"شرارة الغضب"
...تقف عاجزًا عند خرابة كونك الذي تحطم لأشلاء،
تركك الجميع ونبذوك في غربة الوحدة تعاني أرق
الفراق وتحس بغرابة تلف لبك كفراغ مصمت في آن
واحد.وتيرة تنفسك سريعة كشعاع زميع، والعرق ينساب على نفحات روحك لتصرخ صرخة أخيرة، ينبعث معها آخر ذرة دخان للحريق، الذي نجم عن فتيل غضبك ليغزوك بعدها شعور بالضعف والندم.
حسرة على ما تفوهت به من ترهات أصابت قلوب
الكثيرين من أحبابك بسهام سامة، دست حنظلها ببطء في نفوسهم المكلومة، لتخلف ورائها كسورًا ولو جبرت على مر السنين لن تزول آثار شروخها.التي ستبقى عالقة بثقلها الوزين على ضميرك بعدما
أخمدت ثوران روحك المضطربة بقذف حمم غضبك،
وانفعالك الهائج على من هم ربما ليسوا مخطئين
حتى لتصب عليهم صهارة جنونك المرعب.لتبدو كوحش كاسر بشع الملامح بعيونك الحمراء، التي تكاد تخرج من محجرها، وبعروقك المتفجرة بالدماء القانية، وقبضتك الباطشة التي فتكت بكل تعيس حظ صادفته.
وزلزلت الدنيا بصراخك الجارف بجبروت ليهتز كيان الكون من حولك، كأن إبليس اللعين قد تلبس بك وتسلط عليك لكن بعد ثوان معدودة.
بعد أن هدأت تلك العواصف ورست سفن أفكارك في
مضجعها، وعادت الطيور مزغردة لأعشاشها؛ وسكنت
مياه البحر بعد إعصار تاهت في دوامته إنذارات
ضميرك الناهي، ونداء منطقك الناصح ليحل بعدها
صمت موحش.لتسترجع فيه كل نزوات غفلتك، وتكتشف فداحة فعلتك لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن هدمت ما تكبدت عناء تشييده من زمان، وتلفت ثمار أمضيت الساعات لزرعها، وانتظرت قطافها بلهفة.
ليتأسن ماء وجهك بعدها، وتفقد كرامة جملك مدحك
الشامخة، وأنت تثني بفخر على أخلاقك في المجالس، فأين ذهب ذلك الصبر، والتمهل في إطلاق الحكم المسبق عندما آن أوانه؟والآن وبعد صخب انفجارك المدوي، وبعد أن تنبهت لحقيقة هذه البلوى واستفقت على الواقع الأجاج، هوى جسدك المثقل بالهموم جاثيًا على ركبتيك من هول ما آلت إليه نصاب الأمور.
ورقت عيناك بالعبرات نواحًا بشهيق يقطع نياط
القلوب، تتمنى لو تعود بالدقائق إلى الوراء لتغير
ردة فعلك المخزية، التي باتت الآن حقيقة ملموسة
ستختم كوصمة عار في تاريخ علاقاتك.التي قد تستمر أو ربما اضمحلت بالفعل، وحل بها الخلاص فلن تنجو بعدها من أسر الوحدة إلا بكلمة سحرية نابعة من ينبوع الإخلاص ألا وهي الإعتذار بصدق لضحاياه عما فات من أهوال وتعويضهم على نقمة امتعاضه.
على الذين أذيبت خيوط، وشيجة صلاتهم به، وألم بها صقيع الشتاء فبكلمة تأسف واحدة بنغمة ملئها الألم والقهر تغلفها المحبة والإشتياق، وابتسامة تشق
وجهك لتنير دربك من جديد.ويعود رفقاء الطريق بعد أن تصافت القلوب بعذوبة سلسبيل العفو، ومقابلة الخطيئة بالسماح، والأحضان ليعسعس الشتاء بلا رجعة وتزهر حياتك بقدوم ربيع الأنس من جديد.
وبالمرور بمثل هذه النكبة لن تعاود الإستسلام
لهمزات القرين، وتراجع نفسك وتحاسبها على كل زلة
لتبتر من أخلاقك أي ذميم، وتجددها بالأصيل.وتصون لسانك في حضرة من قاسمتهم وحشة وجذلان المصير لتعيش بعدها في طمأنينة بعد أن أرضيت الخلق، وربهم البصير، وسلمت من تأنيب الضمير.
...
أنت تقرأ
نفحاتي M.A
Non-Fictionكتاب يحوي على خواطر وشعر لمواضيع متعددة، تشمل الجانب الديني والدنيوي من تأليفي الخاص. هذه النسخة المعدلة من كتاب نفحات حتى تناسب معايير مسابقة إثراء يعني أنها تتضمن فقط الفصول التي كلماتها تقارب ٥٠٠ كلمة، وأرجو أن تغدقوا على هذا الكتاب بالدعم كما مث...