إكمال الجزء الأول

4.7K 114 7
                                    

احتقن وجهه وكأّن راسه قدر يقلي بالدماء،قرر الانتقام من الفرس البيضاء،فهو يراها السبب في عرجته لأنها أسقطته أرضاً قبل ثلاثه شهور،كانت تلك هي المره الاولى التي يركب فيها الخيول،لم يستجب لنصيحه زوجته الّا يفعل،فهو لايحسن ركوب الخيل،كما أنّ تلك الفرس جامحه،لكنّه صمّ أذنيه ولم يستمع لكلامها،حتى أنه صفع زوجته بقوّه،فشقّ القرط أذنها،وإتهمها أنها تضمر له الشرّ تماما كما كان يظن ويرتاب أنّ أحد جيرانه يفعل،ولمّا رمته بنظرة إرتياب وكانت تعلم أنّه قد قتل جاره هذا في الخفاء،إنهال عليها بالضرب حتى تورّم وجهها.
$أحياناً ناتقي بقلوب كالصّخور بل هي أشد قسوه،يبتلينا الله بها في تلك الحياه،ولولا قسوتها وضراوتها ما عرفنا قيمة القلوب الرحيمه التي تحنو علينا فتطفئ لظى النار التي تشتعل في قلوبنا بسبب هؤلاء القساه$.
كانت المهور الأربعه تئن وتنوح بينما أعينهم تُراقب ما يحدث لأمّهم،فقد أضرم صاحبها النيران في الحطب تحت قوائمها للتو، نظرة المهور متجاوزة أهل القريه المحلقين حولهم إلى حيث كانت النار تكاد تلتهم قوائم أمهم، صهلت المسكينه وأخذت تتواثب في مكانها إثر لسعات لهيب النار والحطب يطقطق تحت حوافرها،دار تساؤل في رؤؤس جميع الحاضرين،لماذا يحمل هذا الرجل العداء والضغينه تجاه الجميع؟.جيرانه،وأهل بيته،وحتى خيوله! أخذوا يحدقون تجاهه بشيء من الرهبه والخوف.
صعد أحد الشباب فوق سطح داره،كان يتلثّم بوشاح أسود،وقد لفّ رأسه بشال من الصوف،كان له عينان زرقاوان وكأنهما بحران رائقان هبت فيهما عاصفه هوجاء،غضّن حاجبيه ووضع سهما في كبد قوسه،وأغمض عينه اليسرى ومال برأسه قليلا،ثم سحب السهم إلى الخلف بيد من حديد،وتنفس ببطئ ثلاث مرات كما علمه أبوه،ثمّ صوّب السهم نحو قلب الفرس مباشرةً،أراد أن ينهي حياتها سريعا قبل أن تتعذّب بلظى النار،فسقطت صريعةً في الحال،وتدفّق الدم من جرح قلبها فأصفأ الحطب تحتها،وقف صاحبها يصرخ حنقاٍ وغضباٍ،تلفّت الحضور بحثاً عن الرامي،لم يعثروا له على أثر،زمجر صاحبها وتوجّه وهو يدق الأرض بخطوات غاضبه نحو المهور الأربعه،سيحرقها الآن واحداً تلو الأخر،تبا لمن قتل الأم!
أمسك بأول المهور وجذبه بقسوه،كان يجره جراً نحو الحطب ليعيد إشعاله من جديد ويحرقه،والمهر يقاوم ويركله،رفع المهر قائمتيه الأماميتين ودفع بهما الرجل نحو الأرض فإزداد غضبه،هاج الحضور وماجوا،بدأ أهل القريه يصيحون عليه،أشفقوا على المهر،زمجر الرجل غاضباً وأخرج خنجره ولوح به تجاههم فإبتعدوا عنه، وقفوا يراقبونه وهم يغمغمون.قرر حمل الحطب إلى حيث كانت المهور تتلاصق ببعضها البعض وتتراجع خوفاً منه،ودقات قلوبهم تتعالى وتتواثب في سرعه شديده.
ظلّ الحضور صامتين، أخرسهم الهلع،كانت عصارة الخوف تجري في دمائهم،إدّعوا أنّ الأمر لايهمهم،وأن المهور سترتاح بموتها من شقاء الدنيا،وخاصة ان أمهم ماتت وليس هناك من يحنو عليهم،بحثوا عن ألف عذر لخنوعهم،لم يقدم أحدهم على منعه وأكتفوا بالصّمت،فصاروا شهوداً على جبروته وظلمه،وشاركوه الجرم وهو يرتكبه!
على سطح بيت آخر أطل الشاب ذو العينين الزرقاوين مرة أخرى،وثب بخفه ورشاقه وإقترب،وكان الجميع منشغلين بمتابعة ما يفعله هذا الزنديق بالمهور،فسحب الشاب سهما جديدا وأطلقه على قلب الرجل مباشرةً،واختفى في لمح البصر قبل أن يلتفتوا نحوه،فسقط صاحب الخيول بين النّاس ولفظ أنفاسه الأخيره،تزايد الزحام حول جثته،ثمّ انطلق أهل القريه يبحثون عن الرّامي فوق أسطح البيوت،لم يعثروا له على أثر،كان قد نزع اللثام وألقى غطاء رأسه واندسّ بينهم على عجل.
كانت ليله جنائزيه حالكة الجلباب رغم إرتياح قلوبهم لوفاته. خاصة أن الكثيرين منهم زاقوا على يديه صنوفا من العذاب.حتى زوجته تنفست الصّعداء!.فقد أصابها بعاهه مستديمه في عينها اليسرى،إنشغل أهل القريه في دفنه،بينما ساق أحد أبناء هذا الرجل المهور الأربعه إلى الحظيره بيتهم  وقيّد قوائمهم بقسوه،وإنضم إلى باقي العائله ليقوم بدفن أبيه معهم،وهو يعزم على ذبح تلك المهور في اليوم التالي،كان نسخه من أبيه، ورث منه قسوة القلب، وسوء الطباع،حتى ملامحه الغليظه ووجهه المدرج بالحمره،وحاجبيه المتقوسين كشاربيه الكثيفين فوق عينيه الكابيتين،وقد انزوى فيهما الحقد والغلّ لكل نفس تسير أمامه على وجه الأرض.
$الغضب أسر،الخوف أسر،الحزن أسر،وإنشغال الفكر أسر،والشهوات أسر،والرقبه في الإنتقام أثر،حتّام سيظل البشر أسرى! ومتى سيتخلصون من تلك الأغلال؟?$
نشر الفجر ضوءه الحاني على جنبات القريه،تسلل صاحب السّهام إلى الحظيره،وحل أربطة المهور الأربعه،وإقترب بعينيه الرّائقتين من عيني أوّلها،أطال النظر إليهما ثم إبتسم،كانت مقلتاها تبرقان كالمرآه،وتلمع فيها حفنة من الؤلؤ،أخذ يهمس بحنو في كل أذن مهر منهم حتى هدأ كرير صدورهم،فقد كان الأربعه خائفون،ثمّ أخرجهم وركض أمامهم كطفل صغير ليشجّعهم على العدو خلفه،بسط ذراعيه وكأنه يحاول الطّيران،فأخذت المهور تزيد من سرعتها،  ،وتركض،وتركض،سحبت أنفاساً متلاحقه متوتره،ولاحقته ضبحاٍ،وسبقته في عدوها،فكان يتبعها وصدره يعلو وينخفض،سمع صوتاً مدوياً وكأنّه صوت الرعد فأجفل،تكاثفت السّحبُ البيضاءُ فوقهم،ودارت كما تدور اللآلئ وتتدحرج على صفحة السّماء،وتبعثرت وكأنها تشكّل صورةً ما.
إنَّها صورة 《سيرين 》!أمُالمهور الأربعه،ظهرت صورتها كطيف يتهادى،وقد تناثر حوله غبار ملوّن،كان الطّيف يشبهها تماماً كأنّها هي،بيد أن طيفها المرسوم هذا ظهر له جناحان يبدوان كرجفة على وجه  السماء،
وكأن السحاب الحاني أراد أن يخفف على أبناء《سيرين 》الأربعه!
أطلقت المهور صيحة فرح تردد صداها في أرجاء الغابه
التي دلفوها خلف هذا الشاب،إصطكّ الرعد فجأه،
وإنقدحت الروق المتواليه في السماء،و بلل المطر الهتون ظهور المهور،فإنتفضت أجسادهم وكأنّهم أصيبوا بصاعقه،وبرز من جانبي كلِّ مهرٍ منهما جناحان،وحلّقوا خلف تلك السحب في السّماء،فشهق الشّاب وإتسعت عيناه من فرط الإندهاش،حدّق كالمشدوه في المهور وهي تدور فوق رأسه بجناحيها،وكأنّها تودعه وتشكر له رفقته بها،ظلّ على حاله وعيناه الزّرقاوان تدور معها في أفلاك السّماء،أشرف على الجنون، فأخذ يقهقه وحده،وعندما إختفت المهور الأربعه،جلس يمسح جبهته وإسترسل في التفكير.
مزيج من الشوق والحنين كان يعتمل في صدره؛فهو يشتاق إلى والده،كان لابدّ من القصاص من هذا اللئيم،
فقد كان الشاب واثقا ان ثمّةَ شيء يجب القيام به،فقد تأكّد أن جارهم الغليظ هذا هو من قتل والده بعد أن أذاقه صنوفاً من التعذيب بسادّيته المفرطه،فقد أخبرته زوجة هذا الكأفون بما حدث،ودلّته على قبر أبيه وهي تبكي،ودّ لو كان له جناحان يحلق بهما ويبتعد كتلك المهور المجنّحه،فهو وحيد،لا أم،ولا أب،ولا شقيق،ولا صديق،كان يتوق للذة الهرب إلى كون آخر،وعالم آخر،
ليلقي بأوجاعه ويبعثرها في الهواء،ويتخلص من غبار الذكريات المؤلمه،جلس قرابة الساعه حتى إرتفع قرص الشمس في كبد السماء،هز رأسه وكأنه ينفض ما علق به من خواطر،وعاد إلى القريه بعد أن أخفى قوسه وسهمه تحت شجرة بلوط عتيقه.
وفجأة،أطل عليه حشد من أهل القريه،أشار أحدهم تجاهه وهم يقتربون،وصاح قائلاً:
-هو.هو القاتل إقبضوا عليه.
إستدار الشاب وأطلق العنان لساقيه،كان يركض وهو يكاد يسابق الريح التي تلفح وجهه،يكاد يخرج من إهابه من شدة السرعه،والأفكار تتناطح في رأسه كالبروق المتواليه،من شدّة المفاجأه لم ينتبه لركضه نحو هاويه سحيقه بالمنطقه الجبليه،التي خرج من الغابه مسرعا تجاهها عندما رآهم يطاردونه،لو لحقوا به سيقتلوه ولو قفز سيموت!
شُلَّ عقله عن التفكير،سيتوقف ويدافع عن نفسه،وسيحاول الهرب من تلك القريه الظالم أهلها، توقف رغما عنه فإنزلقت ساقه بسبب ثقل جسده وهوى ساقطاً بسرعه شديده وهو يصرخ نحو أسفل الجبل،أغمض عينيه وإستسلم لمصيره،وقلبه يخفق بشدّه،فإصطدم فجأه بجسد دافئ فتعلق به،فتح عينيه فوجد نفسه على ظهر أحد المهور الأربعه،إلتقطه المهر بحركه خاطفه،وإرتقى به نحو السّماء،ذهل أهل القريه وهم يراقبونن الشاب وهو يبتعد مع المهور الأربعه،وهم يحلّقون بأجنحتهم خلف السحب البيضاء، ولم يعودوا لهذا المكان أبداً.
○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○
كيف كان البارت؟
أي كتابه بتعجبي لحنان لاشين ،مثل حكمه قالتها ،بضغ$في بدايتها ونهايتها
البارات كان طويل ١٢٠٦ كلمه،

كويكول للدكتوره.حنان لاشينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن