الفصل الخامس

67 8 18
                                    

يتحرك سقف الغرفة جيئتا و ذهابا قرب عينيها المتعبتين دوامة اللا وعي تسحبها لبقعة سوداء تحاول إبتلاعها بلا رحمة حتى أنفاسها تحسها أنصالا حادة تمزق رقبتها بهدوء
كانت تقاوم إغماء وشيكا و كأن عقلها لايصدق مايحصل و حتى جسدها أنكر الأمر و قد تيبس كتمثال حجري في مكانه إرتجفت أوصالها إرتجافة صقيعية وهي تقابل عينيه وقد إبتعد عنها بضع إنشات أغمضت عينيها مجددا وقد سمحت لعبرات حارقة بنزول على جانبي وجهها تطفئان الجمر المشتعل داخلها يداها تقبضان على جلد الأريكة تكاد تمزقه قبل أن تسحب كل طاقتها وهي تدفعه بعيدا عنها
كانت كعنقاء ولدت من رمادها المحترق تيبست الدموع في عينيها و قد غزاها جمود رهيب وقفت قباله غير آبهة بعري جسدها تصرخ بصوتها الذي كان مبحوح متألم و صادق
: هل تأكدت مما أردت
ضحكت ضحكة عالية ساخرة وهي تكمل
: هل تعرف لما هربت لأني كنت أعرف أني سأتزوج رجلا يرى الشرف قطرات دماء
إلتقط أنفاسا بنفاذ صبر و تحرك بضع خطوات حيث قميصه الملقى أرضا يرتديه بإهمال و صوتها لايزال يهدر خلفه
: كنت أعرف أني سأتزوج رجلا لن يجمعني معه سوى الفراش لن يعرف عني يوما ما أحب و ما أكره
إزداد إختناقها و كأن التحدث بما خافته كثيرا أكثر ألما مما توقعت
: رجلا مثلك لن يراني أكثر من أداة متعة
إستدار إليها يرفع جانب شفته بما يشبه إبتسامة و هو يقول
: آخر ماشعرته معك هو المتعة أنت في طريق و هي في طريق
شهقت بعنف و هي تهجم عليه بكل ماسمح به جسدها الواهن صوتها المرتعش يزداد ألما مع كلامها
: لأنك إغتصبتني أيها الحقير
: حقا هل أمني نفسي بأداء أفضل المرة القادمة
تجمدت بين ذراعيه وقد كان أثر كلامه أكثر بشاعة مما توقع إرتجفت شفتيها وصوتها يخرج ميتا بلا ذرة حياة فيه
: أنا لم أكره أحدا في حياتي مثلما أكرهك
تصلب وجهه بعنف وقد كانت الكلمات التي تقولها بالصدق الكافي لتضرب قلبه المتحجر لكنه لم يسمح لأي ذرة مشاعر بالظهور على سطح وجهه بل أمسك خصلات شعرها بعنف يهدر فيها بقسوة
: سخافتك النسوية إحتفظي بها لنفسك أنت زوجتي ملكي أفعل بك ما أشاء و كيفما أشاء
لم يتغير شيءفي ملامح وجهها المحمر ولم تستطع الرد إلا بشهقة بكاء مختنق جعله يزفر بضيق و هو يلتقط فستانها يرميه عليها بلا إكتراث متحدثا بحزم
: تحركي أمامي.....لنغادر
: لما لقد أخذت ماتريد...دعني لحالي الآن
رفع عيناه إليها بتعابير صخرية صوته يخرج بأمر قاطع
: لن أكرر كلامي أكثر
و كأنها رأت في عينيه ندما و بالفعل كان لم يقصد أن تصل بينهما الأمور لهذه المرحلة أن تقف بين يديه و قد إنتهك جسدها بقسوة تقول بكل صدق أنها تكرهه و هو بكل غباء يزيد الأمر سوء
حاول إخراس مشاعر التضامن معها و دفعها من أمامه لتتحرك بلا روح نحو إحدى الغرف
تلك الشياطين التي كانت تشعل مراجيل غضبه تسخر منه الآن و قد أحرق بفعلته أي خيط قد يربط بينهما بود يوما
راقب ظهرها المنحني و هي تختفي خلف أحد الأبواب
تجر قدميها جرا هذا بالتأكيد ليس تخيله عن بداية حياتهم أطلق زفيرا مشتعلا و هو يقر بخطأ فعلته تحرك يلحق بها يقف عند الباب يستمع إلى نشيجها المكتوم و جزء خفي منه يتألم لألمها رغما عنه
و رغم ذلك خرج صوته بنبرة  لاتمت لشعور الذنب الذي يشعر به بصلة
: لن أنتظرك طوال اليوم...تحركي
إرتعد جسدها من نبرة صوته الخاوية و هي تأخذ ثوبا من خزانتها شبه الفارغة و تتحرك بلا إرادة نحو الحمام حيث أغلقت بابه بقوة لم تعرف أن جسدها المنتهك لا يزال يمتلكها
تحت المياه الساخنة و التي إختلطت بدموعها النازلة بلا توقف فركت جسدها بعنف تحاول نزع لمساته عنها ها قد حصل ماكانت تهرب منه
أول لقاء لهم في صالة بيت عمها حين عرفها الأخير عليه و كانت ردت فعله الوحيدة إماءة باردة من رأسه عرفت سيناريو حياتها معه لم ترى نفسها سوى إمرأة معنفة من زوجها خريج السجون تحمل له أطفال سيكونون مستقبلا معقدين بسبب أب لا يحمل لأسرته أي أهمية العلامات المنتشرة على عنقها و صدرها تسخران منها هذا ماهربت منه أليس كذلك ..هاقد حصل 
إنتفضت بفزع من ضربه العنيف للباب غير منتبهة  لسخونة المياه و التي جعلت جلدها شديد الإحمرار
جلست على حافة الحوض بوهن شديد ...ماذا الآن؟ هربت يا ميادة و وجدك... عثر عليك في أيام قليلة ماذا الآن؟.... لربما هذا قدرك و عليك تقبله
إبتسمت بسخرية و هي تهمس
: أهذا قدري حقا ..؟
فتحت الباب لتطالعها قامته المراقبة لها بعينيه حادتين و صوته الساخر يسألها
: ظننتك ستنتحرين
رفعت نظراتها التي تصرخ بكره واضح له و هي ترد بجمود
: خسرت دنياي بسببك ولا أنوي خسارة الآخرة أيضا
لم يبدي إهتماما بكلامها و هو يأمرها بعنف
: إجمعي أشيائك و إلحقيني
إمتثلث لأمره بخنوع أحسه غريبا جعله يهمس بصوت باهت
: لو إمتثلت لأمري أول مرة لتجنبنا الكثير من الأشياء تحركت ترتب الفوضى التي أحدثاها بعيون باكية بلا صوت تطفئ التلفاز تعيد الوسائد لمكانها تلملم قطع الزجاج المكسور و تودع كل ركن في هذه الجنة الصغيرة التي ختمها ذلك الشيطان بليلة جهنمية وضعت الحقيبة الصغيرة قرب الباب و إستغلت إنشغاله بهاتفه لتعود للغرفة تخرج ورقة تخط بعض الكلمات عليها و تضعها على الوسادة
وقفت عند باب الشقة تتأكد من رجوع كل شيئ لمكانه آخر ماتريده أن يحس أيمن بشيئ و يلحقها لربما تأذى من زوجها العزيز الواقف قربها كظلها
مد يده يمسك ذراعها لكنها إنتفضت مبتعدة و هي تقول بشدة
: لا تلمسني
تحرك فكه بغضب و هو يعاود إمساك ذراعها غير آبه بمعارضتها و تلويها بين يديه يدفعها أمامه نحو السلالم و هو يزجرها بعنف
: بحق الله توقفي عن إغضابي
إستدارت إليه تسأل بصوت مبحوح
: حقا و ما حصل على الأرضية الباردة ماذا كان ؟
: كان حقي و أخذته
رمته بنظرة مصدومة و كأنها لم تتوقع أن يكون بهذه الحقارة أنزلت رأسها بإستيعاب متأخر
هذا الحقير زوجها
كانت ذراعها لاتزال بين قبضته حين وقف عند باب السيارة يفتحها و يدفعها بعنف داخلها قبل أن يستدير إلى جهته يدير المفتاح و ينطلق بسرعة
: إلى أين تأخذني
: إلى الجحيم
أسندت رأسها على زجاج النافذة و ظلام الليل الهادئ يغشاها لتغمض عينيها بتعب لقد إنتهى كل شيئ لكن عزاؤها الوحيد أنها على الأقل حاولت
البدايات الخاطئة لعنة لن تتوقف عن مطاردتك ما بقي من عمرك كإختيار وجهة معاكسة لرحلة طويلة طويلة جدا
إنها نائمة جسدها هادئ و أنفاسها منتظمة لقد أوقف السيارة منذ مدة يطالع ملامحها المستكينة إلا من بضع تنهيدات متعبة تغادرها بين الحين و الآخر
مد يده يلامس خدها الدافئ لينزله على طول ذراعها قبل أن يدفعها بخشونة آمرا
: إستيقظي لقد وصلنا
إستغرقت وقتا قبل أن تعي مايحصل كانت تطالعه بجمال عيناها الواسعتان المغشيتان بالنعاس قبل أن تتوسع بصدمة و هي تلتف حولها
: أين أنا
: في منزلك تفضلي ياعروس
نزل من مكانه يقف عند بابها تاركا صوته الساخر يصدح في عقلها يراقب ملامحها الوجلة و هي تطالع أزقة الحي برعب قبل أن ترفع وجهها إليه تقابلها عيناه الخضراء أشار برأسه لتنزل فامتثلت لأمره كالمغيبة
تناظر العدد القليل من البشر الذين بدأو نهارهم بفتح المقاهي و المحالات
: إن أكملت تقييمك للشارع حركي قدميك للداخل
رفعت نظرها إليه تهمس بخفوت
: هل ستؤذيني
إرتجفت حدقتيه من سؤالها المباغت ليجيب بهمس مماثل
: ألم أفعل...و كثيرا
فتح باب المنزل و الذي لم تهتم للتطلع إليه أو رؤية تفاصيله تأوهت بألم و هو يعاود جذبها من ذراعها ناحية السلم لترتقي الدرجات بقلب راجف راقبته يفتح الباب و يقف يراقب ملامحها الباهتة قبل أن يقول ببرود
: أتريدين أن أحملك
تجاوزته إلى الداخل لتصدمها الرائحة السيئة المنبعثة بشدة سعلت بقوة لم يهتم لها و هو يتجاوزها للداخل ينفض الغبار عن أحد الأرائك و يجلس بإهمال و إرتياح
هاهي هنا تقف مرتجفة تطالع أرجاء الشقة الواسعة
بنظرات خائفة مشمئزة جسدها متسمر عند الباب و في لحظة واحدة راقبها تستدير لتدير المقبض بعنف عدة مرات ليقابلها صوت ضحكاته المجلجلة و هو يرفع المفتاح يحركه مصدرا صوتا رنانا قبل أن ينهض بخطوات بطيئة نحوها يراقب ظهرها المتيبس في وقفتها تلك و أصابعها المبيضة فوق المقبض
إقترب أكثر ليقف خلفها تماما يمد ذراعه فوق رأسها و يستند على الباب خلفها لتفاجأه و هي تريح ظهرها على صدره و جسدها يرتخي قليلا ليمد ذراعه يحيط خصرها و هو يجذبها أليه أكثر يستمع إلى صوت أنفاسها اللاهثة و هي تهمس
: لا أستطيع التنفس...أرجوك
مد ذراعه الأخرى أسفل ركبتيها و هو يرفعها بخفة متجها إلى إحدى الغرف يريحها برفق على السرير متوجها نحو  النافذة الكبيرة يفتحها على مصرعيها
يراقب شحوب وجهها الشديد ليتأكد أنها لا تمثل
زفر بصوت مسموع و هو يمسك زجاجة عطر يرش بعضها على وجهها ليزيد سعالها قبل أن تدفع يده بعيدا و هي تجلس تحاول ضبط أنفاسها المرتعبة و هي تطلبه بهدوء
: أريد ماء
راقبته يختفي في الممر لتمرر نضراتها على الغرفة و كل الأدلة تقول أنها غرفتهم أو بالأصح التي كانت ستكون غرفتهم تحركت بضيق نحو النافذة تلتقط أكبر قدر من الهواء النقي تناضر بشرود الحي الذي إنتشرت فيه ضوضاء كبيرة من ساكنيه
: هل ستهربين من هناك
إستدارت إلى صوته الساخر و هو يمدها قارورة الماء لتمسكها بهدوء دون رد و حين طال وقوفها بلا حرك عاد يقول
: إشربي لم أضع لك سما
: ليتك تفعل
قالتها و هي تعاود الجلوس على السرير قبل أن تمده بالقارورة مجددا و هي تقول بتلعثم
: لا أستطيع فتحها
إقترب منها و هو يمتثل لطلبها الصامت و يراقبها تبتلع الماء بلهفة بضع دقائق مرت بينهما بصمت قبل أن يغمض عينيه بتعب على صوت طرق الباب العنيف رفعت نضراتها إليه وراقبت تردده في قول شيئ ما في حين لايزال طرق الباب يزداد حدة تحرك من أمامها بجسد متحفز لينتشر الرعب في قلبها و هي تفكر أيعقل أن يكون عمها
الجدال الذي إلتقطته أذنيها أعلمها أن الزائر إمرأة و قد تأكدت و هي تسمع رنة الأساور الثقيلة تقترب حتى وقفت صاحبتهم عند الباب ترمقها بإشمئزاز واضح
و نضرت عيناها المكحلتان بكحل ثقيل جعلتها تتأكد أنه لم يكذب إطلاقا لقد أحضرها بالفعل للجحيم

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 14, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

هاربة إلى قدريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن