٨

586 37 1
                                    

ركبت وكان عدد الرُكاب لا یتعدى أصابع الید كانت تُراعي عدم الجلوس بجانب الرجال فجلست بجانب إمرأة عجوز ، إلا إن
المُقابل لها كان رجُلاً ، بل شاباً تحدیداً ، الذي جذب نظرها هو الكتاب الذي كان یحملهُ حاولت التظاهر بعدم الاهتمام إلا إنها كانت
متشوقة لرؤیة إسم الكتاب ، لقد قرأتهُ بالفعل ، إنه كتاب الطریق الى الله للشیخ البحراني ، سُبْحَان الله كُنت قد أنهیتهُ قبل شهر تقریباً
، قالت في ذاتها ثم أطرقت رأسها مانعةً نفسها من معرفة ملامح الشاب أو هیئتهِ وباقي التفاصیل .
وعند الوصول إلى منطقة سكنها ، لاحظت إن الذي كان جالسا أمامها نزل من سیارة الأجرة أیضاً ،
في الطریق حصل شيء لم یَكُن في الحُسبان .
إتصال هاتفي كان المُتصل بأسم "عمي العزیز" لم یبقَ الا القلیل وتصل إلى المنزل ، حدثت ذاتها : یا تُرى هل أرُد أم أنتظر حتى
الوصول بیتُنا ، حسناً سأرُد رُغم إنه فعل غیر مُستحسن أن تتحدث الفتاة على الهاتف في وسط الشارع ، لكنها ضرورة حقاً ،
أجابت وسألت بلهفة: عمي مالذي یحصل لمَ لا یرد أحدكم؟
فأجابها: عزیزتي زهراء ، بینما فاتن كانت تعمل في الصالون تعِبت وسقطت فجأة والآن نحن في المشفى لأجل الفحوصات قد نفقد
الجنین رُبما ! قالها بِحُزن ثم ساد الصمت ،
توقفت زهراء مصدومةً في وسط الشارع وفجأة لم تشعُر إلا بقوة جبارة تحُركها عن مكانها وتتركها مرمیةً على الإسفلت مُبعثرةً
أغراضها وهاتفها أمام عینیها لم تفهم ما جرى للحظة ،
هل هكذا الشعور عِندما تخرج الروح من الجسد أم ماذا
لماذا لا أشعر بشيء ؟ ولا أرى شيء ، الظلام فقط .. قالت هذا زهراء ثم أغمضت عینیها وكان آخر شيء رأته قبل الظلام هو وجه
أحدهم كان نوراني جداً شعرت بأنهُ سیدُها المهدي فقد بدا مألوفا جداً لِروحها ،
كان هذا الإحساس هو أكثر شيء مُتأكدة مِنْهُ فالكثیر قالوا إن الإمام لا یترك شیعته في المصاعب والمِحن
وإذا بصوت أحدٌ آخر وهو ینادي : أختي هل أنت بخیر ، هل تسمعیني ثم تفحص عینیها ونبضها .
"لا تقلق یا سیدي الان هي بخیر لقد فعلنا اللازم وفِي أي لحظةٍ من الآن ستستیقظ " سمعت هذا زهراء بصوت رجولي
حاولت فتح عینیها شعرت بهما متورمتان وكذلك یدها الیسرى ووجهها ،
ألم في القلب ، وألم في الجسد ، بعد عناء فتحت عینیها ،
ما هذا إنه عمي ، الحمدُلله لكن أین أنا مالذي حصل یا ترى ، قالت زهراء في ذاتها مُتسائلة
ثم إنتبه علیها عمها وتقدم نحوها : الحمدُلله على سلامتك ، أقلقتنا عَلَیْكِ حقاً
زهراء: شكراً لَكَ ، لكن مالذي حصل لي یا عمي لا اذكر شي حقاً سوى إني وقعتُ أرضاً ، ثم سمعت احدهم یتحدث معي وبدا لي
صوتهُ مألوفاً ، ثم أین هي فاتن وما حالها ،
ولم تذكر لَهُ الجُزء المُتعلق بسعادة قلبها وحضور سیدها عِندَهَا ، كانت مؤمنة بقول السید القاضي (ره) : من قال لم یصل ومن
وصل لم یقُل !
العم: لقد إصدمت بكِ دراجة ناریة وترككِ راكبها مرمیةً على الارض ثم هرب ، ولكن لحسن الحظ إن "علي" إبن جیراننا كان قریبا
منكِ فجاء بكِ الى المشفى وَنَحْنُ كُنا هنا اصلاً ،
أما فاتن فقد أمرتها الطبیبة أن لا تتحرك مُدة شهرین لان الجنین متحرك من مكانه .
زهراء : الحمدُلله حقاً یستحق الحمد أنا راضیةٌ حقاً بما حصل لي المهم إن الجنین بخیر ، أما علي فحقاً إنه رجلٌ شریف !
رغم إنه لا یعرفني فقد أنقذني من هُناك ، كثر اللهُ من أمثاله ، عمي یستحق أن نشكرهُ حقاً فمن لم یشكر الخلق لم یشكر الخالق ،
قالت هذا ولم تعلم بأنه نفس الشخص الذي أسآءت بهِ الظن الأسبوع الماضي !
العم: أجل یا بُنیتي ، الحمدُلله ، سأجمع أغراضكِ ونغادر بعد ساعة ، الآن إرتاحي قلیلاً بینما أذهب لأتحدث مع علي فهو في قلق
أیضاً ، ولربما نأتي مع الطبیب لیُكمل التقاریر الطبیة بعد قلیل لیكُن بعلمكِ
أومأت زهراء برأسها مُبتسمة ، ثم حاولت تعدیل حجابها بیدها الیُمنى ، لم تكن تعلم ماذا یقصد ب"نأتي" لم یَكُن مهماً وقتها وفجأة ،
طُرِقَت الباب وأجابتها زهراء بأن یتفضلوا ، دخل الطبیب فأطرقت عینیها وحنت رأسها الى الأسفل
بعد أن ألقى التحیة وسألها عن حالها لم تكن تُجیب إلا على قدر السؤال ، ودخل بعده عمها ومعه شخص
فطلب منها عمها أن تشكُر علي الذي كان بجانبها ، رفعت عینیها لا إرادیاً ، فأتسعت عینیها رُغم تورمهما
ماهذا یبدو إن الیوم لا یُرِید أن ینقضي ، یا الهي ما هَذِهِ المُصادفة ! ألیس نفس الشاب السيء في كُلیتنا ؟
وهذه الملابس نفسُها ملابس الشاب الذي كان یقرأ كتاب "الطریق الى الله" ، حقاً إنه هُنالك سوء فهم ، من المُستحیل أن یكون سيّء
وجید في آنٍ واحد ! كما إنه لم یرفع عینیه من الأرض ، حصل هذا الحوار في عقلها بعدة ثوانٍ بعد أن أخذت نفساً عمیقاً ، قالت :
شُكراً جزیلاً أخي ، أسال الله أن یحفظكم ،
فأجابها سریعاً وكأنهُ یُرِید الهرب : الشُكر لله لم نفعل سوى الواجب یا أختي

رواية أحبكُ بروحي(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن