الفصل الأول

522 11 1
                                    

لأن كل الحروب قد تُنسی، وكل الأسباب التي أدت إلی وحدتنا قد لا نذكرها في المستقبل، لهذا فقط شرعت في تدوين ألمي حتی لا اجدني مُدان أمام نفسي في أحد محاكمات جلد الذات التي افرضها عليّ كل ليلة.

اليوم، وبعد فترة طويلة جدًا من مراقبة العصفور الذي يسكن غصن الشجرة الشاخصة أمام عينيّ في كل يوم، اليوم فقط بدأ ذلك العصفور جولته الأولی في تعلم التحليق، شعرت بتعثره وتوتر جناحيه، وجدته يجاهد في مقاومة الجاذبية الأرضية وتيار الهواء المعاكس لحركة طيرانه، ولأنه في الحياة كغر لا يعرف أن العالم غير منصف وقاسي، هوی من مسافة قريبة علی الأرض، ولأنني كنت مثله في يوم ما قفز قلبي من بين ضلوعي من الخوف عليه، ولكنه، كفتی عنيد، وقف علی قدميه التي بالكاد ألمحهما، ومرة أخری حاول التحليق، وحينما نظرت لعشه القابع علی الشجرة اليتيمة في الحي وجدت أمه -او أبيه- يقف علی الغصن مشجعًا، فطار مرة أخری، حلق عاليًا، واختل توازنه، ولكنه حاول الهبوط ببطء، وبثبات علی الأرض، وقبل أن يصل وجدت قط جائع ينتظر هبوطه سالمًا، وفي لمح البصر انقض عليه واحكم أسنانه علی أجنحته وفر سريعًا تحت سيارة مركونة بجانب الرصيف.
بات لي الأمر واقعيًا بشكله القبيح، استرقت النظر من القط فوجدته يمزق العصفور ويطعم اطفاله الجياع، فنظرت لغصن الشجرة فوجدت العصفور الساكن عليه يقف ساكن كالغصن، وبدا لي وكأنه لا يعرف الحل.
فكرت أن أحدثه عن قسوة العالم وعن أكل القوي للضعيف، وعن ظلم الحياة للأمليين في التحليق والارتقاء عاليًا، عن شعور الوحدة الذي سيشعر به في وحدته، وعن شعور الفقد الذي سيؤلمه، وعن الثقة والأمل في الحياة الذي سينعدم لمجرد رؤيته لهذا المنظر القاسي، ولكن العصفور بدا لي واهنًا ويأسًا أكثر من الطبيعي، يحتاج لأكثر من كلمات مواساة لتعزيته، فقررت تركه وحده، عله يتعلم في أيامه الباقية أن الحياة تحكم علينا جميعًا أحكام قاسية، وتُلقي بنا في الوحدة واليأس رغمًا عنا.

أنا لا أنضم لهؤلاء و لا أتفق مع أولئك, ولا يمكنني تبّني مواقف قوية و حاسمة تجاه مختلف الأمور. أنا أسير تائهاً لا أعلم وجهتي ، حياتي كعادتها حيرة , فأنا عالق بمنطقة لا أستطيع وصفها, أنا عاجز عن تسمية الأشياء, و عاجز جداً عن وصف مشاعري.

، أصبحت أكثر ثقلاً . لا أهتم فعلاً بكينونة أى شخص.. و اريد أن يتركونى الناس لأستمتع في سلام بتسكعي اللامبالي هذا .
لدي رغبة في الركض بعيدا ، ولكن لا أستطيع ، ، جسدي مرهق ، وأنفاسي تخرج بصعوبة من كهف ذلك الانسان الذي يثقلها بآلامه ،

يوماً ما سوف اجد من ينتشلني من تلك الأرض التي لم تعد تريدني ، سأجد فتاة تحتضنني بقوة وتخبرني بأنها لاتنتمى لهذا العالم

الجو بارد للغاية سأعود إلى منزلي و سأتناول القهوه، ماذا أيضا؟ و أشاهد فيلما ؟؟ و ماذا ايضا افتح الفيس قليلا

مثير للشفقة أليس كذلك؟
حسنا لن أعود للمنزل،
سوف اتجه للحانة المقابلة لمكتبة الكاثدرائية تبدو دافئة.
هناك طاولات لست أشخاص وأخرى لخمسة و أخرى لاثنين، استغرب و اقول لنفسي لماذا لم يضعوا طاولة لشخص وحيد؟ مثلي تماما
حسنا سأجلس على طاولة لخمسة
- يقول لى ، تنتظر أحدا؟
ترددت كثيرا أن أقول له انى أنتظر صديقة و ستأتي بعد قليل. ان لم تاتى سوف اكون احمق
اخبرته أنني أنتظر صديقة
- قال لى رجاءا اجلس لطاولة اصغر ، انت تعلم . ستمطر بالخارج وسياتون الناس الى الطاولات الأكبر
- حسنا
اذهب الى الطاولة الأصغر، سأنتظر صديقتى هنا اذا.

مقهى الغرباء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن