المقدمة

128 12 34
                                    

إنعكاس صورتها بفستان زفافها الفخم في المرآة يثير داخلها مشاعر سيئة سيئة جدا الرغبة العارمة في البكاء و العويل لا تفارق ذهنها إطلاقا تحديدا منذ وافق عمها و هو الولي عليها منذ وفاة والديها في حادث سير و هي طفلة بضفائر مشدودة على زواجها من رجل لاتستطيع النضر في وجهه حتى من شدة خوفها منه
كانت تدرك أنها لن تنال عشقا مجنونا حيث يحملها و يدور بها وسط الزحام أو يركض معها تحت المطر لاكن (قاسم ) هذا كثير عليها
أليس من المفترض على العروس في ليلة زفافها أن تهتم بمكياجها و ثوبها و...... ليلة العمر لاكنها لا تهتم
ما يشد تفكيرها حاليا الحذاء الرياضي المتين و سروال الجينز المخبآن داخل حقيبتها بإتقان في مكان آمن .....ستهرب ....نعم ستهرب من زفافها و لو كان آخر شيئ ستفعله في حياتها
••••••••••••••••••☆•••••••••••••••
يده تعدل أزرار قميصه الأبيض و هو يقف قبال المرآة لم يكن بالوسامة الخارقة خاصة معى المضهر الذي حافض عليه منذ خروجه من السجن بشعره الحليق تماما و لحيته النامية و مايميزه ندبة تمتد من حاجبه الأيسر وصولا لمنتصف خده لربما أكثر مايلطف ملامحه الحجرية عينان خضراوتان تشتعلان عند الغضب كمروج لا نهاية لها يبدو جامد الملامح و هو يرش بعضا من عطره على ثيابه بشكل عشوائي
أصوات الأغاني الشعبية تصم الآذان تمتزج أحيانا معى أصوات إطلاق النار التي يطلقها المهنئون من جيرانه و أصدقائه في مجاملة لعشرة طويلة
هو إبن الحارة الشعبية صاحب السمعة المعروفة قد تكون سيئة بعض الشيئ لاكن هذا لايمنع أنه رجل يحسب له ألف حساب و اليوم يوم زفافه منها
(ميادة ) قد تبدو عادية للبعض لاكنها مبهرة لعينيه شيئ ما في ملامحها الهادئة يشده بقوة دجلة عينيها الواسعة تحرك فيه الرغبة لبدأ صفحة بيضاء جديدة تكون هي البداية و النهاية فيها
الرغبة في إزالة ملامح الخوف الضاهرة على وجهها كلما لمحته و إخبارها بأنه ليس بذالك السوء التي تضنه حين تقف بملامحها الشفافة و نضرات عينيها الصافية تجعله يتمنى رؤيتها كل يوم داخل.... منزله..... قربه.....بين يديه
بعيدا عن الرغبات الحسية لرجل تجاوز الرابعة و الثلاثين من العمر بسجل زواج عرفي لم يدم طويلا بسبب دخوله السجن لعدة سنوات
الأوقات التي تمارس دور الأمومة على إبنت عمها الصغرى يجعله يتمنى بقوة أطفال تكون أمهم و لربما يتمنى خفية جرعة من حنانها لنفسه
لم يهتم كثيرا لطلبات عمها الجشع طالما ستكون له في النهاية أخيرا سيكون له بيت هادئ أطفال كثيرون ربما يملئ ضجيجهم هدوء حياته الرتيب
••••••••••••••••••☆•••••••••••••••
تهادت السكرتيرة الحسناء في مشيتها متوجهة إلى مكتب الرئيس وقبل دخولها ألقت نضرت و تأكدت من شكلها في المرآة المؤطرة فوق مكتبها شعرها المصفف بعناية و مكياجها المختار بدقة وصولا إلى ثوبها الملتصق بجسدها كجلد ثان قرعت الباب برقة لتسمع الصوت الرجولي يدعوها للدخول إلتمعت عينيها بعشق واضح للرجل الجالس خلف المكتب حيث نضاراته ذات الإطار الذهبي تلمع تحت أضواء المكتب الساطعة
: سيد أيمن
: مذا هناك
صوته الآمر الذي يزيدها تعلقا به جعلها تجيب بصوت يقطر غنجا
: لديك إتصال من المنزل والدتك تقول أن هاتفك مغلق
أشار لها بحركة من يده جعلتها تشتاط غضبا قبل أن تعود أدراجها بخيبة بالغة
في حين مد يده لجيب سترته المعلقة على الكرسي
خلفه ليخرج هاتفه الذي كان مغلق جراء نفاذ شحنه على الأرجح وضعه جانبا و دلك جبينه بتعب سيكون جاحدا إذا إشكى فهو ولد و في فمه ملعقة من ذهب أسرة غنية أم متفاتية و أب أورثه إسم معروف في مجال المحامات هاهو يكمل مسيرته لولا إصرار والدته العجيب على تزويجه لقال أنه أسعد رجل في العالم
تأفف بضيق و هو يستعد للإتصال بها و عقله يعد كمية حجج لتأخره لن ترضي السيدة ناهد على الأرجح

هاربة إلى قدريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن