ثقافة اليشم

507 27 14
                                    

   يقول المثل الصيني "الذهب له ثمن، أما اليشم فلا يقدر بثمن".


     للصين ثقافة يشم مميزة، إذ يرجع تاريخ اليشم بها إلى أكثر من سبعة آلاف سنة. ويقال إن حرفيا اسمه بيان خه، من دويلة تشو في فترة الربيع والخريف (770 – 476 ق.م)، رأى طائر عنقاء يحط على قطعة حجر في جبل، ولأن العنقاء طائر رائع، تيقن بيان خه أنه لن يقف إلا على حجر كريم. أخذ بيان خه الحجر وقدمه للملك، ولكن حرفيا في البلاط قال إنه ليس أكثر من حجر عادي. غضب الملك وأمر بقطع قدم بيان خه اليسرى عقابا له على خدعته. مات الملك واعتلى ابنه العرش، وعاد بيان خه وقدم الحجر للملك الجديد الذي طلب بدوره من حرفي في البلاط أن يفحصه. قال الحرفي الملكي إنه حجر عادي، فأمر الملك بقطع الرجل اليمنى للسيد بيان خه. مات الملك الجديد واعتلى ابنه ون العرش، وظل بيان خه واقفا باكيا ثلاثة أيام في سفح جبل حاملا ذلك الحجر. عرف الملك ون ببكاء الرجل فبعث إليه بمن يسأله عن سبب بكائه، فقال بيان خه: "لا أبكي على بتر قدمي، وإنما على اليشم الذي أُعتُبِر حجرا، والرعية المخلص الذي أُعتُبِر دجالا، والبريء الذي ظُلِم". أمر المالك ون بشق الحجر حيث ظهر اليشم في قلبه وسمي "يشم خهشيبي".

ذاع صيت يشم خهشيبي بين الممالك التي تنافست لاقتنائه، على أن استقر في دويلة تشاو. وعندما علم ملك تشين (221 – 207 ق. م) أن يشم خهشيبي في دويلة تشاو عرض مقايضته بخمس عشرة مدينة من دولته. وقد قبلت دويلة تشاو العرض رئيسيا خشية بطش دويلة تشو القوية. ومن هنا جاءت العبارة الصينية "هام ومستحق مثل خمس عشرة مدينة".

أمر ملك تشين بصنع خاتم من ذلك اليشم، وهو ذات الخاتم الذي قدمه أخر ملوك تشين إلى ليو بانغ، أول إمبراطور لأسرة هان الغربية (206 ق. م – 26 م). في أواخر فترة أسرة هان الغربية، وبسبب النزاعات الإمبراطورية فُقد جزء من ذلك الخاتم، فأصلحه الحرفيون بقطعة من الذهب، فدشنوا بذلك حرفة فنية جديدة هي ترصيع اليشم بالذهب، وهي الطريقة التي صممت بها أولمبياد بكين.


الفضائل الخمس لليشم

من بين آلاف أنواع الأحجار ثمة مائة منها توصف بأنها يشم. وحسب كتاب ((شرح ودراسة مبادئ تكوين مقاطع الكتابة))، وهو أول معجم للصينية جمعه شيوي شن خلال فترة أسرة هان الشرقية (25 – 220 م)، "اليشم، وهو أجمل الأحجار، يجسد خمس فضائل". وهذا يعني أن الأحجار الجميلة فقط التي يمكن أن تسمى باليشم هي تلك التي تتسم بخمس فضائل. بيد أن معايير تحديد ما إذا كان الحجر جميلا أم لا، أو ما إذا كان جميلا بما يؤهله ليكون يشما، تغيرت مع تطور المجتمع والطاقة الإنتاجية والأفكار ومقاييس الجمال والطلب في السوق. وقد صارت الأحجار التي كانت تستخدم في الماضي لحرق الجير وتعبيد الطرق وبناء البيوت، توصف حاليا بأنها يشم، بفضل ملمسها الناعم أو خلفيتها التاريخية.

تعرف على الصينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن