كانت ليلة قاسية جدا عليَّ وعلى اخي الصغير
مسكين هذا الصغير لايعلم ماذا حدث لأمهِ المُحبة .. لا يعلم اني من كان يحمينا من بطش ذاك الوحش قد ذهب .. ولن يعود ابداًامضيت اليوم كله داخل الغرفة مع اخي
اعددت له الطعام واحضرت له الشراب واعتنيت به كما يجب
جاك: كريس ولكن اين امي فهي من تفعل هذا عادة؟
اهدئ جاكي الصغير ، ان أمنا ذهبت في رحلة بعيدة قد تطول
جاك: ولكنها لم تودعني ولم تقبلني كعادتها ياكريس
لقد كانت مستعجلة جداً يا أخي
هيا تناول طعامك وشرابك وارتدي ثيابك وحضر اغراضك كلها
ففي المساء سنذهب
سنذهب للمدينة سنعيش هناك
جاك: ولكن ماذا عن ابي ؟ الن يمانع؟
لاعليك به ، لقد سمح لنا بالذهاب
جاك: حقاً؟ هل سمح لنا بالذهاب؟ ولكن ان ذهبنا نحن وذهبت امي
اذن من يبقى مع ابي؟
لاتقلق يا اخي ابي سيذهب ايضاً
جاك: الى امي؟
لا سيذهب لمكان على عكس مكان امي
جاك: حسنا سأحضر اغراضي كريس
اقتصد بها ياجاكي لانريد الكثير فرحلتنا طويلة
جاك: حسنا كريس .تركت جاك في الغرفة بعدما نهيته من الخروج منها وبعدها ذهبت للمطبخ .. اي مطبخ ليش لدينا مطبخ حتى
احضرت من المكان الذي كانت تطبخ فيه امي سكينا كانت تقطع به الطعام
امسكته بيدي الصغيرة المرتجفة ورأيت انعكاس وجهي عليها
لقد كانت تلمع بشدة
كانت امي تمسكها دائما وتعد لنا الطعام بها
اما الليلة، فسيتذوق ذاك الوحش طعم هذه السكنلم افكر باي موضوع اخر .. لم افكر بالعواقب .. لم افكر باي شيء
كان رأسي الصغير قل امتلئ بشيء واحد
الانتقام من ذاك الوحشاخذت السكين ووضعتها تحت ثيابي حتى لا يراها اخي ورجعت لمكان موت امي
كانت قلادتها المفضلة على الارض
قلادة دقيقة تحمل قلبا فضيا كُتب عليه ( الحب هو كل شيء)اخذتها وشممتها ، لاتزال رائحة وعطر امي عليها
اخذتها ووضعتها في جيبيوذهبت للغرفة لأعد اغراضي .. بعض اشياء احتاجها للرحلة
بعض الدولارات التي كانت امي تدخرها وايضا سرقت بعض اموال ابي لأنيي اعرف اين يخبأها ذاك الوغدكان جاكي الصغير نائما بجانب امتعته الصغيرة
فتحت حقيبته ووجت فيها اغراضه الصغيرة وبعض الالعاب وقطعة شوكولاتا وورقة رسم عليها عائلته
حسناً كانت مجرد خربشات لكنه يراها رسمة جميلة
وكعادته .. رسم امي مبتسمةعند حلول المساء
انتظرت ابي ليعود للبيت ، وذهابه لغرفته ورائحة الكحول تفوح منه وتملئ المكان كله
ذهب لغرفته مباشرة وهو يترنح ، كانت سببا مساعداً لقتله
ولكنني اريده ان يعاني لا أريده ان يموت ميتة كهذه
ميتة رحيمةانتظرت قرابة الساعة من دخوله حتى سمعت صوت شخيره المزعج
لا أصدق كيف تحمل امي شخيره كل هذه السنين
ولكنني تذكرت انها لا تنام بجانبه اصلا
كانت تنام على الارض وليس بجانبه ولا حتى في غرفتهبعدها خرجت من الغرفة حيث جاكي نائم
وذهبت خارجا اسفل شجرة التفاح
حيث دفنت امي الجميلة ، امي التي لم ترى شيء من حياتها
امي التي قاست كل انواع العذاب والاهانات
اخذت القلادة وقبلتها وكتبت على جذع الشعرة
"ابنكِ المُحب ، جاك"
وبعدها نمت بجانب امي للمرة الاخيره ، بقيت بضع دقائق ثم بعدها رجعت للكوخدخلت من الباب وكلي عزم على فعلها ، الانتقام من ذاك القاتل
اخرجت السكين وامسكتها بيدي الاثنتين المرتجفتين وذهبت باتجاه غرفته المشؤمة
فتحت الباب والخوف يملأني ، هذا الوغد هو من حرمني من امي هو من حرم جاكي من حنان امهِ
تقربت منه ببطئ وخوف كبير حتى اصبحت فوقه مباشرة ، ذاك الوجه القاسي البشع كثير الندوب
ورائحته الكريهة كادت تقتلني
لا اصدق كيف ينام بهذه السهولة وقبل يوم كان قد قتل نفساً زكيةامسكت السكين بيدي ورفعتها للاعلى ، وتذكرت امي وتذكرت كل ايامي معها ، تذكرت حنانها وعطفها على الكل
تذكرت هذا الرجل النائم امامي ، ابي الوحش
لم يحبنا قط لم يجلس معنا قط
لم يمر يوم الا وضربني واهانني واهان جاكي
اما امي فكان لها النصيب الاكبر
لم يمر يوم واحد ابداً قال فيه كلمة طيبة لي او لأمي التي احبتهثم رددت " من اجل امي "
ففتح ابي عينه ببطئ ليعرف مصدر الصوت ونظر لي وكان لايعلم ماذا يحدث
ماذا افعل في غرفته وماذا افعل فوقه ولماذا احمل ذاك الشيء
لحظة! انها سكين!!
لم امهلهِ لحظة واحدة
وضعت السكين بكل ما أُوتيت من قوة في قبله الميت اصلا
تدفقت الدماء منه كأنها نافورةونظر لي نظرة المصدوم الذي لايعلم ماذا يجري
لم يتحرك حتى
فقط مات بسهولة ورأيته للمرة الاخيرة
رأيت عينيه القاسيتين بعيني التي كانت متحدية لهاخذت امواله من جيوبه كلها وكان في جيبيه خاتم زفاف امي
اخذته فهو لا يستحق ان يبقى معه
وبصقت عليه وخرجت من الغرفة التي امتلأت بالدماء واصبح سريره الابيض كله دماً
اغلقت الباب بقوةلا تلوموني على فعلتي ، فلم تعيشوا حياتي
على صغر سني ، الا انني عانيت الكثيرذهبت بسرعة لغسل يدي من الدماء القذرة
وبعد ان انتهيت ذهبت لجاك واخذت اغراضي وايقظتهجاك : هل حان وقت الرحيل؟
نعم يااخي الصغير
جاك: وهل ذهب ابي؟
نعم قد ذهب
نهضنا نحن الاثنين بسرعة وحملت اغراضه والبسته معطفه وخرجنا من الكوخ للمرة الاخيرة
نظرت للشجرة وودعت اميذهبنا لمكان وقوف الحافلات وانتظرنا حتى تأتي حافلة لتقلنا الى محطة القطار
لنذهب للعاصمة نيو سيتي حيث مركز ايواء الايتامواتت الحافلة وصعدنا فيها ووذهبت بسرعة
نظر جاكي من النافذة للكوخ وقال:
وداعا بيتنا، وداعا العابي ،وداعا ارجوحتي ،وداعا اغراضي، وداعا ابي ،وداعي امي
لاتقلقوا سنعود قريباحسناً جاكي ربما لن نأتي ابدا
وبعدها احتضنني ونام الملاك....
أنت تقرأ
الهروب مستحيل
Acciónليست مجرد قصة خيالية ، انها تجسد حياتك وحياة الملايين ، مجرد قرائتك لها ستغير نظرتك للحياة. قصة النضال هذه هي واجهة لحياة الكثير ممن حاولوا التغيير في هذا العالم البائس .