان

الفصل الأول:

رفع "فهد" كفه الاسمر الخشن يمسح وجهه بضيق، بات يشعر أن حتى أشعة الشمس تتكاتف عليه لتلاحقه أينما ذهب ما إن يضع قدماه في الحي وكأنها تعاقبه لانتهاء وقت عمله ولجؤه للراحة قد حان، ازاح جسده لليمين قليلًا بشكل مفاجئ كي يتفادى الصغار الراكضين بكل مكان في المنطقة وافكاره تتشنج بحقد وهو يفكر لما يرسمون تلك الابتسامات المزعجة بينما هو لا يستطيع جرجرة ساقيه للوصول الى المنزل بعد يوم عمل شاق، زفر وسؤال قاسٍ عليه يصدح داخله ...
لما كان عليه القبول بوظيفة في الصحافة ولما يتفانى دون مقابل؟!!
كاد يتجاهل الإجابة عن سبب هروبه من الحياة في مهنته ولكن تلك الصغيرة اللطيفة والمستكينة الجالسة بهدوء وبراءة أمام مبناه جعلت كل الاسباب تقفز لذهنه، ابتسم بخفة ودون وعي منه حادت أنظاره نحو سارقة النوم والغرام، منذ أن تزوجت بشكل مفاجئ منذ سنوات أعتقد أنه سيستطيع كتم ذلك العشق وقتله في مهده، ولكن بعد أن عادت مُطلقة.. أحيت كل ذرة مُتيمة بعشقها داخله لتتركه يتعذب بنفورها الواضح للتعامل مع أي رجل إلا في حدود العمل خاصة هو..!

حرك رأسه لليسار واليمين ليتمكن من اختراق المارة بأبصاره والوصول إلى تلك الفراشة الرقيقة ذات الوشاح الأسود "زينة" ... تنفس براحة ما إن استدارت ورأى بياض وجهها الشاحب أكثر من اللازم اليوم، تحركت تفاحة ادم لديه وهو يبتلع ريقه وكأنه يبتلع جمرة حارقة فتعلقت عيناه بشفاها الوردية الصغيرة المتحركة وهي تحادث أحد عملاء مطعمها الصغير الذي لا يكتسب المعنى الحرفي للمطعم فجميع أكلاتها المصنوعة بروح المنزل يتم اصالها للمنازل فالمكان الذي أفتتحه في تلك المنطقة الشعبية لتكتسب رزقها صغير بالكاد يكفي تنقلها لتجهيز الطلبات.
ضاقت عيناه وهو يتابع الشاب يبتسم بنظرات خبيثة وازدرد ريقه مبعدًا أنظاره منهي تفحصها بجملة " اللهم أغزيك يا شيطان " كي لا يتجه هناك ويكسر كل عظمة من عظامة ويوحل نفسه أكثر وأكثر معها.
اتجه للفتاة الصغيرة الحاملة لنفس ملامح والدتها التي ارتفع صوتها وهي تطرد الشاب مما جعل ابتسامة رضا تبتلع وجهه وهو يظلل بجسده الرجولي فوق الملاك الصغير التي نجحت في سرقت ما تبقى من مشاعر في قلبه كما فعلت والدتها زينة من قبل وسأل بحنو ما إن لمح بقايا دموع تتعلق بوجهها:
-الجميل كان بيعيط ليه ؟
ارتفعت أنظار "رنا" ذات الأربعة سنوات من شاشة الجهاز الالكتروني الخاص بها الى وجهه ليسرقها من عالم الرسوم المتحركة، نظرت حولها للحظات ثم وبكل ثقة أشارت لفتى سمين يعلب بكرات زجاجية صغيرة في الأرض الموحلة مع بعض الأطفال، تنهد حين مرت ثوان كان من المتوقع فيها ان تشرح له ما حدث ولكن كالعادة اكتفت الصغيرة بالصمت، أرجع خصلاتها للوراء وهو يجاريها:
-الواد المقلبظ ده هو اللي ضربك ؟
هزت رأسها بالموافقة وانعصر قلبه حين عضت شفتيها الصغيرة توقف ارتعاشه بكاء ترغب في الانفلات منها ولاحظ هالة من الاحمرار تحيط عينيها التي صارت تلمع بالدموع فأسرع يربت رأسها بحنان وهدهدها :
-ايه ده بقا احنا هنعيط ولا ايه، الكلاك ده مش نافع يبقى الشوكولاتة اللي بديهالك كل يوم مش بتديكي طاقة مع إن عماد مأكدلي انها بتدي طاقة،
كده يبقى عماد نصب عليا والشوكولاتة بايظه وخلاص مش هشتريها تاني !!
-مش بايظة !!
هربت منه ابتسامة نصر ما إن سمع صوتها الرفيع ببحته الرقيقة لندرة استخدامه وتساءل :
-معقولة مش بايظه اومال الواد ده ضربك وانتي مضربتوش لما ضربك ليه؟
حركت كتفيها بحركة طفولية فرفع حاجبه بتفكير ثم ابتسم بمشاغبة قائلًا:
-أقولك على حاجه تعمليها لما حد يضربك ؟
هزت رنا رأسها واتسعت عيناها بفضول وترقب فهمس لها وهو يرفع صخرة صغيرة بجوارهم :
-تاخدي الطوبة وهوشي بيها وهو هيخاف ويجري..
حركت عينيها بتفكير ثم سمع تساؤلها الخافت :
-ولو ضربني برضه؟
ليجيبها بانفعال أبوي مكتسب على يدها وهو يلقي بالصخرة إلى الناحية البعيدة:
-ساعتها بالطوبة وفي وشه !
-ااااي!!!
تأوهت زينة الواقفة تحادث رفيقتها بالدكان المجاور وبحثت بغضب عن الذي قذفها بصخرة، اتسعت عيون فهد السوداء كالليل واستقام باضطراب عندما اصطدمت الصخرة بمُعذبته من الخلف فأشاح بصره بخجل نحو أطفال راكضة بعيدًا وهتف :
-انت يا حيوان ياللي اهلك معرفوش يربوك ، ماشين يحدفوا طوب على الناس، لا إله إلا الله، ربوا عيالكم بقى !!
حمحم في حرج وابعد وجهه الأحمر عن نظرات زينة المستنكرة وبسرعة أخرج لوح من الشكولاتة يمنحه للصغيرة المبتسمة برضا بالغ قبل أن يوعدها بأخر قريب إذا دافعت عن ذاتها ثم ركض هاربًا نحو مبناه.

حبهان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن