وكلما ازددتُ تأملا في هذا الذنـَب الجبار زاد أسفي لعجزي عن وصفه. فله في بعض الأحيان حركات وإيماءات صوفية لا تـُفسًّر، وإن الحوت حقا يتحدث بهذه الوسائل إلى الكون في ذكاء وفطنة. وحركات الحوت كلها حافلة بالغرابة، فكيفما أخذتـُه بالتحليل والتشريح لم أتجاوز في العمق سُمك بشرته! فأنا أجهله وسأظل أجهله أبدا. وإذا لم أعرف حتى ذنـَبه فكيف أفهم رأسه؟ ثم – وهذا أبلغ – كيف أدرك وجهه حين لا يكون له وجه؟ ويبدو لي أنه يقول: سترى أجزائي الخلفية، سترى ذنـَبي، أما وجهي فلن تراه! ولكني لا أستطيع أن أستبين أجزاءه الخلفية تمام الاستبانة، ومهما يقل هو عن وجهه فإني أقول ثانية أنه لا وجه له.
_موبي ديك