p e r f e c t o - 1

4.6K 228 68
                                    




جسده الضئيل يتنقل بين  أحياء مدريد الفقيرة و ازقتها الضيقة , يترنح يمينا ثم يسارا و التعب واضح على محياه.  هو فقط يسير كجسد بدون روح.  يتساءل عن الذنب اللذي إقترفه ليعاقبه الرب بهذه الطريقة القاسية. المكان موحش و مظلم و سكان تلك الأحياء لا يرحمون لذا هو قرر الذهاب لمكان اكثر أمانا. 

أخذ يتبع صوت ضجيج السيارات.  يدرك أنه سيصل لمركز المدينة بذلك. هناك قد يجد من يعطف عليه و يقدم له بعض الطعام.  فهم لم يأكل منذ ان طرد من منزل والده صباح اليوم .

.وطآت فدمه أرض المدينة الصاخبة.  كانه في مدريد أخرى تختلف تماما عن المكان اللذي كان يسير فيه قبل قليل.  الشوارع صاخبة و الناس سعداء.  لا يوجد بينهم شخص يكسو ملامحه و لو القليل من الحزن.  و هذا جعله يتساءل.  أيعقل انه الوحيد اللذي يعاني في هذه المدينة السعيدة. 

إستمر بالمشي يبحت بعينيه عن من يلتجئ إليه طالبا ما يسد رمقه . لمح دكان صغيرا كتبت على واجهته بحروف كبيرة كلمة  paella - باييلا  و هو لن ينكر ان لعابه قد سال ما ان قرأ اسم تلك الوجبة المحببة لديه و اللتي كانت امه تطهوها له سابقا. 

لاكنها الان غير موجود لترى ما حل بابنها الصغير بسبب أقرب شخص اليه بعدها...

إقترب بخطوات متثاقلة من ذلك المحل الصغير راجيا ان يعطف عليه صاحبه و يقدم اليه بعض الطعام.  هو سيقبل بالارز فقط لا مشكلة.  فقط يود الاكل

دخل المحل و قد كان فارغا.  بذا له انهم يجهزون للاغلاق.  لا عجب في ذلك فالساعة تجاوزت منتصف الليل.  و مدينة مدريد ستبدا بفقدان نشاطها قريبا

اقترب من منصة الخدمة ينظر بشغف لقائمة الاطباق

- بايلا بالحضار
-بايلا بجراد البحر
-بايلا بالسمك المشكل...
هو تمنى تجربتها جميعا لكنه تنهد بياس فهو لا يملك ثمن حبة ارز فكيف له بشراء كل هذا

قاطع تأمله صوت رجل متوسط العمر يرتدي مئزرا.  و قد خمن فورا انه احد الطباخين او ربما قد يكون صاحب المحل .

هي... انت لقد اغلقنا
نظر للفتى الواقف امامه مهسهسا بحدة بلهجة إسبانية حادة

ا...آسف سَـ...سيد ..سيدي... أ..انا فقط آرغب..ارغب في بعض الطعـ...عام
نطق الصبي كلماته بصعوبة نتيجة لمرضه اللذي لطالما كرهه فهو يعاني من التأتأة و هذا يجعله محرجا إضافة الى رهابه الإجتماعي و اللذي ازدادت حدته فور مغادرة والدته

تمنى لو يعطيه الرجل و لو قطعة خبز.  هو فقط لن يمانع.  حتى لو كانت قديمة فهو يتدور جوعا . لكن كل أحلامه تبخرت عندما طرده ذلك الرجل بعد ان نعته بالمتسول و المشرد

لكنه ليس كذلك.  هو البارحة فقط كان يمتلك منزلا و أسرة جميلة و دافئة.  كان يحصل على الطعام متى اراد و بالكمية اللتي يريد لكن كل هذا ذهب أدراج الرياح.  و كم كان هذا قاسيا على صغير مثله ليتحمله و حده

p e r f e c t o حيث تعيش القصص. اكتشف الآن